جلوي بن عبدالعزيز: المهرجانات الصيفية تصنع روح المنافسة    أمير الشمالية يستقبل قائد لواء الملك عبدالله الآلي بالحرس الوطني    إحصائيات "المخدرات" على طاولة سعود بن مشعل    «تاسي» يغلق منخفضاً بتداولات «2.7» مليار ريال    «صعود النفط» مع تهديد أميركي بعقوبات على الهند والصين    قمة المصير    تضامن أوروبي بعد انتهاكات المُسيرات الروسية    غزة تحت وطأة القصف والتهجير.. نزوح جماعي وتدمير واسع    النصر يتجاوز الخلود.. نيوم يتغلب على ضمك.. الرياض يكسب النجمة    الأهلي يبدأ رحلة الحفاظ على اللقب الآسيوي بملاقاة ناساف    القيادة الكويتية تستقبل عبدالعزيز بن سعود    الزميل سعود العتيبي في ذمة الله    جامعة الإمام عبدالرحمن توقّع مذكرتي تفاهم أكاديمية وعمرانية    "القصيم الصحي" يحتفي بتخريج متعافين من الإدمان    تحت رعاية ولي العهد.. وزير الثقافة يُتوّج الفائزين بالجوائز الثقافية الوطنية    الطائف تمثل المملكة في «شبكة المدن المبدعة» ب«ليوبليانا»    انعقاد مؤتمر «المكتبات المتخصصة» في جدة    المفتي يستقبل مدير عام الدفاع المدني    استكشاف تقنيات التصوير القلبي    إنتر ميامي يخسر.. وميسي يهدر جزائية بغرابة    هددت بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي.. إيران ترد على مجموعة السبع وتحذر من آلية الزناد    مسيرات الدعم السريع تستهدف مواقع حيوية    سوريا: انتخابات برلمانية نهاية سبتمبر    هروب عريس قبل ساعات من زواجه    تعطل «حضوري» يؤثر على التوثيق الإلكتروني    افتتح مؤتمر التدريب القضائي.. نائب وزير العدل: المملكة تعيش نهضة تشريعية رائدة    يجمع 450 علامة تجارية في العالم.. 600 مستثمر في «موني 20/20» بالرياض    «الموارد» تطلق جائزة العمل ب 38 مساراً    سعوديون يبتكرون تقنية لتنقية المياه ب«التين»    «حين يكتب الحب».. فيلم في الطريق    تغلب على ضمك بثنائية.. نيوم يحقق فوزاً تاريخياً في دوري المحترفين    المفتي يستعرض جهود وأعمال الدفاع المدني    مفتي عام المملكة يستقبل مدير عام الدفاع المدني    رباعية الأخدود والفتح جرس إنذار.. هشاشة الدفاع تؤرق «لوران بلان»    «الغذاء»: 24 ألف بلاغ عن أعراض«الأدوية»    جهود متواصلة لتعزيز الرعاية العاجلة.. تدريب 434 ألفاً على الإسعافات الأولية    بدء تقديم لقاح الإنفلونزا الموسمية    نمو السيولة في الاقتصاد السعودي بأكثر من (239) مليار ريال خلال عام بنهاية يوليو (2025م)    إطلاق برنامج شتاء السعودية 2025    من جازان إلى العالم: إنجاز إسعافي يدخل غينيس    تشكيل الهلال المتوقع أمام الدحيل    ماجد عبدالله يسلّم كريستيانو رونالدو جائزة الحذاء الذهبي لموسم 2024-2025    بعد ضرب قطر: ترمب مخدوع أو متواطئ    تصاعد الهجمات يفاقم التوتر بين روسيا وأوكرانيا    افتتاح المؤتمر الدولي للتدريب القضائي بالرياض    من المسارح البريئة يدق ناقوس الخطر    مؤتمر موني 20/20 الشرق الأوسط غدا في الرياض    الصحة القابضة والتجمعات يفعّلون الحملة الوطنيّة للإسعافات الأولية.. ويُدربّون أكثر من 434 ألف    كلمات ولي العهد تسطر بمداد من مسك    مرحبا بمن جاء يحمل زادي إلى الآخرة    شغف الموروث    إعادة النظر في أزمة منتصف العمر    مثقفون وإعلاميون يحتفون بالسريحي وبروايته الجداوية    نائب أمير الشرقية يعزي أسرة الزامل    نائب أمير منطقة مكة يقدم التعازي للفريق محمد الحربي في وفاة والدته    في رثاء عبدالعزيز أبو ملحه    الإرث بين الحق والتحدي    خطاب يستحضر التاريخ: السعودية ونهضة عالمية برؤية 2030    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معجم موسوعي للعلوم اللغوية يقوم على اللسانيات الحديثة
