يشكل تحديد معاني الألفاظ مفتاحاً لمختلف العلوم. فعبر هذا التحديد يمكن فهم النص، وهذه الحال المعرفية واجهها علماء الجيل الأول في الإسلام بعد الانتشار الكبير للدين، وكان عبدالله بن عباس من المهتمين بهذا الموضوع عبر مجلسه الخاص في فناء الكعبة. ولكن أول محاولة مكتوبة جاء بها أبان بن تغلب المتوفى العام 140 هجرية، من خلال كتاب يفسر غريب القرآن والسنة ولكن لم يصلنا منه شيء، وكان المقصود من هذا التفسير إعانة القارئين على فهم المراد من نصوص القرآن والسنة، وهو ما دعا الخليل بن أحمد الفراهيدي ت 170ه الى القيام بعمل شامل تحدد فيه معاني ألفاظ اللغة العربية، فوضع معجم "العين" مستفيداً مما تكلم عليه العرب وما ذكروه في أسفارهم، ثم ظهرت بعد ذلك مجموعات كثيرة من المعاجم اتبعت منهجين: الأول يظهر في المعاجم اللفظية عبر تصنيف اللغة بحسب ألفاظها، والثاني وضع معاني المعاجم إذ يوضع المعنى ثم ترد كل الألفاظ التي تدور حول هذا المعنى، وعلى رغم غزارة المعاجم التي ظهرت في التراث الإسلامي لم يظهر معجم لمصطلحات أصول الفقه، وربما يعود السبب في ذلك إلى الصعوبة التي تفرضها طبيعة الإغلاق التي تحيط بمصطلحات الأصول، لذلك فإن ما يقدمه الدكتور قطب مصطفى سانو في كتابه "معجم مصطلحات أصول الفقه" دار الفكر، دمشق 2000 يشكل محاولة جديدة في عملية ضبط المصطلح داخل أعقد العلوم الإسلامية. يوضح الباحث عبر مدخل تعريفي بالمعجم أن المنهج الذي اتبعه في جمع المادة هو منهج استقرائي، فتتبع التعريفات المختلفة الواردة للمصطلحات ثم قام بالموازنة بين المعاني المتعددة التي وضعها علماء الأصول للمصطلحات، ولا يخفي الباحث أنه كان ميالاً الى اختيار التعريفات والحدود التي تتسم بالوضوح وسهولة العبارة، وفي بعض الأحيان أعاد صوغ التعريفات في لغة مبسطة وواضحة تسهل على القارئ إدراك المعنى المراد من المصطلح، متخذاً الآيات القرآنية والأحاديث النبوية شواهد أساسية على الكثير من المعاني الاصطلاحية الواردة للمفردات الأصولية. واستفاد الباحث من معظم المصادر الأصولية المطبوعة، لكنه أعرض عن توثيق التعريفات وذكر مصادرها بأرقامها وصفحاتها، وذلك لأن القصد عون القارئ على فهم المعنى والمراد، بينما لا يشكل إثقال المعجم بالمراجع أمراً عملياً. وبالنسبة إلى المراجع الأجنبية التي استفاد منها الباحث لإيجاد المصطلح الإنكليزي المرادف للمصطلح العربي، فإنه اعتمد على المعاجم الحديثة وخص بالذكر "المورد" للبعلبكي، كما استفاد من بعض المؤلفات الأصولية الحديثة باللغة الإنكليزية ككتاب محمد هاشم كمالي "أصول الفقه الإسلامي". ولا تختلف الخطة التي اعتمدها الباحث كثيراً عن أي خطة معجمية، لكنها تتسم بالدقة نظراً لطبيعة الموضوع المطروح إذ نجد: أولا- جمع معظم المصطلحات التي يتداولها الأصوليون في مدوناتهم وترتيبها بشكل "ألفبائي". ثانياً- مهد الباحث للتعريفات الأصولية بتعريف مبسط لمعظم المصطلحات، مورداً التعريف الأكثر وضوحاً من مجموع التعريفات التي يذكرها العلماء. ثالثاً- تم إسقاط "ال" التعريف من المصطلح في ترتيب المواد، كما تجاوز ذكر الألفاظ المرادفة للمصطلح. رابعا- أورد أكثر من تعريف في بعض الأحيان للمصطلح. مما يسهل فهم المعنى المراد من المصطلح نفسه. خامساً- نجد بعض المصطلحات التي لا تنتمي إلى علم أصول الفقه، لكنها شائعة الاستخدام في الدرس الأصولي مما يجعل تحديد المراد منها أمراً مهماً.