سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
اهتمام بالسوق الخليجية وخط مباشر يربط بين بالي ودبي . أندونيسيا تأمل في زيادة حصتها من السياحة الدولية وتتطلع الى 6.9 مليون زائر ينفقون 7.6 بليون دولار
تهتم اندونيسيا بتطوير الحركة السياحية الوافدة الى اراضيها. وعمدت لهذا الغرض الى اطلاق حملة متزامنة تشارك فيها الدوائر الحكومية والهيئات المشرفة على السياحة لتوحيد الانشطة الترويجية والتأكيد مجدداً على اهمية السوق الاندونيسية كمقصد سياحي دولي رئيسي. ويقول المسؤولون الاندونيسيون ان موقع البلاد في جنوب آسيا، وامتلاكها اكثر من 36 الف جزيرة متنوعة التضاريس والمناخات، عند ملتقى المحيطين الهندي والهادئ يؤهلها لزيادة حصتها من حركة السياحة الدولية، بعدما تراجعت هذه الاخيرة خلال الاعوام الثلاثة الماضية وعزف السياح عن القدوم نتيجة الحرائق الشاسعة التي ضربت المناطق الحرجية وأثرت على المناخ في الدول المجاورة لها، علاوة على الاحداث السياسية والاقتصادية التي رافقت تغيير النظام الحاكم وانفصال اقليم تيمور الشرقية. ويأمل العاملون في قطاع السياحة في اندونيسيا في اجتذاب اعداد اضافية من السياح العرب، لا سيما من منطقة الخليج، نظراً الى حجم انفاقهم المرتفع وتفضيل غالبيتهم السياحة العائلية علاوة على عدد الليالي الكبير الذي يقضونه في البلد الذي يقصدونه عادة للاستجمام مع عائلاتهم. واكد سفير اندونيسيا لدى دولة الامارات السيد حسني سنقر، الذي رأس وفد الشركات العارضة التي تمثلت في معرض سوق السفر العربي "الملتقى 2000" الذي عُقد في امارة دبي الاسبوع الماضي، ان بلاده تأمل في قدوم مزيد من الزوار الخليجيين. واشار الى ان افتتاح شركة الطيران الاندونيسية "غارودا" خطوطاً مباشرة اربع مرات في الاسبوع الى دبي سيتيح لابناء دول مجلس التعاون تنظيم رحلاتهم في صورة أيسر الى المقاصد السياحية الاندونيسية، وقال ان حكومة بلاده تأمل في تعميق التعاون السياحي بين جاكارتا ودولة الامارات. وترغب السلطات الاندونيسية في تطوير علاقاتها مع العالم العربي وان تفيد الروابط القديمة التي نسجها التجار العرب والمسلمون منذ القرن الحادي عشر مع ارخبيل الجزر الاندونيسية في مدّ جسور اقوى للعلاقات السياحية مع منطقة الخليج، خصوصاً بما يكفي لاستقطاب اعداد اكبر من السياح العرب ذوي الانفاق المرتفع مقارنة بالسياح الآسيويين الآخرين والسياح الاستراليين والاوروبيين. وتُعدّ اندونيسيا 200 مليون نسمة. ويدين اكثر من 85 في المئة من سكانها بالديانة الاسلامية ما يجعلها اكبر بلد اسلامي في العالم. ويجعل حضور الاسلام في ثقافة الشعب الاندونيسي وحياته اليومية من السهل بمكان على السائح العربي والخليجي الاقامة في اندونيسيا وفي شكل يراعي التقاليد والعادات الاسلامية المحافظة. وكان الرئيس الاندونيسي عبدالرحمن وحيد اطلق اخيراً حملة شعارها "السياحة والفن للشعب" تبنتها الحكومة وهدفها التأكيد على اهمية صناعة السياحة والسفر كمحور للتنمية الاقتصادية، على ان يرتبط تقدم السياحة بالاهتمام المولد للثقافة لأن "السياحة ترتبط بالتقاليد والثقافة وهو ما يبرر قدوم الناس واهتمامهم". وكان عدد السياح الذين زاروا اندونيسيا عام 1997 بلغ 5.18 مليون سائح، الا ان العدد لم