تتكاثر في عمان أنواع من السلاحف البحرية وجدت اهتماماً حكومياً يحميها من التواجد على المائدة كطبق شهي ان لم تكن هي فبيضها اللذيذ. وحدد عدد من الاجراءات في هدف حماية الأنواع النادرة من هذه الكائنات البحرية التي تزخر بها البيئة العُمانية. وتعد السلاحف البحرية من أقدم هذه الأنواع وأكثرها ندرة. ويشمل الاهتمام الحكومي حماية الشواطئ والمناظر الطبيعية وتشجيع السياحة البيئية. وتعيش في شواطئ السلطنة أربعة أنواع من السلاحف هي السلحفاة الخضراء والزيتونية والشرفاف والرماني اضافة الى نوع خامس هو السلحفاة النملة التي تتغذى في البحار العمانية. وتقوم وزارة البلديات الاقليمية والبيئية حالياً في وضع خطة لادارة محمية السلاحف في رأس الحد وهي الآن على وشك الانتهاء. وتؤوي محمية السلاحف البحرية في رأس الحد بشواطئها الممتدة قرابة 500 كلم السلاحف الخضراء النادرة. وتعتبر تلك الشواطئ واحداً من الأماكن النادرة المتبقية في العالم لاحتضان مثل هذا النوع من السلاحف. وتقع نيابة رأس الحد جنوب شرق ولاية صور في المنطقة الشرقية وتبعد عن مركز الولاية مسافة 50 كلم تقريباً. وقد سميت بهذا الاسم نظراً لأنها تقع ما بين خليج عمان وبحر العرب. ويوجد في المحمية مكتب لمتابعة حماية السلاحف من خلال توظيف الكوادر العُمانية من أهالي المنطقة لترقيم أو مراقبة تلك السلاحف وتنظيم دخول الزوار الى المحمية لمشاهدتها والاطلاع على طريقة حياتها، إذ تعشش في المنطقة في كل عام ما بين ستة آلاف الى 13 ألف سلحفاة تفد الى شواطئ النيابة من مناطق أخرى بعيدة كالخليج العربي والبحر الأحمر وشواطئ شرق افريقيا ومناطق أخرى في المحيط الهندي. وتمتاز منطقة رأس الحد بمواقع أثرية قديمة يعود تاريخها الى الألف الرابع والألف الثالث قبل الميلاد أهمها موقع رأس الجنز الأثري وأجريت مسوحات شاملة بين عامي 1981 و1984 للتعرف على عدد من المستوطنات والمدافن التي تعود الى العصر البرونزي. وعثر على قطعة فخارية وردية اللون ومزخرفة بأربعة نقوش تنتمي الى حضارة وادي الأندس تعرف بفخار الهارابان. وكانت عمليات التنقيب في رأس الجنز بدأت عام 1985 واستمرت حتى عام 1996 وحفلت بالكثير من المكتشفات الأثرية. وأثبتت نتائج الحفريات عموماً أهمية رأس الجنز كموقع أثري غطى النشاط البشري فيه خمس فترات زمنية هي عصر الهليوسين والألف الرابع ق.م. وبدايات الألف الثالث ق.م. والألف الثاني ق.م. والعصر الحديدي. وتحتوي مستوطنة رأس الجنز مجموعة من المباني مشيدة من الطوب بالقرب من شاطئ البحر. وقامت فيها نشاطات ارتبطت بالبيئة الطبيعية والحياة اليومية لسكان المستوطنة الذين صنعوا صنارات الصيد الصدفية والنحاسية والاثقال الحجرية لشباك الصيد والخواتم الصدفية والأدوات الحجرية الصوانية. ويحتوي موقع رأس الجنز بعض المدافن التي ترجع الى فترات مختلفة وكذلك مجموعة من المقابر الجماعية التي ينتمي نمطها الى قبور أم النار. ومن الحقائق التي أبرزتها حفريات رأس الجنز ان السكان اعتمدوا على البحر كمصدر رئيسي للرزق. وتوافرت معلومات عن عناصر شبكة التبادل التجاري والحضاري الكبيرة التي اتجه جزء منها الى حضارة وادي الأندس حيث تم تصدير السمك والأصداف والنحاس والحجارة والأواني الفخارية المحلية واستورد العاج والخرز والفخار. ومما تم اكتشافه ايضاً في رأس الجنز مبخرة من حجر الكلس وفي داخلها مادة سوداء يعتقد أنها أثر لبان محروق. وحدد تاريخها في ما بين 2200 و2100 ق.م. وهي بذلك تعد أقدم مبخرة عرفت في تلك الفترة مما يدل على أن انتاج اللبان والمتاجرة به كانا سائدين في النصف الثاني من الألف الثالث ق.م. وكذلك اكتشاف قطعتين من قاعدة آنية حجرية الحجر السماقي تعود الى الحضارة المصرية مما يدل على الصلات الحضارية بين عمان ومصر الفرعونية في تلك الفترة والكثير من المكتشفات الأثرية الأخرى. وأكدت نتائج التنقيب والبحث عن الآثار في رأس الجنز على وجود ميناء قديم في تلك المنطقة يعتبر من أقدم الموانئ على سواحل شبه الجزيرة العربية. وتم اكتشاف بقايا قارب يعود الى الألف الثالث بالاضافة الى مكتشفات متنوعة تم استيرادها من الهند كدليل مهم على وجود اتصال تجاري في تلك الفترة بين عمان وشبه القارة الهندية.