طلب الرئيس اليمني علي عبدالله صالح من وزارة الإعلام التحقيق مع صحافي يشرف على الملحق الثقافي الأسبوعي في صحيفة "الجمهورية" اليومية الحكومية الصادرة في مدينة تعز، بسبب إعادة نشر رواية بعنوان "صنعاء مدينة مفتوحة" للكاتب محمد عبدالولي الذي توفي قبل نحو 30 عاماً، وكان أحد أبرز الكتّاب الشيوعيين في اليمن. وصدرت روايته أوائل السبعينات. وجاء تحرك الرئيس صالح بعد شكوى من الأمين العام للتجمع اليمني للاصلاح السيد محمد اليدومي الذي كان اتصل بالصحافي المحرر سمير اليوسفي وأبلغه سخطه على إعادة نشر الرواية "لأنها تسيء للدين الإسلامي الحنيف وفيها مساس بالعقيدة والقيم الاجتماعية". وكان السيد محمد المجاهد، رئيس مجلس إدارة مؤسسة "الجمهورية" التي تصدر عنها "الجمهورية"، تولى التحقيق مع الصحافي سمير اليوسفي، الذي أكد في محضر التحقيق أن اليدومي اتصل به هاتفياً وهدده برفع القضية إلى أعلى المستويات، وأنه وصف القاص محمد عبدالولي ب"الشيوعي الملحد". وقال اليوسفي في التحقيق، الذي حصلت "الحياة" على نسخة منه، إن إعادة نشر رواية "صنعاء مدينة مفتوحة" جاءت في إطار تبني الصحيفة منذ عام تكريم رواد الأدب اليمني بإعادة نشر انتاجاتهم الأدبية والروائية والثقافية، ومن ذلك رواية عبدالولي، لأنها تعتبر، بالإضافة إلى رواية "الرهينة" للقاص زيد مطيع دماج توفي قبل فترة قصيرة، من أهم الروايات الصادرة في اليمن، مشيراً إلى ان جامعة تكساس الأميركية تدرسها ضمن مقررات الأدب في الجامعة بإذن من أسرة الكاتب الراحل. ولفت اليوسفي إلى ان رواية عبدالولي ليست محظورة في اليمن، بدليل إعادة طباعتها مرات عدة في السبعينات، وحتى منتصف الثمانينات وبموافقة من وزارة الثقافة، وهي تباع في المكتبات العامة. وتساءل "لماذا لم تتم مساءلة وزارة الثقافة والمسؤولين عن النشر، ولماذا تحاكم هذه الرواية في هذه الفترة تحديداً، ولماذا يُتهم مؤلفها بالإلحاد بعد وفاته بثلاثين عاماً؟". واعتبر أن ليس في الرواية أي مسّ بالدين الإسلامي أو بالذات الإلهية "كما زعمت الشكوى"، وان هناك إساءة في فهم سياق الرواية في حلقتها الأخيرة. وكانت الصحيفة نشرت الرواية في سبع حلقات على مدى شهرين، ولم تتلق أي أمر بإيقاف نشرها، لذلك تساءل الصحافي عن "سبب الصمت حتى نهاية النشر إذا كان ثمة ما يسيء للذات الإلهية التي نحن أكثر حرصاً على عدم المسّ بها بأي صورة من الصور وأكثر حرصاً من الشاكين أنفسهم". وخشي أن يفتح القبول بشكوى حزب "الاصلاح" ضد الرواية الباب واسعاً أمام من وصفهم ب"الخوارج الجدد" لتكفير الجميع، قائلاً: "إذا نجحوا سيتحول كل فكر مخالف لتوجهاتهم كفراً"، ومؤكداً "رفض أي وصاية على العقول لأن ذلك يعد خطراً ما لم يكن الكفر بواحاً". وكان مسؤول في وزارة الاعلام، طلب عدم ذكر اسمه، قال إن رواية "صنعاء مدينة مفتوحة" كتبت في دورة زمنية "مختلفة عن هذا الزمن الذي نحن فيه، إذ كان المد الشيوعي قوياً حينها، أما الآن فإن وعي الناس بالقيم والمبادئ الدينية قد توسع وأصبح حيوياً". وأضاف ان "هناك فقرة يمكن أن تُفسر بأنها تسيء للدين في رواية القاص محمد عبدالولي، لكن المؤكد أن صحيفة "الجمهورية" لا تقصد بإعادة النشر الإساءة للدين أو للمجتمع". وتوقع ان تنشر الصحيفة اعتذاراً للقراء في وقت لاحق.