عمّت الاحتفالات كل المناطق اللبنانية اثر احتفاظ فريق الحكمة ببطولة الاندية الآسيوية ال11 لكرة السلة، التي أجريت للسنة الثانية على التوالي في قاعة نادي غزير في بيروت وهو انجاز لم يحققه من قبل أي فريق في القارة. وتوّج الحكمة بعد فوزه على الاتحاد السعودي 55 - 52 28 - 24، فاستمر بطلاً للسنة الثانية على التوالي، وكان أول مهنئيه رئيس الجمهورية اميل لحود الذي فاجأ أكثر من 5 آلاف متفرج احتشدوا في القاعة بحضوره الى الملعب، قبيل انطلاق الشوط الثاني من المباراة. وتقدم حضوراً رسمياً ورياضياً كبيراً، مثّله فيه وزير الموارد المائية والكهربائية سليمان طرابلسي. وعلى غرار ما حصل في العامين الماضيين حين أحرز الحكمة بطولة الأندية العربية والكأس الآسيوية، ازدحمت الشوارع بالتظاهرات السيارة وحلقات الدبكة وأطلقت الأسهم النارية. كما احتفل اكثر من 15 ألف شخص في مدرسة الحكمة الأشرفية - معقل الفريق - بالانتصار، بعدما تابعوا المباراة عبر شاشة عملاقة وسهروا ليستقبلوا افراد الفريق الذي أقلته حافلة استغرق اجتيازها نحو 22 كلم أكثر من 3 ساعات لشدة الازدحام الناجمة عن خروج جل سكان بيروت والمناطق الساحلية المحيطة للاحتفال في المناسبة. ومنذ بدء المنافسات، كانت كل الترشيحات تصب في مصلحة الحكمة والاتحاد بطل أندية دول مجلس التعاون الخليجي وصاحب المركز الرابع قارياً 1999، خصوصاً أن النسخة ال11 جاءت باهتة بعض الشيء في ظلّ غياب أبرز فرق شرق القارة، فأضحت غالبية المشاركين من الفرق العربية. وجمع الدور نصف النهائي أربعة منها هي الحكمة المحاصر بثلاثة أندية خليجية: الاتحاد والمنامة البحريني والقادسية الكويتي. أما أبرز المفاجآت فتمثلت بالعروض الضعيفة للريان القطري وبتروناس الماليزي ثالث العام الماضي. وفي النهائي المثير، جدد الحكمة فوزه على الاتحاد على غرار ما حصل في نصف نهائي العام الماضي، وترافقت المواجهة أيضاً مع احتكاك تطور الى تصادم واحتجاج من قبل السعوديين. وكان الحكمة احرز اللقب الموسم الماضي بتغلبه على لياونينغ الصيني، ليصير اول فريق عربي يحرزه منذ انطلاق المسابقة قبل 19 عاماً، والتي كانت حكراً على فرق شرق آسيا منذ 1989. ويشار الى ان النقاط ال107 التي سجلها الفريقان هي الادنى في المسابقة الحالية، وفي تاريخ المباريات النهائية للبطولة بسبب الاعصاب المشدودة داخل الملعب وخارجه والتي ادت الى توقف اللقاء لمدة عشر دقائق في الشوط الاول. وقد حسم الحكمة، الذي كان خسر لقبه العربي قبل بضعة اسابيع في دبي حيث حلّ ثالثاً، انتصاره في الدقيقة الاخيرة بفضل 4 نقاط لفادي الخطيب من رمية ثلاثية من خارج القوس ورابعة من رمية حرة، ونقطة من رمية حرة للنيجيري محمد آشا قبل 20 ثانية من النهاية. وكان في وسع الاتحاد ان يدرك التعادل لو لم يخسر لاعبه الاميركي شيريل فورد الكرة قبل ان يحتسب الحكم رميتين حرتين للخطيب واخريين لآشا، علماً بأن فورد كان ابرز مسجل في المباراة برصيد 20 نقطة تلاه الخطيب 19 ثم قائد الحكمة ايلي مشنتف 17. ولجأ الفريقان الى الدفاع منذ البداية ولذا كانت الكفتان متكافئتين، قبل ان يتقدم الاتحاد بفارق 5 نقاط 22-17 بفضل حسن المرواني قبل ان يسجل مشنتف ثلاثية والخطيب 4 نقاط ليتقدم الحكمة 24-22. لكن المباراة توقفت بعد احتكاك بين آشا والسعودي مبروك الحربي، وألقى