} تواصلت، لليوم الثالث، الاحتفالات بتحرير الجنوب والبقاع الغربي من الاحتلال الاسرائيلي، وكذلك تدفق اللبنانيين، رسميين وحزبيين ووفوداً، على المناطق المحررة، وبرقيات التهنئة الى المسؤولين، في حين بدأت الأجهزة الرسمية تعزز وجودها هناك. أعرب رئيس الجمهورية إميل لحود أمس عن اعتقاده ان الانسحاب الاسرائيلي "بداية جيدة للحل". ورأى، في حديث الى شبكة "سي. إن. إن"، ان ما حدث "ان الحق عاد الى اصحابه بعد احتلال دام 22 عاماً. ولكي يتحقق السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط ينبغي ايجاد الحلول المناسبة لمشكلات اخرى، ابرزها الوجود الفلسطيني المسلح في لبنان، وعودة اللاجئين، واحتلال اسرائيل مرتفعات الجولان". واعتبر ان "المقاومة كانت قوية، وللمرة الأولى في تاريخ لبنان يتكاتف كل الشعب معها. وحصل التحرير بفضل وحدة لبنان جيشاً وشعباً وتضامن الموالاة والمعارضة. لم يعد احد يريد الوجود الاسرائيلي في لبنان، لذا اضطر الاسرائيليون الى المغادرة". ولفت الى "ان الجميع كانوا خائفين من حصول خضّة امنية بعد الانسحاب، ولكن لم تحصل لأن عندما يكون الشعب موحداً، لا خوف من حصول مشكلات أو أعمال ثأرية بين اللبنانيين". وأكد "اننا سنكون على تعاون وثيق وطيب مع الأممالمتحدة، لأن قواتها تقوم بدور مساعد كبير لنا منذ 22 عاماً، ونتمنى ان يستمر التعاون مستقبلاً، وتعقد لهذه الغاية اجتماعات يومية. والعلاقة ستكون افضل مما كانت". وأعلن ان كل الاسلحة التي تركها الجيش الاسرائيلي "سيتسلمها الجيش اللبناني ولن تكون في أيدي أي جهة أخرى". وأبدى سروره بما حصل، واعداً بإيجاد حلول للمشكلات الاقتصادية وبإنماء الجنوب. وكان لحود تلقى برقيات تهنئة عدة بتحرير الجنوب والبقاع الغربي، أبرزها من الرئيس التونسي زين العابدين بن علي والرئيس اليمني علي عبدالله صالح، والرئيس البرازيلي فرناندو كاردوزو وأمير دولة الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح وسلطان عمان قابوس بن سعيد وأمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وولي العهد القطري الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني ووزير الدفاع السوري العماد أول مصطفى طلاس والأمين العام ل"الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين" نايف حواتمة، وسفير دولة قطر محمد علي النعيمي باسم السفراء العرب المعتمدين في لبنان. وعرض لحود مع السفير الأميركي في لبنان ديفيد ساترفيلد الوضع بعد الانسحاب الاسرائيلي. وتلقى رئيسا المجلس النيابي نبيه بري والحكومة سليم الحص برقيات أيضاً من مسؤولين عرب وأجانب. وأكد الرئيس الحص "ان لبنان سيواصل الجهود على كل الصعد للمطالبة بمزارع شبعا حتى تعود الى حضن الشرعية اللبنانية، وسيعمل بكل الوسائل المتاحة لتحرير الأسرى والمعتقلين في السجون الاسرائيلية". وشدد، في كلمة أمس، على اهتمام الدولة ووعيها لمسؤولياتها الاجتماعية في كل المناطق. ودعا الى "مشاركة بين جهود الاجهزة الحكومية وجهود المؤسسات الأهلية والخيرية للنهوض مجدداً بالجنوب وخصوصاً المناطق التي رزحت تحت وطأة الاحتلال والتي لأهلها علينا حق تقدير صمودهم وتفهم ما عانوا منه، وصبروا عليه من نير وعسف على يد المحتل البغيض". وقال في حديث الى محطة "سي. ان. ان" ان الدولة "ستنشر قواتها الشرعية في المناطق المحررة بعد ان تنجز القوات الدولية المهمات التي كلفها اياها قرارا مجلس الأمن 425 و426، علماً ان رجال الأمن الداخلي باشروا مهماتهم في المناطق المحررة". من جهة اخرى، دعا الحص "كل الذين خرجوا من لبنان نتيجة التحرير ان يعودوا اليه ويسلموا انفسهم الى القضاء اللبناني لأنه عادل ومنصف وشفاف". وقال: "آن اجراءات معجلة لانجاز عمليات التحقيق اتخذت لبت اوضاعهم في السرعة الممكنة". وفي اطار تعزيز حضور الشرعية تفقد قائد الدرك العميد ناصر الرهبان، على رأس وفد من كبار الضباط، صباح امس مخافر قوى