تحديث وإنجاز    أسهم أوروبا تنخفض وسط تكهّنات بخفض أسعار الفائدة الأمريكية    33.75 مليار ريال مذكرات تفاهم واتفاقيات بأول أيام منتدى اكتفاء    دول أوروبية تدعو لتخفيف العقوبات على سورية وإبقائها على الأسد    حرائق لوس أنجلوس.. الوضع لا يزال حرجًا    لاتيغان يوسع الفارق مع الراجحي في رالي داكار    الاتحاد والهلال وبس..!    اختبار أخير لجوميز الأهلي    رئيس وزراء اليونان يُغادر العُلا    «الشعر في عسير».. قصائد تحولت صوراً فوتوغرافية    حارسة المسرح    انطلاق المؤتمر الدولي الخامس للغة العربية    %54 رعاية متخصصة لمراكز السكري    هل ترى «صفقة غزة» النور خلال ساعات؟    اتفاق يلوح في الأفق لوقف حرب غزة    السعودية واليونان.. علاقات ممتدة وفرص واعدة    إثراء الضيافة القابضة تستعرض رؤيتها المستقبلية في مؤتمر الحج 2025 لتحقيق تجربة استثنائية لضيوف الرحمن    مشروع نظام رعاية الموهوبين على طاولة الشورى    "سعود الطبية" تُنقذ 600 مريض يعانون من النزف الهضمي في 2024    فيصل بن مشعل يزور محافظة أبانات ويلتقي الأهالي    نائب أمير منطقة تبوك يطلع على تقرير عن موشرات الأداء التعليمي بالمنطقة    هيئة الهلال الاحمر السعودي بنجران تتلقى 12963 بلاغاً خلال عام 2024    لبنان يختار ال"العون" وال"سلام"    فليك: فخور باللاعبين والجماهير أذهلتني.. وآنشيلوتي بغضب: نستحق الخسارة    حرس الحدود بتبوك تحبط تهريب 77000 قرص من مادة الأمفيتامين المخدر    الشباب والهلال يتألقان في ختام بطولة المملكة للتايكوندو،    وزير الطاقة: العلاقة التكاملية بين قطاعي الطاقة والصناعة محفزة للتنمية الصناعية المستدامة بالمملكة    أكثر من 51 ألف مستفيد للخدمات الصحية بمستشفى القويعية لعام 2024    فيصل بن بندر ومحمد بن عبدالرحمن يعزيان في وفاة بدر بن حشر    ختام مؤتمر مبادرة رابطة العالم الإسلامي لتعليم الفتيات في المجتمعات المسلمة    مفوض الإفتاء "صحة الإنسان قوة للأوطان"    وصول الطائرة الإغاثية السعودية العاشرة لمساعدة الشعب السوري الشقيق    استخدام الجوال يتصدّر مسببات الحوادث المرورية في حائل    الإحصاء: %82.3 من الأطفال في عمر "24 - 59 شهرًا" يسيرون على مسار النماء الصحيح    لبنان: البداية باحتكار الدولة حمل السلاح    الأمير سعود بن نهار يلتقي مدير إدارة المساجد بالمحافظة    1345 دار نشر من 80 دولة تشارك بمعرض القاهرة الدولي للكتاب    بلدية محافظة عقلة الصقور تختتم فعاليات "شتاء قطن" بنسخته الثانية    انخفاض درجات الحرارة على منطقتي الرياض والشرقية اليوم    «واتساب»: اختبار تبويب جديد مخصص للذكاء الاصطناعي    «سهيل والجدي» ودلالات «الثريا» في أمسية وكالة الفضاء    مواد إغاثية سعودية للمتضررين في اللاذقية    المسجد النبوي يحتضن 5.5 ملايين مصل    شبح الهبوط يطارد أحد والأنصار    نغمة عجز وكسل    اعتماد اللائحة التنفيذية لنظم مقاومة التصاق الشوائب    في موسم "شتاء 2025".. «إرث» .. تجربة ثقافية وتراثية فريدة    هل نجاح المرأة مالياً يزعج الزوج ؟!    الذكاء الإصطناعي والإبداع    جميل الحجيلان    السباك    هل أنت شخصية سامة، العلامات والدلائل    المستشفيات وحديث لا ينتهي    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة الأميرة فهدة بنت فهد بن خالد آل سعود    مباحثات دفاعية سعودية - أميركية    أمير القصيم يشكر المجلي على تقرير الاستعراض الطوعي المحلي لمدينة بريدة    الديوان الملكي: وفاة والدة الأميرة فهدة بنت فهد بن خالد آل سعود    القائد الذي ألهمنا وأعاد لنا الثقة بأنفسنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كفرصير تحولها غذاء للأرض . معمل نموذجي للنفايات البلدية في جنوب لبنان
نشر في الحياة يوم 02 - 07 - 2000

التخمير السريع تقنية ناجحة يطبقها معمل نموذجي في بلدة كفرصير اللبنانية لتسميد النفايات العضوية بعد فصلها عن الزجاج والبلاستيك والمعادن التي ترسل لاعادة الاستخدام.
