بلغت مهمة مبعوث الأممالمتحدة تيري رود لارسن مرحلة حساسة، بعدما رفضت اسرائيل التحفظات والاعتراضات اللبنانية على ثلاث نقاط في خط الانسحاب من جنوبلبنان قبالة مستعمرة مسكاف عام، وعلى حدود بلدة رميش، وقبالة مستعمرة المطلة. وقالت مصادر ديبلوماسية دولية ل"الحياة" إن لارسن عاد من لقائه مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك بموقف يعتبر ان القبول بالاعتراضات اللبنانية على النقاط الثلاث "يعني انكم تريدون اعطاء أراض اسرائيلية للبنان"، لأن الخط الذي سبق للأمم المتحدة ان حددته في خرائطها يبقي المواقع المتنازع عليها ضمن الأراضي الاسرائيلية. ولم تستبعد مصادر مطلعة أن يتجه لارسن الى رفع تقرير الى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان بتحديد نهائي لخط الانسحاب مع احتفاظ الجانب الاسرائيلي بالنقاط الثلاث. لكن الموقف اللبناني سيبقى مصراً على الانسحاب من هذه النقاط، ما يعني ان مفاوضات الانسحاب وصلت الى مأزق. وكان لبنان أبلغ الى لارسن ومعاونيه ان بقاء الجيش الاسرائيلي في النقاط الثلاث التي اعترض على وجوده فيها، يعني ان القرار الدولي الرقم 425 الذي ينص على الانسحاب الاسرائيلي الى ما وراء الحدود الدولية، لم ينفذ. وفي وقت لم يطلب لارسن، الذي عاد فجر أمس الى بيروت، اجتماعاً مع الجانب اللبناني لابلاغه النتائج السلبية لاجتماعه مع باراك، فإنه اكتفى باجراء مشاورات هاتفية مع أنان ومع سفراء الدول الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، ومارس رياضة الجري على كورنيش البحر قبيل الظهر، فيما عقد فريق الخبراء التقنيين التابعين له اجتماعات في مقر قيادة قوات الطوارئ الدولية في الجنوب مع قيادتها لتحديد علامات الانسحاب الاسرائيلي، بما فيها النقاط التي اعترض عليها لبنان. ولخصت المصادر الدولية ل"الحياة" الموقف بأن لبنان "يحدد حدوده مع اسرائيل بشكل مختلف عن الخط الذي حددته الأممالمتحدة ويطالب بتصحيحه أو تعديله في النقاط الثلاث، واسرائيل تقول لنا: أنتم تريدون اعطاء أراض للبنان هي لنا، لأن خط الأممالمتحدة للانسحاب اشار الى انها في مناطقنا، ونحن نقول ان مهمتنا ليست ترسيم الحدود. نحن لا نخوض مفاوضات مع الحكومة اللبنانية ولا مع الحكومة الاسرائيلية على تحديد الخط بل نفاوض استناداً الى تقرير أنان الذي تبناه مجلس الأمن على ترجمة هذا الخط على الأرض... وقمنا بجهد حتى يكون الخط مطابقاً للحدود اللبنانية ونعتبره خط انسحاب لا خط حدود ولسنا وسيطاً بين دولتين في شأن مسألة الحدود". وتابعت: "نحن نفهم الحساسيات في هذا المجال لكن الأدلة والخرائط التي قدمها لبنان الينا متناقضة وإحداثياته عن تصحيحات لخط حدود 1923 غير موقعة من طرفي اتفاق الهدنة أي لبنان واسرائيل". وإذ أشارت المصادر الى تأخر لبنان في اعطاء الأممالمتحدة احداثيات وخرائط تثبت وجهة نظره قبل اجتماع مجلس الأمن الدولي في 23 الشهر الماضي، الذي أقر الخط الذي يسعى لارسن الى التثبت من الانسحاب على أساسه، قال مصدر لبناني رسمي ل"الحياة" ان لبنان يتمسك بحقه كاملاً "في انسحاب اسرائيل من كل الأراضي اللبنانيةالمحتلة على نحو يعيد الوضع الى ما كان عليه قبل الاحتلال". واعتبر "الترويج لمقولة ان مطالبة لبنان بتصحيح الخروقات عند النقاط الثلاث، متناقضاً مع خط الانسحاب الذي حددته الأممالمتحدة، وهو منطق ضعيف خصوصاً انه يتعارض مع حرفية تقرير انان وروحيته، اذ نص على ان مهمة الأممالمتحدة هي تأكيد خط الانسحاب الاسرائيلي بشكل متطابق مع الحدود الدولية، لكن الاممالمتحدة تستخدم مع لبنان حجة كانت رفضتها عندما ططالب لبنان باستعادة مزارع شبعا".