اضطرت صحيفة "الشعب" الناطقة باسم حزب العمل المصري المعارض الى الدفاع عن الكاتب محمد عباس الذي اثار حملة ضد رواية "وليمة لاعشاب البحر" باعتبارها مسيئة للاسلام. وجاء دفاع "الشعب" بعد رد معارضي الحملة على عباس بنشر مقتطفات من روايته "قصر العيني" التي كتبها مطلع التسعينات، وتضمنت حسب ناشريها "تطاولاً على الله وتحريفاً في آيات القرآن، ودعوة للزنا وتعاطي الحشيش". وعلى رغم ان حملة التحريض على رواية "اعشاب البحر"، للكاتب السوري حيدر حيدر، استندت الى عبارات استهدفت "اثارة المشاعر الدينية" بنشر مقولات اعتبرت تطاولاً على الدين وأدت الى تظاهر طلاب الازهر ، إلا أن ذلك لم يمنع الطرف الثاني من حشد حملة مضادة قوية، انطلقت بالتوازي على خلفيتي حماية الدين والدفاع عن حرية الرأي. وفوجئ متابعو "الرواية الازمة" بنشر قصة كتبها عباس مطلع التسعينات، وتحت عناوين مثيرة مشابهة لانتقادات "الشعب" ضد "أعشاب البحر". وجاء في تعليق لصحيفة "القاهرة"، التي تصدرها وزارة الثقافة: "اغضب في الله يا حزب العمل... واشهدوا يا قراء هذا الافتراء على الدين" ونشرت على مساحة صفحة تقريباً نصوصاً كاملة اعتبرتها تأكيداً على "المزايدة في الدين". وابرزت الصحيفة فقرات من رواية عباس، جاء فيها ان "الدكتور عباس يُحرّف آيات من القرآن الكريم في ثلاث صفحات من روايته"، واضافت انه "قال في الرواية من لم يزن قط ولم يسكر قط ولم يحشش قط لم يعش" و"كتب بالنص.. أنا لا اؤمن.. أنا لا أصلّي". وحسب نصوص الرواية، فقد استخدمت ألفاظ اعتبرها معارضو عباس "بذاءة لا تصدر عمن يلبس ثياب الفضيلة والخير والعفة". واوردت الصحيفة نماذج عدة عن "مقاطع جنسية كاملة والفاظ بذيئة وتشكيك في الدين". واللافت ان صحيفة "الشعب" في ردها امس الأول على انتقادات المثقفين استندت الى المقولات ذاتها التي برر بها المسؤولون نشر رواية "اعشاب البحر"، فما اورده عباس في روايته "ألفاظ مكفنة... مغلفة ليس فيها ابتذال ولا فحش، وجاءت في سياق قصصي يدعو للقيم النبيلة". يذكر ان معارضي "أعشاب البحر" رفضوا المبررات نفسها التي ساقوها للدفاع عن رواية "قصر العيني"، وكان مثيراً ان تنشر "الشعب" شرحاً مطولاً للرواية تحت عنوان "الجنس في رواياته يفضح الفحش ولا يهدف للإثارة والتعري". وحاولت صحيفة "الشعب" تبرير الرد بأنه ليس "دفاعاً عن عباس، فقامته أطول من أيدي الاقزام وانما محاولة للتعرف على عالم الاديب الكبير". ويشار الى ان اول ظهور عام للكاتب الذي تسبب في الازمة، كان ابان حرب الخليج مطلع التسعينات حينما كتب سلسلة مقالات تحت عنوان "رسائل الى الرئيس" ناشده فيها عدم مشاركة مصر في التحالف ضد العراق، وهو طبيب متخصص في "الاشعة" وغير معروف عنه الانتماء الى فصائل سياسية قبل ظهوره العام. والملاحظ ان الحملات المتبادلة بين الطرفين استندت الى شعار "الدفاع عن الدين" لكن المثقفين اعتبروا ان "عباس هو البادئ وليتحمل تبعات الخلط بين الخيال والابداع وبين النصوص المقدسة" وهو ما يشير الى احتمال انقسام في الرأي العام، وسيظل نجاح اي طرف مرهوناً بقدرته على حشد انصاره في المواجهة التي ينتظر تصاعدها في الايام القليلة المقبلة.