كفرصير، التي يبلغ عدد سكانها 10 آلاف نسمة، هي المكان الوحيد في لبنان الذي لا يعاني من مشاكل النفايات البلدية الصلبة، بعد إنشاء مركز لمعالجة النفايات البلدية هو الوحيد في الشرق الأوسط الذي يستخدم تقنية التخمير السريع dynamic composting technology.
ولت النيران التي كانت تضرم يومياً في الغابات والوديان لحرق النفايات. وانقشعت روائح العفونة وأسراب الذباب التي كانت تعايش أهالي القرية. واليوم، تُحوّل كفرصير 80 في المئة من نفاياتها الى مادة ممتازة لاغناء التربة. انها السماد العضوي.
مركز معالجة النفايات في كفرصير، الذي بدأ تشغيله في أيار مايو 1999، هو "معمل" مساحته 300 مترمربع، يعالج كل يوم خمسة أطنان من النفايات البلدية الصلبة التي تجمع من القرية. وفيه مخمر اسطواني دوار هو الوحيد في الشرق الأوسط، يحتوي على مزيج انزيمي يلتهم الأجزاء العضوية من النفايات التي تدخله وينجز مهمته في ثلاثة أيام فقط. وللاسطوانة ثلاث مقصورات تنقل النفايات كل يوم من مقصورة الى أخرى. وبعد أن تمضي تلقيمة النفايات ثلاثة أيام داخل الاسطوانة، تتحول أجزاؤها العضوية بالكامل الى سماد يمكن استعماله في الزراعات الطبيعية الخالية من الكيماويات.
كيف يعمل المركز؟
عندما تحضر شاحنة النفايات، يتفقد عاملان حمولتها ويزيلان منها المواد الصالحة لاعادة الاستخدام، وهي علب الألومنيوم المرطبات وقوارير البلاستيك المصنوعة من البوليثيلين قناني الشامبو وسوائل غسل الصحون وأواني البلاستيك وسواها وقناني البلاستيك المصنوعة من البوليثيلين تيترافثاليت PET مثل قناني المياه المعدنية والكولا. هذه تفرز وتفرم قطعاً صغيرة وتعبأ في أكياس لارسالها الى مصانع اعادة التدوير والاستخدام حالياً ليس هناك في لبنان من يعيد تدوير الPET. وتزال أيضاً القناني الزجاجية وتقدم الى حرفي محلي يصنع الأواني الزجاجية بالنفخ. وتستعمل العلب المعدنية الكبيرة والصغيرة، التي بقي شكلها حسناً كأوعية لزراعة النباتات، ويأتي مزارعون محليون الى المركز فيجمعونها لاستعمالها في زرع البذور. وتفرز النفايات المعدنية الأخرى وتخزن كي يأخذها جامعو المخلفات المعدنية مرة في الأسبوع.
