تستأنف اليوم في الرباط الاجتماعات التمهيدية لبحث إمكان عقد مفاوضات جديدة حول موضوع الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي. ومن المقرر ان يجتمع رئيس الحكومة عبدالرحمن اليوسفي مع المفوض الأوروبي المكلف الزراعة والصيد البحري فرانز فيشلر في مقر الحكومة في ثاني لقاء بينهما منذ توقف العمل بالاتفاق في تشرين الثاني نوفمبر الماضي. وقال مصدر في اللجنة الأوروبية في الرباط ل"الحياة" إن اجتماع اليوم كان مقرراً منذ نهاية العام الماضي. وان فيشلر جاء للاستماع إلى الرد المغربي حول إمكان تجديد الاتفاق بعد العروض الجديدة التي اقترحها الاتحاد الأوروبي على المغرب. وحسب المصادر، يقترح الاتحاد الأوروبي صيغة مرنة تنازلات تأخذ في الاعتبار مصالح المغرب في ثرواته البحرية مع إمكان تطوير شراكة فعلية بين شركات الصيد في كل من اسبانيا والمغرب في مقابل رفع حجم التعويضات السنوية التي كانت تقدر في السابق بنحو 150 مليون دولار، ومساعدة الرباط على تطوير اسطولها البحري وتنمية البنى التحتية في مرافئ الصيد الساحلية. من جهته، كشف مصدر مغربي مطلع ل"الحياة" ان اجتماع اليوم جاء بطلب من المندوب الأوروبي فيشلر "للاستماع إلى المقترحات الأوروبية التي سنعمل على بحثها". لكنه استبعد التوصل إلى أي اتفاق جديد في مجال الصيد على غرار الصيغ القديمة، وقال: "موقفنا واضح وهو ان الموارد البحرية لم تعد تسمح بالاستغلال المكثف الذي كانت تقوم به الاساطيل الأوروبية". وحسب بعض المصادر، فإن أزمة الصيد داخل الاتحاد الأوروبي هي التي دفعت فيشلر إلى البحث في مخرج لها في المياه المغربية بسبب الضغط المسجل داخل السواحل الأوروبية. وكانت الأطراف الأوروبية فشلت في التوصل إلى إقرار صيغة متفق عليها بشأن خطة عمل السنوات المقبلة بفعل الحاجة إلى مساحة صيد أوسع، خصوصاً بالنسبة إلى الاسطول الاسباني الذي يعتبر الأضخم من نوعه أوروبياً، وكان يحصل على 517 رخصة صيد في المياه المغربية خلال سنوات 1996 - 1999. وكان رئيس الحكومة الاسبانية خوسيه ماريا ازنار عبّر خلال زيارته الرسمية للمغرب الأسبوع الماضي عن الرغبة في حل موضوع الصيد البحري الذي بات يشكل ملفاً اجتماعياً لعشرات الآلاف من العائلات الأندلسية التي كانت تعيش من الصيد في المغرب وتحصل حالياً على مساعدات من بروكسيل. ويستبعد المغرب حالياً فكرة تجديد اتفاق الصيد ويترك في المقابل الباب مفتوحاً أمام إمكان شراكة استثمارية بين القطاع الخاص المغربي والأوروبي، شرط مراقبة الاستغلال. وكان الموقف نفسه ابلغ إلى روسيا الفيديرالية التي كانت تملك 100 باخرة صيد في المياه الاقليمية المغربية. وقال وزير المال فتح الله ولعلو: "إن تعويضات الصيد البحري المقدرة ب150 مليون دولار غير واردة في موازنة 2000، وأدرجنا موارد أخرى لتعويض هذه الايرادات. أما مشكلة الصيادين الأوروبيين فهي تشبه موضوع المزارعين المغاربة الذين يواجهون بدورهم صعوبات في تصدير منتجاتهم إلى الاتحاد، خصوصاً البندورة". ويتوقع المراقبون أن تشهد العلاقات الأوروبية - المغربية بعض الصعوبات بإحياء موضوع الصيد البحري، إذ تضغط مدريد على بروكسيل لتأجيل البث في بروتوكول التعاون المالي 2000 - 2003 إلى حين ايجاد مخرج لملف الصيد البحري. وكانت اسبانيا تحصل على عائدات سنوية تقدر بنحو بليون دولار من نشاطها في المياه المغربية، في حين قدرت مجموع التعويضات التي حصل عليها المغرب في الاتفاق السابق 1996 - 1999 بما فيها الصيد، بنحو 3.1 بليون دولار. ويرغب المغرب في أن يساهم الصيد البحري في توفير نصف مليون فرصة عمل جديدة خلال السنوات الخمس المقبلة لمعالجة البطالة المقدرة ب24 في المئة.