نشر في الحياة يوم 28 - 03 - 1998


الكتاب: معجم اللسانيات الحديثة
المؤلفون: سامي عياد حنا، كريم زكي حسام الدين، نجيب جريس
الناشر: مكتبة لبنان - بيروت 1997
عندما نتحدث عن المعاجم والقواميس لا بد من التمييز بين نوعين منها: الموسوعة والقاموس اللغوي. فالموسوعة تقدم مجموعة من المعارف حول العالم أو حول علم معين، في حين ان القاموس يقدّم مجموعة من المعارف حول اللغة ذاتها وحول استعمالاتها النحوية والدلالية وهذا ما يفسر عدم وجود اسماء العلم في القواميس اللغوية الجيدة. واذا أردنا ان نضع "معجم اللسانيات الحديثة" في هذا الميزان، فاننا ولا شك نصنفه في عداد المعاجم الموسوعية على رغم ان مادته تتكوّن من العلوم اللغوية، لانه يستعمل اللغة العربية لا ليصف اللغة العربية نفسها من حيث النحو والدلالة والاشتقاق والصرف، بل ليقدم مجموعة من المعلومات الاساسية التي تقوم عليها فروع عدة من علم هو اللسانيات التي هي علم اللغة العام. وهذه الفروع هي: علم الاصوات، علم الدلالة، علم الصرف، القواعد التوليدية، وغيرها.
لكن المعجم الجيد، عموماً، ومهما كانت طبيعته الداخلية موسوعياً كان أم لغوياً، يقوم من ناحية على هدف رئيسي هو رفد القارىء او الباحث بالمعلومات التي تنقصه حول الكلمة أو المفهوم الذي يشكل رأس المادة او العنوان. وهو - من ناحية اخرى - يُعدّ "مؤسسة"، بمعنى انه يجد ما يعلل وجوده في تقديم "سلعة" معينة الى طبقة من الناس يضعها نصب عينيه، وهذه الطبقة قد تكون اجتماعية او ثقافية او علمية، الى ما هنالك. وفي هذا الاطار ايضاً نجد ان "معجم اللسانيات" يفي بالغرض الذي وضعه في سبيله المؤلفون. فهم يقولون في المقدمة: "هذا المعجم مصمم للطلبة والاساتذة العرب الذين يهتمون بدراسة اللغات واللسانيات الحديثة ويحتاجون الى معجم لا يفترض معرفة سابقة واسعة بعلم اللسانيات الحديثة".
هذا هو الهدف الاول من المعجم، وهو يحدد الجمهور أو "شريحة" القراء الذين يتوجه اليهم، ما يعني ان طبيعة هذا المعجم وتركيبته وتصنيفه العام والشروحات التي يقدمها لكل مادة من مواده انما تأتي في سبيل تحقيق هذا الهدف الاساسي. ولما كان المعجم - اي معجم - يقوم على قاعدة انه يتكون من مجموعة من الخطابات المجزوءة التي يقرأ كل خطاب فيها لوحده، وليس مادة إثر مادة، كان لزاماً علينا ان ننظر في طريقة تركيب هذه المواد من حيث المضمون الداخلي لكل واحدة منها ومن حيث تداعي المواد في ما بينها. الحقيقة ان المعجم الذي بين أيدينا يفي بالغرض الذي وضع من اجله، من حيث مضمون كل مادة لوحدها. فالخطر أو الخطأ الذي وقع فيه عدد من مؤلفي المعاجم العلمية في عدد من ميادين العلوم الحديثة هو ان الشرح الذي يقدمونه لكل مفهوم من المفاهيم يقع بين طرفين: فهو لا يعطي للقارىء غير المطلع او غير العارف ما يكفي من المعلومات ليدرك تماماً مرجعية هذا المفهوم والميدان الذي ينطبق عليه او يعمل فيه.