وما يتبقى هو نفايات عضوية وكثير من أكياس النايلون. والجزء الأكبر من الحمولة اليومية مخلفات غذائية ونفايات ورقية وكرتونية. نحو 90 في المئة من وزن الحمولة نفايات عضوية، وهذا أمر طبيعي في قرية ريفية مثل كفرصير. تفرغ المواد العضوية، ومعظمها في أكياس نايلون، على سير متحرك ينقلها الى خزان تلقيم يحولها الى المخمر الاسطواني الدوار. وتمضي كل حمولة ثلاثة أيام في الاسطوانة حيث تتخمر هوائياً فلا تنطلق منها روائح كريهة. ومن ثم تفرغ على سير متحرك آخر ينقلها الى غربال يتولى فصل السماد العضوي عن النايلون والمواد غير العضوية المتنوعة الأخرى.
وتنتج عن عملية الغربلة ثلاثة أصناف مختلفة من السماد العضوي: صنف خشن يستعمل كفرشة أولية لاعداد قطعة أرض صخرية كي تصبح صالحة للزراعة، وصنفان متوسط وناعم يستعملان كمواد تغني التربة وكأسمدة معتدلة لزراعة أنواع الفواكه والخضر والأزهار حول المعمل. وحقق المعمل نجاحات في زراعة البقدونس والفجل والجرجير الروكا والنعنع والبندورة الطماطم والكوسى واللوبياء وأشجار البرتقال وعدد كبير من نباتات الزينة. وكل هذه المزروعات خالية من أي أسمدة كيماوية أو مبيدات حشرية أو عشبية. والمعمل مؤهل للحصول على شهادة تفيد أنه مزرعة عضوية.
ما مدى سلامة هذا السماد العضوي؟
السماد العضوي الذي ينتجه المعمل يخضع لاختبارات منتظمة. والاختبار EPA503، الذي تفرضه وكالة حماية البيئة في الولايات المتحدة وينظم عمليات التخمير، يسمح بثلاث جراثيم سالمونيلا في كل أربعة غرامات من السماد العضوي الجاف. وتظهر الاختبارات المنتظمة التي تجرى للسماد العضوي الذي ينتجه معمل كفرصير عدم وجود أي جرثومة سالمونيلا فيه، لأن درجات الحرارة والمدة التي تبقى فيها النفايات العضوية في المخمر الاسطواني الدوار كافية للقضاء على السالمونيلا. والمعادن الثقيلة، وأكثرها شيوعاً الكادميوم والزئبق والزرنيخ والرصاص، أقل بكثير مما يسمح به نظام EPA503، ويصنّف السماد العضوي المنتج في كفرصير بأنه "نوعية ممتازة" وفق معايير وكالة حماية البيئة، مما يسمح باستعماله في الأراضي الزراعية من دون قيد أو شرط.
ماذا يحدث لأكياس النايلون والمواد غير العضوية الأخرى التي لا يمكن اعادة تدويرها؟ في مركز معالجة النفايات في كفرصير، يتم طمر أكياس النايلون، ومن ثم تغطى بطبقة من السماد العضوي الناعم، ويستعمل المطمر كقطعة أرض زراعية. وتبذل جهود حالياً لبناء محطة لغسل أكياس النايلون المستعملة، لأن شركة لاعادة التدوير أبدت اهتماماً بالحصول على هذه الأكياس من أجل تقطيعها وتحويلها الى كريات صغيرة ليعاد استعمالها لاحقاً في انتاج أكياس نايلون من مواد معاد تدويرها مئة في المئة.
ليس في القرية أسعد من عدنان ريحاني، شرطيها الوحيد. قال لنا مبتسماً: "كنت أتلقى عشرات الشكاوى يومياً عندما كنا نحرق نفاياتنا مثل القرى الأخرى. لم أكن أعرف ماذا أفعل. كنت أمضي معظم وقتي في الكشف على المكب واسترضاء الناس. لكن كيف يمكنني ايقاف الدخان والروائح؟ الآن انتهت مشاكلي وسارت الأمور على خير ما يرام. من المدهش كيف انتهت مشكلة الجميع بهذه البساطة. اني أذهب الى المعمل كل يوم لأرى ماذا يفعلون هناك".
* ينشر المقال في وقت واحد مع مجلة "البيئة والتنمية"، عدد تموز/آب يوليو/اغسطس 2000.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.