قرر نواب الائتلاف الرئاسي في البرلمان، الذين يمثلون الاغلبية، استجواب الحكومة، خلال الأيام القليلة المقبلة، عن موقفها من زيارة الوفد الاعلامي الجزائري الى اسرائيل، وللرد على تصريحات عن تحملها مسؤولية الموافقة على الزيارة. وقالت مصادر مطلعة ل"الحياة" امس في الجزائر، ان وزير الخارجية السيد يوسف يوسفي سيكون مجبراً قريباً للوقوف أمام أعضاء البرلمان للرد على عريضة رفعها بعض النواب في شأن الموقف الحقيقي للحكومة من زيارة الوفد. ونسبت صحيفة "لوماتان" للسيد علي جري، مدير صحيفة "الخبر" قوله امس، ان الصحافيين الذين يزورون اسرائيل حالياً تقربوا الى الجهات المعنية في الوزارة التي أكدت لهم بأنهم "أحرار ما دام الدستور يضمن حرية تنقل الأفراد والأشخاص" مما يضع الحكومة أمام مأزق صلتها بأعضاء الوفد. وطالب حزب العمال تشكيلة تروتسكية تقوده لويزة حنون، بتسليط الضوء على "الجهات الخفية التي تقف وراء الزيارة رسمياً"، واعتبر انها تندرج ضمن اطار "الديبلوماسية الموازية التي تعودت عليها الحكومة خلال الاعوام الماضية". وفي رد فعل على موقف الرئاسة قرر ناشرو الصحف المستقلة مقاطعة اللقاء المقرر اليوم مع رئيس الحكومة السيد أحمد بن بيتور احتجاجاً على "الحملة التي تشنها بعض مؤسسات الدولة والاحزاب السياسية المشكلة للائتلاف الحكومي ضد الصحافة الحرة". واعتبرت جمعية ناشري الصحف الجزائرية المستقلة في رئاسة الجمهورية "مبالغ فيها" وجددت التأكيد على اقتناع اعضاء الجمعية بأن الاتصالات بين المسؤولين الجزائريين والاسرائيليين كانت منتظمة ومنذ فترة طويلة آخرها "المصافحة التاريخية" بين الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك. وذكر ناشرو الصحف، الذين أوفدوا مبعوثين عنهم الى اسرائيل، بمواقفهم من الصراع في الشرق الأوسط، وأشاروا الى "ان مواقف الصحافة تجاه الشعب الفلسطيني واللبناني والسوري لا تدع أي مجال للشبهات، فالصحافة المستقلة كانت وستواصل دعمها للكفاح العادل لهذه الشعوب من أجل استرجاع حقوقها المقدسة". ووصفت جمعية الناشرين، التي تضم ممثلي عن أربع صحف مستقلة واسعة الانتشار، تصريح الرئيس بوتفليقة عن زيارة الوفد الاعلامي الى اسرائيل ب"الحملة ضد الصحافة" يستهدف اساساً "حرية الصحافة وجميع الحريات الفردية والجماعية في الجزائر". ولفتت الى انها "تبقى يقظة أمام كل المحاولات التي تستهدف تكميم الصحافة". واعادت بعض الصحف مثل "الخبر" التذكير بمسار تطبيع العلاقات مع اسرائيل من خلال ايفاد بعثة من التلفزيون الجزائري في تموز يوليو 1994 الى القدسالمحتلة حيث التقت البعثة مع مسؤولين اسرائيليين تم بعدها رفض استجوابها. كما أشارت الى زيارة السيد كمال رزاق بارة رئيس المرصد الوطني لحقوق الانسان الى اسرائيل العام 1993 لمناسبة اتفاق اوسلو، اضافة الى قرار وزارة الشباب والرياضة الجزائرية العام 1996 الغاء قرار سابق يحظر على الرياضيين الجزائريين اجراء منازلات مع الاسرائيليين. ومعروف ان مسؤولي بعض الاحزاب وبرلمانيين زاروا اسرائيل خلال السنوات القليلة الماضية في اطار جولات استطلاعية، ولم تعلن الحكومة أي موقف مندد بالزيارة. وللمرة الأولى منذ سنوات تعمد صحف جزائرية الى التشكيك في موقف الحكومة. اذ أعادت صحيفة "اليوم" نشر مضمون موقف السلطات السورية الذي عبرت عنه صحيفة "البعث" والذي جاء فيه تشكيك واضح بجدية الموقف الذي أعلنه الرئيس بوتفليقة. ورأت أوساط اعلامية ان بيان الرئاسة الجزائرية كان حاداً، لأن الرئيس كان يريد ان يحتكر مسار التطبيع، الأمر الذي جعله في حرج، خصوصاً ان الخطوات التي كان يجريها سراً وضعت على المحك من خلال زيارة الوفد الاعلامي. وفي موازاة ذلك دانت "التنسيقية الوطنية لمناهضة التطبيع والمد الصهيوني" في الجزائر أعضاء الوفد ودعت الى التبرؤ من هؤلاء "الاعلاميين الجزائريين ومن يقف وراءهم". ورأت بأن هذه الخطوة تندرج ضمن مشروع يهدف الى "تركيع الجزائر". وبادر صحافيون من مؤسسات اعلامية مثل "الشروق العربي" و"صوت الأحرار" الى إصدار لائحة إدانة اعتبروا فيها زيارة الوفد الاعلامي "خيانة كبرى في حق الشعب الجزائري".