الأمن الداخلي ومراكزها في المنطقة المحررة في الجنوب والبقاع الغربي، واطلع على واقعها وحاجاتها عديداً وعتاداً. وأعلنت قيادة الجيش ان الجيش تسلم أمس "آليات وأسلحة ومدافع وذخائر وأعتدة حربية خلفها العدو الاسرائيلي والميليشيا المتعاملة معه في المناطق المحررة". وأشارت الى "انها نقلت جميعاً الى اللواء اللوجستي لتعزيزه". وتسلم الجيش، في بلدة ميمس أمس من الحزب التقدمي الاشتراكي آليات خلفها "الجنوبي" في شويا وعين قنيا وهي 3 دبابات "ت 54" و4 شاحنات نقل، ونصف مجنزرة وناقلتا جند. يذكر ان عناصر من "حزب الله" ساروا، في ما يشبه التظاهرة، بآليات غنموها، من الجنوب الى البقاع، أول من أمس. وفي اطار زيارات المسؤولين والفاعليات، جال وفد من المطارنة الموارنة برئاسة النائب البطريركي المطران رولان أبو جودة، بتكليف من البطريرك الماروني نصرالله صفير، على بلدات علما الشعب ورميش والقوزح ودبل وعين إبل والناقورة والقليعة وبنت جبيل وكوكبا ومركبا والخيام ومرجعيون. واستمع من الأهالي الى مطالبهم التي تلخص بدعوة الدولة الى تسلم زمام الأمور وتكثيف حضورها في المنطقة. وأكد ابو جودة "ضرورة التضامن بين الأهالي"، داعياً الى "العودة الى القرى والبلدات والى تسليم عناصر "الجنوبي" انفسهم الى الدولة اللبنانية". وقال "اننا على يقين ان الدولة بقيادة الرئيس لحود، ستقوم بما يلزم لتحقيق المطالب". وسيزور رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين، على رأس وفد، المناطق الجنوبية المحررة، بدءاً من الناقورة وصولاً الى مرجعيون. وناشد المجلس الأعلى لطائفة الروم الكاثوليك الأهالي الذين غادروا المناطق المحررة العودة الفورية الى بيوتهم وأرزاقهم تلبية لنداء الرئيس لحود. وأكد ان "الوحدة الوطنية هي التي تعطل ارادة المحتل إيقاع المنطقة المحررة في الفوضى". واعتبر ان "الاسراع في تأمين الخدمات من ركائز الاطمئنان الى جانب تعزيز وجود القوى الأمنية الفاعل". وتابع عميد الكتلة الوطنية كارلوس اده على رأس وفد من الحزب، جولته الجنوبية التي بدأها أول من أمس. وكشف اده عن ابحاث مستفيضة اجراها في باريس لاثبات ملكية لبنان مزارع شبعا، وعرض نسخة عن خريطة تثبت ذلك. وأعلن انه سيلاحق هذه القضية ويناضل من اجلها حرصاً منه على متابعة رسالة سلفه الراحل ريمون إده. وفي المواقف، سأل العماد ميشال عون الدولة "هل عاد الجنوب الى لبنان وتحت أي سيادة، كي تقام الأعياد وتقرع الطبول؟ وبماذا نفاخر بعد الانسحاب الاسرائيلي، وقد لجأ آلاف اللبنانيين الأبرياء الى اسرائيل؟ ولماذا هرب هؤلاء؟ أليس نتيجة خطابات "بقر البطون في الأسرة" على مرأى ومسمع من دولة تركض لاهثة وراء هذا الخطاب لأنها عاجزة عن القيام بواجبها وتتخلى عن مسؤولياتها الأمنية والقضائية". وختم "ان نفرح بخروج الاسرائيلي، اي بطرده من الجنوب، فشيء استحق، ولكن ان نعيّد لتحريره فشيء مبكر، لأنه انضم الى وطن ما زال فاقد السيادة. وعيد التحرير سيكون يوم جلاء كل قوى الاحتلال عن أرضه، فيعود الاستقلال ومعه السيادة والحرية الى ربوع الوطن، وفي ظل قضاء مستقل، سيد وحر، تجرى التحقيقات، ويحاكم المجرمون وفقاً للقوانين ومبادئ العدالة، لأن ما نشهده اليوم لا يتخطى الأعمال الثأرية، فهو انتقائي يفتقد الى الشمولية والإنصاف. والى أن يحين العيد الحقيقي، نرفض الاشتراك في أعياد التخدير". وهنّأ حزب الوطنيين الاحرار اللبنانيين بجلاء اسرائيل، مؤكداً "ان الفرحة لن تكتمل الا بخروج كل الجيوش والقوى المسلحة غير اللبنانية". وأثنى على "التصرف الحضاري" ل"حزب الله" وحركة "أمل"، طالباً منهما "الافادة من علاقتهما مع سورية لاقناعها بتقديم اعتراف خطي يثبت ملكية مزارع شبعا". ودعا الى ارسال القوى الأمنية بما فيها الجيش الى المناطق المحررة، مطالباً بقيام وزارة لشؤون الجنوب. كذلك طالب باولوية استرجاع اللبنانيين الذين غادروا الى اسرائيل، وبمحاكمة عادلة لمن يسلم نفسه.