متفرجون زجاجات مياه فارغة على الملعب ومقاعد احتياطيي الاتحاد، فسحب مدرب الاتحاد لاعبيه الى خارج الملعب وهدد بالانسحاب نهائياً في الوقت الذي دعا فيه رئيس نادي الحكمة انطوان الشويري المتفرجين الى تشجيع فريقهم فقط، قبل ان يعاود اللعب وينهي الحكمة الشوط الاول لمصلحته 28-24. كما ان السعوديين احتجوا على تأخر انطلاق المباراة اساساً. وفي مطلع الشوط الثاني، قلّص الاتحاد الفارق ثم تقدم 31-28 بعدما اخفق الحكمة في تسجيل نقطة واحدة في الدقائق الست الاولى. وادرك الحكمة التعادل 31-31 بفضل السنغالي اسان نداي، قبل ان يفرض فورد بدوره التعادل بثلاثية للاتحاد 38-38، وزميله الجهني بثلاثية ثانية 50-50 قبل 32،1 دقيقة من انتهاء المباراة، قبل ان تكون الكلمة الاخيرة للخطيب وآشا في الثواني الاخيرة. واختير ايلي مشنتف افضل لاعب في البطولة للمرة الثانية ايضاً، وآشا افضل مدافع للمرة الثانية ايضاً، ونداي افضل لاعب في المرتدات، وفورد افضل لاعب مؤثر وفي الرميات الثلاثية 18 من 36 رمية، والقطري ياسين اسماعيل افضل مسجل وبدر مكي من الحكمة افضل لاعب سادس، ومدرب الحكمة غسان سركيس افضل مدرب للمرة الثانية ايضاً، وفريق المنامة البحريني جائزة اللعب النظيف. المنامة ثالثاً وكان الحكمة فاز على المنامة بصعوبة 71 - 65 38 - 34، والاتحاد على القادسية 95 - 96 49 - 33. وجاء الريان خامساً اثر تغلبه على الوحدة السوري بطل غرب آسيا 84 - 70 48 - 49، والحديد الصلب الايراني سابعاً بفوزه على بتروناس 83 - 44 42 - 23، واحتل ماهاكا الاندونيسي المركز التاسع الأخير. إنطباعات ... ووسام وبدا التأثر واضحاً على رئيس نادي الحكمة انطوان الشويري الذي اغرورقت عيناه بالدموع وشعر بدوران خفيف، وأهدى الانتصار الى أهالي القرى المحررة في الجنوب. وتلعثم مدرب الفريق غسان سركيس في الردّ على أسئلة الصحافيين من شدة الفرحة، وأكد أنه خاض أصعب نهائي في حياته. "الاتحاد فريق قوي وهذا ما جعل المباراة تحسم في ثوانيها الأخيرة". وقال قائد الفريق إيلي مشنتف ان احرازه لقب أفضل لاعب يعود بالدرجة الاولى الى المؤازرة الكبيرة من زملائه، "والمباراة كانت 40 دقيقة من الجهد والتصميم، وهذا ما جعلنا نتفوق" كما شكر حضور نجم الدوري الأميركي للمحترفين روني صيقلي "الذي أعطانا دفعاً معنوياً كبيراً" وكشف مشنتف أنه ادرك صعوبة الموقف منذ الدور نصف النهائي. وفي وقت بدا فادي الخطيب، الذي اضطلع بدور فاعل في مباريات الفريق اثر عودته من الولاياتالمتحدة، غير مصدق لما حصل، وشكر "القائد" مشنتف على دعمه ونصائحه. وعلّق بدر مكي على اختياره أفضل لاعب سادس في البطولة بقوله ان ذلك برهان على أن مسجل النقاط ليس وحده صاحب الدور الحاسم والمؤثر "أشكر المدرب سركيس على ثقته، خصوصاً أنه عرف متى يدخلني لأغيّر في سير المباراة". وأغلقت مدارس الحكمة أبوابها احتفالاً، وأمس، زار أفراد الفريق وجهازه الإداري الرئيس لحود لشكره، وقدموا له كأس البطولة في خطوة رمزية، فمنح الفريق وسام الأرز من رتبة ضابط بصورة استثنائية. وسيطوي الحكمة صفحة جديدة في سجله الذهبي، ليستأنف الاستعداد لنهائيات بطولة لبنان التي تنطلق في الأسبوع المقبل، وسيواجه الأنترانيك رابع الترتيب في الدور نصف النهائي من المربع الذهبي، وكل طموحه أن يحافظ على اللقب للمرة الثالثة على التوالي.