بدأ الرئيس فلاديمير بوتين يتراجع عن موقفه المتشدد من قضية رئيس المؤتمر اليهودي الروسي فلاديمير غوسينسكي الموقوف بتهمة الاحتيال والنصب. وتوقعت مصادر سياسية في موسكو ان يُُفرج عنه قبل نهاية الاسبوع الجاري بسند اقامة ، او بوضعه في الاقامة الجبرية. وصعّدت اسرائيل والولاياتالمتحدة والمنظمات اليهودية ورجال الاعمال الروس وكتل نيابية في "الدوما" ضغوطها على الكرملين للافراج عن غوسينسكي بعدما اتخذت القضية منحى خطيراً يهدد هيبة الرئيس ومستقبل اركان حكمه. وبعدما قال بوتين اول من امس ان رئيس المؤتمر اليهودي "موهوب بالسرقة والاحتيال" ويستحق السجن، اعلن امس في مؤتمر صحافي عقده في برلين انه "شخصياً" يعتقد بأن "القضية تجاوزت الحدود"، وكان يمكن "التعاطي معها من دون اعتقال غوسينسكي". وقال نائب يساري روسي واسع الاطلاع ل"الحياة" ان بوتين سيضطر قبل نهاية الاسبوع الجاري للايعاز باطلاق سراح غوسينسكي بسند اقامة او وضعه تحت الاقامة الجبرية في منزله، للتخفيف من الضغوط التي تنهال عليه. الا ان مراقبين آخرين يرون ان بوتين هو الذي سيتراجع باعترافه بأن المعاملة التي لقيها غوسينسكي لدى مثوله امام النيابة العامة كانت "خاطئة" وسيقيل اسكندر فولتين مدير الديوان الرئاسي الذي يعتبر المحرّض الفعلي على الحملة التي شنّها الكرملين ضد غوسينسكي ومؤسساته الاعلامية والمالية، وربما فصل احد نواب رئيس النيابة العامة المسؤول عن اعتقال رئيس المؤتمر اليهودي. وطالب اركادي فولسكي رئيس اتحاد الصناعيين الروس بوتين بطرد فريق من مساعديه الذين افشلوا اول جولة خارجية رسمية للرئيس بافتعالهم القضية التي قد تنسف الاصلاحات التي بدأها على صعيد ترسيخ النظام الفيديرالي في روسيا. وهددت ايرينا فاكاسادا نائبة رئيس مجلس الدوما الكرملين بأن الكتل الثلاث: "الوطن - روسيا" و"اتحاد قوى اليمين" و"يابلوكو" ستعيد النظر في تأييدها مشاريع القوانين التي عرضها بوتين على البرلمان من اجل تعزيز سلطاته وتقوية المركز الفيديرالي ما لم يفرج عن غوسينسكي فوراً. اما غوسينسكي نفسه فأرسل من سجنه رسالة عبر محاميه الى الرأي العام الروسي قال فيها ان اعتقاله "مؤامرة سياسية حاكها لفيف من كبار المسؤولين الذين يعتقدون ان حرية التعبير في روسيا تشكل خطراً على جهودهم لبناء "روسيا الجديدة"، وهي في نظرهم ليست سوى عودة إلى "النظام الشمولي". وتمنى سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي سيرغي ايفانوف ألا تؤدي "قضية غوسينسكي" إلى القطيعة بين السلطة العليا ونخبة رجال الأعمال. وقال ان مجلس الأمن يعتبر قرار النيابة العامة اعتقال غوسينسكي صحيحاً وان تصرفها جاء في إطار الشرعية. وإذا تبين ان هناك تجاوزاً للقانون في القضية، فإن "اجراءات حازمة ستتخذ في هذا الشأن". وفي واشنطن، قال الرئيس بيل كلينتون ان على الولاياتالمتحدة اتخاذ موقف حازم لدعم حرية الصحافة. وعندما سئل عن قضية غوسينسكي، قال: "لا اعرف الوقائع، ولا اعتقد ان علينا ان نعرفها كلها. لكن يجب عدم اعتقال أحد بسبب عمله الصحافي". أما في إسرائيل، فطالب رئيس الوزراء ايهود باراك المسؤولين الروس بإعادة النظر في اعتقال غوسينسكي. وبرر مكتبه هذه المطالبة بأن غوسينسكي ذو صفة رسمية باعتباره رئيساً للمؤتمر اليهودي الروسي، فضلاً عن أنه يحمل الجنسية الإسرائيلية.