اما الطرف الثاني فانه إجمالاً لا يقدّم شيئاً جديداً او معمقاً بالنسبة الى الباحث المطلع على هذا العلم او المتخصص فيه. وقد تفادى مؤلفو "معجم اللسانيات" هذا الخطر فجاء مضمون كل مادة من المواد التي يقدمونها وافياً إن في ما يتعلق بتطور مفهوم الدرس اللساني من المنظور التاريخي، او في ما يتعلق بالربط بين النظرية والمنهج والمدرسة اللسانية من جهة، وسبل تطبيقها والامثلة التوضيحية من جهة ثانية. كذلك يأتي في نهاية شرح المادة إحالة الى مواد اخرى من المعجم، ما يساعد في فهم دلالة المصطلح فهماً دقيقاً من جهة، فيتسنى للقارىء، من جهة اخرى، ان يلمّ بالجوانب الاخرى المتصلة بدلالة المصطلح. أضف الى ذلك ان المؤلفين لا يحصرون شرحهم بالميدان اللغوي - اللساني فحسب، بل يحاولون توضيح العلاقة بين البعد اللساني للمفهوم واستعماله في علوم اخرى أثرت او تأثرت باللسانيات، مثل علوم الاجتماع والانتروبولوجيا والنفس والتربية والرياضيات والمنطق، وما شاكل. لذلك نجد انهم لم يبتعدوا عن الصواب في شرحهم للدوافع من تأليف هذا المعجم ولا في قولهم - في المقدمة - انهم أرادوا منه ان "يقدم في الوقت ذاته المادة اللسانية بطريقة علمية دقيقة يسهل على القارىء العربي فهمها والاستعانة بها في استيعاب ما جاء في البحوث والدراسات اللسانية الحديثة والمعاصرة".
اما من حيث ارتباط المفاهيم في ما بينها وتداعي المواد التي تنتمي الى التيار نفسه او العنوان العام، فان من يتتبع المصطلحات التي ترد في المعجم يجد انها تتكامل في ما بينها، ذلك على رغم وجود ثلاثة مؤلفين له. هناك على سبيل المثال المواد المتقابلة التالية: القدرة اللغوية والاداء اللغوي، الصوامت والصوائت، اللواصق واللواحق، التضاد والترادف، السمات والوظائف، اللهجات واللغات، الى ما هنالك. أضف الى ذلك ان المعجم يتضمن شرحاً لمعظم العلوم التي تفرعت من اللسانيات مثل علم الدلالة، وعلم الصرف، وعلم المفردات، وعلم المعجميات، وللعلوم الانسانية التي اندمجت في اللسانيات او تأثرت بها لدرجة انها خلقت علماً جديداً مثل علم اللسانيات الاثنوغرافية، وعلم اللسانيات الاجتماعية، وعلم اللسانيات الجغرافية، واللسانيات العصبية، وعلم اللسانيات النفسية، وغيرها كثير.
ومما لا شك فيه ان المعجم على صغره يعد اداة أساسية لكل من اراد الاطلاع على العلوم اللسانية ومفاهيمها وميادينها المتعددة. فالمعجم سهل المنال واضح المسالك، لكن هناك بعض الاشكاليات التي لا بد من توضيحها: في البداية، عدد المفاهيم محصور بكمية صغيرة، لدرجة ان بعضاً من المصطلحات الاساسية لا يرد في المعجم. من هذه المفاهيم ازواج قامت اللسانيات على التمييز بينها لدرجة انها نُعتت بانها علم "التفكير الثنائي". نذكر منها على سبيل المثال الازواج التالية التي تأسست عليها نظرية فرديناند دي سوسور رائد اللسانيات وصاحب الكلمة الفصل فيها: الدال والمدلول، اللسان والكلام، التزامن والتعاقب. كذلك نذكر ان شرح مادة "وظائف اللغة" يتضمن في "معجم اللسانيات الحديثة" "ثلاث وظائف رئيسية هي: الوظيفة الوصفية وهي الاخبار وتوصيل معلومات معينة يمكن تصديقها او إنكارها. والوظيفة التعبيرية وهي تقوم على اعطاء "معلومات عن المتكلم من حيث مشاعره الخاصة وعواطفه وميوله وخبراته السابقة وغير ذلك". اما الوظيفة الثالثة والاخيرة فهي الوظيفة الاجتماعية التي "تتركز في اقامة العلاقات الاجتماعية بين الناس والمحافظة عليها" ص49.
الحقيقة ان هذه الوظائف مهمة في اللسانيات ولكنها ليست الاهم لان هناك نظريات حديثة ظهرت بعدها وتممتها. فالنظرية الاساسية في مجال وظائف اللغة هي نظرية رومان جاكوبسون الذي يميز بين ست وظائف هي: الوظيفة التعبيرية التي تتركز على المتكلم، والوظيفة الندائية التي تتركز على المخاطب، ووظيفة إقامة الاتصال التي تعنى بالتأكد من ان الاتصال قائم بين المتكلم والمخاطب كما تعنى باستمراره، والوظيفة المرجعية التي تتركز على الاخبار واعطاء المعلومات، ووظيفة ما وراء اللغة التي تتمحور حول اللغة وتصف قواعدها وتعرّف مفرداتها وتراكيبها ودلالتها. اما الوظيفة السادسة والاخيرة فهي الوظيفة الشعرية او الجمالية التي يحددها جاكوبسون بما يلي: "ان هدف المرسلة من حيث هي مرسلة، ان التشديد على المرسلة لحسابها الخاص، هو ما يميز الوظيفة الشعرية للغة... انها توضّح الجانب الحسي للإشارات اللغوية وتعمّق في الآن ذاته الاختلاف الثنائي الاساسي بين الاشارات اللغوية والاشياء التي تدل عليها".