يلبث ان انخفض الى 4.6 مليون سائح عام 1998 ليرتفع بنسبة محدودة تبلغ 2.63 في المئة العام الماضي الى 4.72 مليون سائح. وشهدت حركة السياحة الدولية الوافدة نمواً سريعاً في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات فاقت نسبته السنوية العشرة في المئة. ولا تتماشى حصة اندونيسيا من السوق السياحية الدولية مع امكاناتها وحجمها كبلد يملك تنوعاً فريداً من المناخات والاعراق والثقافات. وتعاني المرافق الايوائية والخدمية الاساسية من عدم قدرتها على استقطاب مزيد من السياح. كما ان اندونيسيا وجدت نفسها في السنوات الاخيرة مضطرة الى تطوير مبادراتها الترويجية لتسويق نفسها في صورة افضل، لا سيما بعد الفضائح المالية والسياسية والامنية والبيئية التي أساءت الى صورتها في الخارج، والتي ترافقت مع التدهور الاجتماعي الذي اسفرت عنه الازمة الاقتصادية الآسيوية. ويندرج فتح خط مباشر من بالي الى اوروبا، مع توقفه في دبي كمحطة وسيطة، في اطار مساع اشمل تقوم بها الهيئات الاندونيسية المختصة للتركيز على مواقع الجذب السياحي المعروفة لدى السياح الاجانب وفي مقدمها جزيرة بالي. وسُجّل في الشهور الماضية ارتفاع ملحوظ في عدد السياح القادمين الى اندونيسيا بلغت نسبته في منطقة جاكارتا وحدها خلال شهري كانون الثاني يناير وشباط فبراير 53.4 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. ووصل العدد الاجمالي للزوار الذين قدموا الى المنافذ الجوية خلال هذين الشهرين الى 621.3 الف سائح مقارنة ب603 آلاف في الفترة المقابلة من 1999، ما يعني ان متوسط الزيادة الاجمالية يبلغ ثلاثة في المئة تقريباً. وترغب السلطات الاندونيسية في رفع عدد السياح خلال السنة الجارية الى 5.1 مليون سائح بمعدل نمو قدره خمسة في المئة عن العام الماضي، على ان يصل حجم عوائدهم الاجمالية الى خمسة بلايين دولار أو ما يعادل 98 دولاراً للشخص الواحد في اليوم، مع مدة اقامة تصل في المتوسط الى عشرة ايام للسائح. ويتوقع المخططون ان تواصل حركة السياحة الدولية النمو بمعدل خمسة في المئة سنوياً لتصل الى 6.9 مليون سائح عام 2004 وبدخل اجمالي مقداره 7.6 بليون دولار. كما يتوقعون ان يترافق هذا الارتفاع الكمي مع ارتفاع آخر في معدل الانفاق يصل الى 110 دولارات في اليوم للسائح الواحد، مع احتفاظ السائح بمدة اقامة مماثلة لمتوسط اقامته الحالي البالغ عشرة ايام. وتقوم الخطط الموضوعة للانفتاح بأندونيسيا اكثر على العالم الخارجي على اساس تطوير القطاع السياحي وصناعة السفر في شكل جذري خلال السنوات الخمس المقبلة. ويتمثل الهدف في المرحلة الاولى في استقطاب قدر اكبر من الاستثمارات الى القطاع السياحي للارتقاء بمستواه ورفع سعته الاستيعابية. ويؤكد المسؤولون ان السياحة ستكون محوراً اساسياً من محاور التنمية الاقتصادية وتوليد الوظائف لا سيما في المناطق التي تعاني من البطالة وتتوافر فيها الايدي العاملة والمدرّبة. ولا تحتاج السياحة الى استثمارات كثيرة مقارنة بالقطاعات الاخرى لتوليد وظائف جديدة، نظراً الى كونها قطاعاً خدمياً يحتاج الى يد عاملة كثيفة. وهي ايضاً تحفز النشاط الاقتصادي في اكثر من 50 قطاعاً آخر تعتمد عليها في توريد المواد الأولية والخدمات الرديفة. ويقدر المسؤولون الاندونيسيون