بدت بوادر مواجهات جديدة نقابتي الصحافيين والمحامين في مصر مع الحكومة. وحذر الصحافيون من عقوبة السجن في قضايا النشر، فيما صعد المحامون معارضتهم تمديد الإشراف القضائي على نقابتهم. وكانت محكمة في القاهرة اصدرت قبل ايام حكماً بسجن 5 صحافيين في صحيفة "الأحرار" ستة اشهر، ليرتفع عدد المحكومين في قضايا النشر الى 8 صحافيين. وقررت لجنة الإشراف القضائي على نقابة المحامين تمديد ولايتها 3 أشهر جديدة، مما ترتب عليه تأجيل الانتخابات التي كان متوقعة خلال اسابيع. و أصدر مجلس نقابة الصحافيين برئاسة النقيب ابراهيم نافع بياناً عنيفاً يعد الاول من نوعه اعتبر فيه أن "العقوبات السالبة للحرية في جرائم النشر تهدد حق المواطنين في صحافة حرة، وتترك اثرها في تشويه الوجه الحضاري لمصر على المستوى الدولي". وشهدت دار النقابة اجتماعاً صاخباً للجنة الحريات، دعا المشاركون فيه الى احتجاب صحف المعارضة، على اساس ان الاحكام القضائية طاولت العاملين فيها. ويشار الى ان محكمة استئنافية اصدرت حكماً قبل اسبوعين بحبس رئيس تحرير صحيفة "الشعب" المعارضة مجدي احمد حسين وزميليه صلاح بديوي وعصام حفني بالسجن عامين للاول والثاني، وعام للثالث في دعوى أقامها نائب رئيس الحكومة رئيس الوزراء الدكتور يوسف والي وهو أمين عام الحزب الوطني الحاكم. فيما جاء الحكم الاخير لصالح رئيس شركة "مصر للطيران" المهندس فهيم ريان، بحبس خمسة من صحافيي "الأحرار" المعارضة، بعد أن دانتهم المحكمة بالقدح والذم في حقه. وقررت لجنة الحريات دعوة مجلس النقابة الى بدء حوار مباشر مع رجال القضاء ووزير العدل والنائب العام، للبحث في وسائل إلغاء مواد السجن في قضايا النشر، معتبرة ان "الحكومة تشن هجمة شرسة على صحف المعارضة، لإرهاب الصحافيين ومنعهم من اداء واجبهم في كشف النواقص والسلبيات في الاداء الحكومي". وانتقدت صحيفتا "الشعب" و"الأحرار" امس في عنف المعالجة الحكومية لهذه القضية.وقالت "الشعب" ان "ما يحدث عبث لا يليق بمكانة مصر، فإلى متى يستمر هذا العدوان على حرية التعبير، وحق المعارضة"، فيما حذرت "الأحرار" في عموده اليومي من ان "للصحافة لعنة ليست بعيدة عن لعنة الفراعنة"، وان "التعامل بغفلة او بجهل مع حرية الصحافة باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من الحريات العامة، سيزج بهؤلاء الى مواجهة الجماهير، وينتهي الامر دائماً بانتصار الصحافة الحرة". من ناحية اخرى بدت اوضاع نقابة المحامين اكثر ارتباكاً، بعد استقرار الاوضاع منذ ستة اشهر، استعداداً لإجراء الانتخابات المعطلة منذ 4 سنوات، وذلك اثر صدور قرار تمديد الإشراف القضائي والذي كان مقرراً انتهاؤه منذ ايام، لمدة 3 اشهر جديدة. وشهدت دار النقابة تحركاً جديداً لجبهة "الانقاذ" التي دعت الى مؤتمر عام، احتجاجاً على القرار، إلا ان استجابة المحامين جاء ضعيفة للغاية، إذ لم يشارك فيه اكثر من 50 محامياً. وشدد نقيب المحامين في القاهرة عبدالعزيز محمد على ان "قرار التمديد سيؤدي الى تعقيد الازمة ويثير مخاوف من رغبة الحكومة في استمرار الاوضاع من دون اجراء الانتخابات". وفرضت الحراسة على النقابة في كانون الثاني يناير العام 1996، إبان الصدام السياسي مع جماعة "الاخوان المسلمين" إثر صدور حكم قضائي لمصلحة خصومها الذين نجحوا في الاستحواذ على غالبية مقاعد المجلس في آخر انتخابات جرت العام 1992. وفشلت كل المحاولات القانونية والسياسية لإنهاء الاوضاع القائمة، حتى صدر حكم في تشرين الاول اكتوبر الماضي، بإنهاء الحراسة واجراء الانتخابات. واعتبر مراقبون ان ضعف الاستجابة للمؤتمر الذي عُقد اول من امس جاء تعبيراً عن انقسام في الرأي لجهة التعاطي مع التطور الاخير، إذ اكد رئيس لجنة الاشراف على انتخابات النقابات المهنية المستشار محفوظ شومان ان الانتخابات ستتم خلال 3 اشهر، فيما رأت اتجاهات معارضة يقودها المرشح لمنصب النقيب النائب سامح عاشور، ان المرحلة المقبلة ستشهد تحركات قاعدية، تستهدف إعداد الساحة لمواجهة قوية إذا لم يتم الإعلان عن الانتخابات في موعد اقصاه نهاية أيار مايو المقبل.