وغياب مثل هذه الشروحات امر يؤسف له في معجم بلغ من الجودة والدقة ما بلغه هذا المعجم. واعتقد بان السبب في ذلك هو الانتماء العلمي للمؤلفين. فهم ثلاثتهم من المدرسة الاميركية، ودرّسوا او يدرّسون في الجامعات الاميركية، وقد جاء مضمون كتابهم مطابقاً للمناهج والتيارات المتداولة هناك. فلم يلتفتوا الى المسلمات اللسانية التي عرفتها علوم اللغة في اوروبا، مثل نظريات دي سوسور وغريماس وأمبرتو إيكو، وغيرهم. اما في ما يتعلق برومان جاكوبسون، وهو أميركي الجنسية من اصل روسي، فان المفاهيم التي اطلقها عرفت أوسع ما عرفته من الانتشار والتطبيق في اوروبا وليس في القارة الاميركية. ولذلك لم تنل نظرياته نصيبها من الاهتمام.
يبقى امر اخير، يتبع "معجم اللسانيات الحديثة" طريقة في ترتيب المواد درج عليها سائر المعاجم الموسوعية الحديثة. فقد اعتمد المؤلفون في تنظيم المصطلحات الواردة على الترتيب الالفبائي وفقاً للألفبائية الانكليزية. وهذا يعني ان القارىء يبحث عن المصطلح باللغة الانكليزية والترتيب الانكليزي حيث يجد بجواره المقابل العربي، فيقلب صفحات الكتاب من اليسار الى اليمين وهو يقرأ الشرح العربي وينتقل في الصفحة الواحدة من العمود اليسار الى العمود اليمين. صحيح ان في هذا المعجم - وفي إمثاله - مسرداً ألفبائياً بالمصطلحات العربية، وهو مسرد يعيد القارىء إما الى الصفحة التي يرد فيها المصطلح كما في المعجم الذي بين أيدينا، او الى رقم المصطلح في المعجم، او الى المصطلح الاجنبي المقابل له. لكن هذا التنظيم الألفبائي، في اشكال الفهرسة العربية الثلاثة، لا ينطبق بتاتاً مع الهدف الاساسي الذي وضع المعجم من اجله ولا مع طبيعة استعمالاته.
لقد رأينا ان هذا المعجم - على غرار المعاجم العلمية الاخرى - يتوجه الى شريحة معينة من القراء هي القارىء العربي طالباً كان أو استاذاً الذي لا يفترض فيه ان يكون على معرفة سابقة أو واسعة بعلم اللسانيات الحديثة كما جاء في المقدمة. وهذا يعني ان من سيفتش في هذا الكتاب هو شخص عربي يقرأ نصا باللغة العربية ويبحث عن توضيح بلغته الام لمصطلح قرأه باللغة العربية. فلماذا اذن نطلب منه ان يبحث اولاً في المسرد العربي، ثم ان ينتقل منه الى المصطلح الاجنبي ووفق الترتيب الألفبائي الاجنبي لينتهي به الامر الى قراءة الشرح باللغة العربية؟ ثم لماذا نجبره على الانتقال من نظام القراءة العربية الذي تعوّد عليه، وهو من اليمين الى اليسار، الى قراءة معاكسة قد تقطع عليه تسلسل الافكار ومتابعة الفكرة وتشوّش عليه الفهم الصحيح للشروحات؟ ان وضع المقابل الاجنبي، الفرنسي او الانكليزي، ضروري ولا غنى عنه في هذه المعاجم فالعلم علمهم والمصادر من عندهم، لكن لا بد من ان يكون تنظيم الكتاب على صورة تنظيم المعاجم العربية، اي ان يتم البحث والقراءة فيه من اليمين الى اليسار، ووفق الترتيب الألفبائي العربي، مع ضرورة ان نورد المقابلات الاجنبية في مكانها وان يتضمن الكتاب مسرداً بالمصطلحات الاجنبية يُحيل الى موقع ورودها في المعجم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.