عدد الوظائف التي سيؤمنها قطاع السياحة عام 2004 بنحو 7.9 مليون وظيفة على الاقل. واتخذت اجراءات عدة لمنح الاقاليم الذاتية الحكم صلاحية موسعة بحلول 2004 تتيح لها اصدار التراخيص الخاصة بإقامة صروح ومبان عمرانية تراعي المواصفات البيئية وتحفظ التراث الهندسي والثقافي للعمارة الاندونيسية في مختلف أنحاء البلاد. وتتماشى هذه الاجراءات مع الخطوات التي اتخذت لمنح الأقاليم سلطات لامركزية، الأمر الذي سيؤدي الى تغيير دور وزارة السياحة والفنون التي كانت تشرف حتى الآن على وضع السياسات الحكومية والاقليمية وتحدد البرامج والأنشطة الترويجية والاستثمارية التي يتعين تسويقها. وسيكون دور الوزارة مقتصراً في المستقبل على مجرد الاشراف على تنظيم السوق الوطنية للسياحة ووضع ضوابط عامة في ما يخص البيئة والتنمية السياحية، وضمان تنسيق سياسات الهيئات السياحية الاقليمية والربط بينها وبين الخطط الحكومية والمواثيق الدولية. ونجحت أندونيسيا في الحصول على موافقة اتحاد "باتا" الدولي لجمعيات السياحة والسفر في عقد مؤتمره الدولي الخاص بالسياحة البيئية وسياحة المغامرات الذي حدد له موعد عام 2002 في ولاية جاوا الغربية، على ان يعقد المؤتمر السنوي للاتحاد نفسه في بالي عام 2003. وتعتبر هذه المرة الرابعة التي تستضيف فيها اندونيسيا المؤتمر السنوي الذي عقد على أراضيها خلال 1963 و1974 و1991. وكان عدد المندوبين فيه، في المرة الأخيرة 1500 مندوب دولي. كما ان اندونيسيا ستستضيف عام 2002 المنتدى السياحي لدول منظمة "آسيان" والذي سيعقد في مدينتي باندونغ وسورابايا في اطار رغبة السلطات الاندونيسية في الترويج لمدنها الثانوية كوجهات سياحية قادرة على حفز النمو الاقتصادي في محيطها الجغرافي المباشر. وتقول دراسة أعدتها الهيئات السياحية الاندونيسية ان المعرض السياحي الذي سيعقد بين 8 و13 ايلول سبتمبر المقبل في مركز المؤتمرات في جاكارتا سيجتذب ما لا يقل عن 200 مشترٍ من الاسواق الرئيسية الموردة للسياح، بالإضافة الى الاسواق الناشئة والتي اشارت الدراسة الى ان بينها دول أوروبا الشرقية والشرق الأوسط والتي يأتي منها السياح بقصد الترفيه والتسوق. وستنظم المعرض هيئة الترويج السياحي الاندونيسية بدعم من وزارة السياحة وحكومة مدينة جاكارتا. وأنشئ المعرض عام 1994 كمناسبة سنوية تجمع تحت سقف واحد جهود التسويق المبذولة للترويج لأندونيسيا كوجهة سياحية دولية. ومن المنتظر ان ينظم ايضاً بين 18 و21 الشهر الجاري في جاكارتا معرض غوسانترا السياحي الموجه الى قطاع السياحة الداخلية من أجل حفز حركة السياحة داخل البلاد، في ظل التراجع الذي شهدته اعداد الزوار الدوليين في السنوات الماضية، ولتطوير قطاع لم يعرف نمواً كافياً خلال الأعوام الماضية. ويؤكد الاندونيسيون انهم مهتمون باستقدام السياح العرب والذين لا تتجاوز أعدادهم السنوية العشرين ألفاً حتى الآن. ويعتبرون ان بوسع بلادهم منافسة الوجهات السياحية الأكثر نضجاً والتي قد يرغب الزوار العرب في التحول عنها الى وجهات جديدة اكثر اثارة. الا ان الهدف الأكبر الذي يتمنى الاندونيسيون تحقيقه يتعلق باجتذاب رجال اعمال بين السياح العرب الوافدين اليهم ليفتح ذلك الباب امام دخول رأس المال العربي الى قطاع الاستثمارات السياحية.