ارتفعت قيمة "سرقات المال العام" التي كشفها "الجهاز المركزي للرقابة المالية" في الربع الاول من السنة الجارية الى نحو 5،4 مليون دولار اميركي بمعدل خمسين الفاً في اليوم، بعدما كانت نحو 3،1 مليون في الفترة نفسها من العام الماضي. وجاء في تقرير رسمي ل"الجهاز" ان اجمالي قيمة "الاختلاسات" في هذه الفترة بلغت 8،225 مليون ليرة سورية الدولار يساوي خمسين ليرة، اذ تمت استعادة 2،22 مليون مع بقاء الباقي "في ذمة اصحابها". واشار التقرير الى ان هذه الاموال ظهرت في 39 قضية في جميع المحافظات 12 منها في دمشق و7 في حلب شمال البلاد. وكان الربع الاول من العام الماضي شهد اجراء تحقيقات في ست قضايا "كشفت عن سوء التصرف" بنحو 69 مليون ليرة. وافاد تقرير رسمي كانت "الحياة" حصلت عليه ان مسؤولي "الجهاز" اخضعوا للرقابة في العام 1998 نحو 2553 منشأة رئيسية في القطاعين الاقتصادي والاداري و787 منشأة فرعية. واضاف ان الموظفين حققوا في التصرفات المالية للجهات الخاضعة للرقابة "وصولاً الى المحافظة على الاموال العامة واسترداد 6،113 مليون ليرة من الاموال الضائعة والمهدورة والمختلسة عن طريق التزوير"، لافتاً الى ان عدد القضايا التي حقق فيها العام 1998 بلغ 153 قضية احيل عدد منها الى القضاء المختص وتم القاء الحجز الاحتياطي على اموال المتهمين وزوجاتهم. وكتبت صحيفة "تشرين" امس: "اذا عرفنا ان هيئة الرقابة والتفتيش تكشف اضعاف هذا المبلغ وان ثمة عمولات وهدراً لا يستطيع احد كشفه نلمس فداحة الخطر الذي يتهدد المال العام يومياً"، مشيرة الى ان "معظم المخالفات المكتشفة يتعلق بنقص لدى امناء الصناديق وشيكات مزورة واوامر صرف وهمية وغيرها. بمعنى آخر ان هذه المخالفات واضحة ولا تحتمل تأويلات مختلفة". واصبحت الصحف الحكومية في العام الماضي اكثر انفتاحاً في الكتابة عن قضايا الفساد وهدر المال العام. ويقف الدكتور بشار الاسد في الاصل وراء مكافحة الفساد عبر القنوات القانونية، بعدما دعم الرئيس حافظ الاسد هذا التوجه في خطاب القسم في آذار مارس العام الماضي بالتشديد على "تحمل المسؤولية ومحاسبة المقصر والمتهرب" وعلى ضرورة "تطوير العمل في الدولة ومؤسساتها حتى لا تتسع الفجوة بيننا وبين الآخرين" في ظل وجود من "فقد الشعور بالمسؤولية فقصر او اهمل او اساء"، معتبراً التقصير بالعمل "إخلالاً بالواجبات الوطنية". وشكل موضوعا الاصلاح الاقتصادي ومحاربة الفساد ملفّين رئيسيّين في اولويات حكومة الدكتور محمد مصطفى ميرو. ويعتقد محللون انها جاءت على خلفية هذين العنوانين بسبب "الترهل" الذي اصاب حكومة المهندس محمود الزعبي في سنواتها الاخيرة. وقال ميرو في خطاب القاه اول من امس في "عيد العمال": "ان الشعب لم يعد قادراً على تحمل نتائج اي شكل من اشكال التقصير والتباطؤ"، محذراً ان حكومته "لن تسمح للمسيئين بأن يعبثوا بالصالح العام". ويستهدف جهازا "الرقابة المالية" و"التفتيش" العمل على "المحافظة على الاموال العامة واسترداد الاموال الضائعة او المهدورة من خلال كشف المخالفات وتحديد المسؤوليات المالية والمسلكية والجزائىة للمسؤولين عنها". ويتبع الجهازان الى رئاسة مجلس الوزراء. وفيما كان موظفوهما يتابعان التحقيق في عدد من الملفات، ركزت وسائل الاعلام وندوات علنية في العام الماضي على موضوع "التقليل من الفساد" على اساس التحذير من "التشويش الاخلاقي والاجتماعي والسياسي" الناتج منه. ونوه وزير المال الدكتور محمد خالد المهايني بكشف الصحف المحلية "بعض حالات الاختلاس واساءة الائتمان لدى بعض الجهات العامة"، وتناولها "القصور في الاداء الاقتصادي ما سبب هدراً في المال العام". وبعدما اشارت "تشرين" الى تشديد الحكومة على "تطوير عمل الرقابة بحيث يساعد ذلك على حسن العمل وتطويره"، اكدت أهمية ان لا تكون هذه الآلية "معرقلة للعمل ومانعة لروح المبادرة".