يطغى الجانب الاقتصادي والاستثماري على المحادثات التي سيجريها ملك المغرب محمد السادس في واشنطن خلال الزيارة التي يبدأها اليوم إلى الولاياتالمتحدة، حيث سيجتمع مع الرئيس بيل كلينتون ومسؤولين في الإدارة الأميركية والكونغرس، ويلتقي رجال الأعمال الأميركيين بعد غد في نيويورك. وقالت مصادر مقربة من الوفد المغربي إن الرباط ستعرض على واشنطن نحو 20 مشروعاً استثمارياً في قطاعات عدة تراوح قيمتها بين ثلاثة وأربعة بلايين دولار، تشمل مجالات السياحة والطاقة والصناعات التحويلية والاتصالات والصناعة الغذائية وتعبئة المياه والنقل الجوي وصناعة السيارات والمعادن، كان أعدها "المجلس الأميركي - المغربي للاستثمار والتجارة" بالتنسيق مع السفارة الأميركية في الرباط وجمعيات رجال الأعمال والإدارة المغربية. وينتظر ان يزور وفد من كبار رجال الأعمال المغاربة مدن نيويورك وشيكاغو وسان فرانسيسكو الأسبوع المقبل لترتيب عقود الاستثمار التي سيأخذ بعضها صيغة شراكة بين القطاع الخاص في البلدين. كما يبحث الملك محمد السادس مع الإدارة الأميركية آليات تفعيل "مبادرة ازنشتات" التي تهدف إلى إقامة منطقة حرة للتجارة والمبادلات تشمل كذلك الجزائر وتونس، على غرار اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي. ويرغب المغرب، استناداً إلى تصريحات رسمية، في تسريع خطوات تنفيذ المبادرة التجارية التي تسعى إلى جعل المنطقة قبل سنة 2010 قاعدة انطلاق للاستثمارات والسلع الأميركية في افريقيا وغرب المتوسط. وكان السفير الأميركي ادوارد غابرييل من أصل لبناني وصف منطقة المغرب العربي أخيراً بأنها جزء من الاستراتيجية الأميركية لإقامة "فضاء اقتصادي وسياسي متجانس" تستفيد منه الشركات الأميركية لتوسيع نشاطها في افريقيا جنوب الصحراء والبحر الابيض المتوسط. وقال رئيس المجلس الأميركي - المغربي للاستثمار والتجارة السيد عثمان بن جلون رئيس "البنك المغربي للتجارة الخارجية" ان زيارة الملك محمد السادس ستكون لها "نتائج جيدة" في تفعيل الاستثمارات الأميركية في المغرب والتي يقدر ان يصل حجمها العقد الجاري إلى بلايين عدة من الدولارات. وأضاف ان المجالات الاستثمارية المتفق عليها حتى الآن تشمل قطاعات الطاقة وتعبئة المياه وبناء المناطق الصناعية والسياحية والنقل الجوي وقطاع غيار السيارات والصناعة الغذائية والمعادن، بالإضافة إلى قطاع التكنولوجيا الحديثة حيث يرغب المغرب في الإفادة من الخبرة الأميركية في هذا المجال لتحديث اقتصاده ودمجه في العولمة. وينتظر ان يكون موضوع الطاقة ضمن اهتمامات الشركات الأميركية بعدما أعلنت شركة "سكيدمور" اكتشاف النفط في مناطق شرق المغرب، حيث قدرت حجمه بنحو 20 بليون برميل. وتعمل عشر شركات أميركية في مجال التنقيب عن النفط في المغرب. كما فازت شركة "ميشغان انرجي سيرفيس" بصفقة بناء محطتين للطاقة الكهربائية بقيمة 5.1 بليون دولار في منطقة الجرف الأصفر جنوبالدار البيضاء، وبدأت إقامة مناطق صناعية في مدينة الجديدة بالتعاون مع "المكتب الشريف للفوسفاط". وتتنافس الشركة، التي تتخذ من ولاية مشيغان مقراً لها، مع شركات اسبانية وفرنسية وايطالية للفوز بصفقة خدمات الماء والكهرباء في مدينتي طنجة وتطوان بقيمة بليون دولار ضمن كونسورتيوم يضم شركة "وايت ووتر" البريطانية. من جهتها، تتنافس "بوينغ" الأميركية مع "ايرباص" الأوروبية للفوز بصفقة تحديث 24 طائرة في اسطول "الخطوط الملكية المغربية" قيمتها 5.1 بليون دولار، ستعلن نتائجها الشهر المقبل. وتقوم الشركة الأميركية بحملة علاقات عامة في المغرب للفوز بهذه الصفقة التي تعتبرها مدخلاً لتحديث اسطول شركات طيران دول المغرب العربي. كما تشارك "سي بي اس" للاتصالات في مناقصة تخصيص ثلث أسهم شركة "اتصالات المغرب" ماروك تيليكوم العملاقة، وهي صفقة تبلغ قيمتها نحو ثلاثة بلايين دولار تم تأجيلها إلى أيلول سبتمبر المقبل. وكانت الاستثمارات الأميركية زادت بنسبة 70 في المئة العام الماضي، وتقدر قيمتها بنحو 110 مليون دولار تأتي في المرتبة الثانية بعد فرنسا، فيما يبلغ حجم المبادلات التجارية البينية نحو بليون دولار، علماً ان المبادلات الأميركية مع دول المنطقة الثلاث بلغت العام الماضي 628.3 بليون دولار. ويذكر ان العلاقات المغربية - الأميركية تعود إلى عام 1787 عندما وقع البلدان اتفاقاً للتجارة والصداقة أشهراً قليلة بعد استقلال الولاياتالمتحدة الأميركية.