ظهرت خلافات واسعة بين اقطاب الجالية الاسلامية في روسيا وتبادلوا الاتهامات بدعم "السلفيين" الذين تعتبرهم موسكو اعداءها وتحاول تأليب الرأي العام الاوروبي ضدهم. ووجه "المفتي الاعلى" طلعت تاج الدين اتهامات الى رئيس "مجلس المفتيين" واعضائه، مؤكداً انهم يساعدون "سلفيين" يدربون تلاميذ المدارس الدينية على عمليات "ارهابية" في الشيشان، فيما اعتبر مجلس الافتاء ان تاج الدين "انشقاقي يحمي التطرّف السلفي". وفي روسيا التي يقطنها حوالى 20 مليون مسلم، هياكل ومؤسسات دينية، ابرزها الادارة المختصة بالجزء الاوروبي من البلاد، برئاسة راوي عين الدين الذي يرأس ايضاً مجلس المفتيين. ولا يعترف بهذا المجلس المفتي طلعت تاج الدين الذي كان رئيساً للادارة الدينية لمسلمي سيبيريا والجزء الاوروبي من الاتحاد السوفياتي، ثم واجه "تمرداً" اقصاه شكلياً من منصبه، لكنه اعلن نفسه لاحقاً "المفتي الاعلى لروسيا والدول الاوروبية من الكومنولث". والى فترة قريبة كانت السلطات تعترف بالطرفين وتدعوهما الى حضور الاحتفالات الرسمية والمناسبات المهمة، لكن علاقة تاج الدين بالكرملين كانت دائماً اقوى من صلات راوي عين الدين الذي يدعمه محافظ موسكو يوري لوجكوف. ويؤكد الباحث اليكسي مالاشنكو الذي يعدّ من ابرز المختصين في الشؤون الاسلامية، ان كثيرين من أئمة الجوامع ورؤساء الطوائف في المناطق الروسية يحاولون "البقاء على الحياد" ازاء الصراع الذي يعزوه مراقبون الى خلاف على "الجاه والمال". واتخذت التناقضات اخيراً طابعاً بالغ الحدة، بعدما وجه تاج الدين اتهامات خطيرة الى عين الدين، مشيراً الى وجود مدارس دينية تُعدّ "ارهابيين انتحاريين" مثل الذين شنّوا العمليات الاخيرة في الشيشان. وذكر ان مدارس في تترستان تعلّم التلاميذ مبادئ "الاسلام النقي" وتلقّنهم انه "كل من يخالفهم ومن ليس سلفياً هو عدو يُهدر دمه". وأضاف ان راوي عين الدين وانصاره "يساعدون السلفية" على التغلغل في روسيا، متهماً الاول بأنه وراء تنظيم مخيمات صيفية للفتيان يشرف عليها مدربون من دول خليجية. واصدرت شعبة العلاقات العامة في هيئة وزارة الامن الفيديرالية بياناً جاء فيه ان الوزارة "تؤيد قلق المفتي" من اعداد "ارهابيين" في مدارس دينية. واعلنت ان الاجهزة الخاصة ترصد الدعم المالي الذي يتلقاه الشيشانيون من منظمات اسلامية عالمية. الادارة الدينية لمسلمي تترستان نفت بشدة تصريحات تاج الدين، موضحة ان المسلمين في تترستان هم من اتباع المذهب الحنفي الذي "يحترم سائر الطوائف والاديان". وشددت الادارة على ان "السلفية" لم تنتشر في ذلك البلد. ووصف مجلس المفتيين طلعت تاج الدين بأنه "انشقاقي" يؤمّن الحماية ل"التطرف السلفي" في روسيا، مؤكداً انه وقّع اتفاقاً لاستقبال دعاة يُبشّرون ب"الاسلام غير التقليدي" في مقابل 1.5 مليون دولار. واعلن المجلس معارضته "مستخدمي شعارات ومقولات اسلامية" للتغطية على الجريمة، رافضاً استئثار اي طرف بحق "تكفير" الآخرين. ويشير محللون الى ان تفاقم الخلافات وسط الطائفة الاسلامية جاء في اعقاب انشقاق داخل الطائفة اليهودية وفي الاوساط الكنسية الارثوذكسية، ويرى مراقبون ان السلطة تعمد الى استغلال المشكلات الدينية لتصفية حسابات سياسية. وواضح ان تصريحات طلعت تاج الدين موجهة ايضاً الى اطراف داخل روسيا وخارجها، لها صلات ب"مجلس المفتيين" وهو اشار في بيان نقلته وكالة "انترفاكس" الى رفضه الاحتفال بذكرى مرور 1400 سنة على دخول الاسلام روسيا، وقال ان "غزو القوات العربية لدربند قبل 1400 سنة لا يمكن ان يعتمد اساساً لتأريخ الاسلام في روسيا". وذكر ان راوي عين الدين يدعو الى الاحتفال بالذكرى "كي يجعل الاسلام مضاداً للمسيحية، ويعكّر الاحتفالات بالذكرى ال2000 لميلاد السيد المسيح". وتابع ان المسلمين في روسيا يرون ان الذكرى التي ينبغي الاحتفال بها هي تحديداً مرور الفي عام على الميلاد".