في إطار الجدل الدائر حالياً في الوسط الثقافي المصري حول كتاب "أبي آدم" للباحث عبدالصبور شاهين والذي وصل أخيراً الى ساحة القضاء، نظم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ندوة تحت عنوان "دفاعاً عن حرية الاجتهاد" شارك فيها مثقفون من اتجاهات مختلفة وأدارها الشاعر حلمي سالم. ويزعم عبد الصبور شاهين في كتابه أن الانسان تطور عن سلاسة سبقته هي البشر، وأن آدم - عليه السلام - هو أبو الإنسان وليس أبا البشر. ويقول شاهين: إنه "حاول في الكتاب التوفيق بين المعلوم من الدين وبين مستحدثات العلم". إلا أن الشيخ يوسف البدري أعتبر ما توصل إليه شاهين إنكاراً "للمعروف من الدين بالضرورة" ورفع عليه دعوى حسبة أتهمه فيها بالكفر وطالب بتفريقه عن زوجته. ويشار إلى أن شاهين نفسه هو صاحب التقرير الشهير الذي استند إليه القضاء المصري في الحكم على نصر حامد أبو زيد بالردة، "لأنه في أبحاثه عن القرآن الكريم أنكر المعروف من الدين بالضرورة"، وتفريقه عن زوجته ابتهال يونس، ما دفع الأخيرين إلى ترك مصر والإقامة في هولندا قبل نحو 5 سنوات. واستهل حلمي سالم الندوة بالتشديد على أن هدفها هو استنكار حجب الرأي وليس تأييد رأي معين أو شخص معين. وذكّر بأن الاستناد إلى الحسبة "أوقع الأذى المادي والمعنوي بالكثير من الكتّاب مثل نجيب محفوظ ونصر حامد أبو زيد والراحل فرج فودة وعلاء حامد وليلى العثمان وعالية شعيب وموسى حوامدة". وتحدث محمد السيد سعيد، نائب مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية في صحيفة "الأهرام" عن ضرورة إنهاء الازدواجية، في تكوين المثقف العربي، بين الحديث والتقليدي، ورأى سعيد أن دعاوى الحسبة تهدد بالفتك بحيوية المجتمع العربي. وشدد الناقد عبدالمنعم تليمة على أن "الاجتهاد ليست له بداية ولا نهاية، لكن لا ينبغي أن يحمّل المجتهد اجتهاده على علم معين". وفي الختام قرأ حلمي سالم رسالة وجهها نصر حامد أبو زيد من "منفاه" الى عبدالصبور شاهين الذي لم يحضر الندوة، وأكد أبو زيد أنه يقف بقوة ضد "حملة التكفير التي يواجهها شاهين". لكنه استغرب في الوقت نفسه إصرار شاهين - على رغم ما يواجهه - على عدم التراجع عن اتهامه، أي أبو زيد، بالارتداد عن الإسلام. وكانت محكمة جنوبالقاهرة الابتدائية قررت النطق بالحكم يوم 29 أيار مايو المقبل في الدعوى المرفوعة من أبو زيد ضد وزير العدل المصري والتي يطالب فيها بإثبات العلاقة الزوجية بيته وبين ابتهال يونس واستمرارها. ولفتت القضية انظار المثقفين المصريين وأثارت كثيراً من الاسئلة ولا سيما في هذه المرحلة التي تشهد تحولات عميقة على مستوى الثقافة ودورها والمخاطر التي تواجهها وهي أكثر من ان تحصى.