بعد مرور خمسة عشر عاماً على مشاركة إيطاليا في القوة "المتعددة الجنسيات"، لحفظ السلام إبان الحرب اللبنانية دعا الجنرال الكومندور المتقاعد حالياً أنجيوني فرانكو - الذي ترأس حينذاك الوحدة الإيطالية التي كان قوامها زهاء ثمانية آلاف عسكري وقرابة مئة وعشرين ممرضاً وممرضة، والرقم الأخير خدم في المستشفى العسكري النقال الذي اشتهر آنذاك في ضاحية بيروت الجنوبية - دعا الى لقاء بمبادرة خاصة منه، كانت بمثابة جمع شمل لكثير من الأصدقاء، بلغ عددهم حوالى الألفين، ما بين عسكريين من مختلف الرتب، وممرضين وأطباء وصحافيين ورياضيين وفنيين، وبحضور شخصيات سياسية حالية وسابقة. اللقاء الذي تم في المدينة العسكرية في روما في ظل أعلام ثلاث دول هي إيطاليا، لبنان وأوروبا، تتوسطهم الأرزة اللبنانية، كان مناسبة للقاء الزملاء المتباعدين، الذين فرّقتهم العودة من بيروت، وكحديث عن ذكريات تلك التجربة، وهي كانت الأولى للجيش الإيطالي، التي خدم فيها خارج إيطاليا بعد الحرب العالمية الثانية، لتكر السبحة بعد ذلك ما بين كردستان وموزامبيق، الصومال وألبانيا والبوسنة... وقد حالت خدمة الآلاف في الدولة الأخيرة تحديداً، من دون المشاركة في هذا اللقاء، الذي استهله الجنرال "انجيوني" بخطاب تميز بحميميته، وذكريات لبنان في تلك المرحلة الصعبة. وعقبه وزير الدفاع السابق "ليليو لاغوريو"، بالحديث عن كيفية اتخاذ هذا القرار الصعب الأول، بعد الحرب العالمية، وتحديداً إلى لبنان، وما اعترى القرار من تخوف من عدم النجاح عالمياً، ولعل رئيس الوزراء السابق الراحل "سبادوليني"، من شدة قلقه اتصل به ليلاً، لسؤاله عن مدى صحة قراره، ناهيك بالخوف الذي اعترى الجنرال بعد وصول الباخرة المحملة بالوحدة الإيطالية الى المرفأ، وتأخر خروج الجنود لعطل طارئ استمر دقائق، فيما كان ينتظرهم الصحافيون والسياسيون... وتخلل الحفل - اللقاء، معرض صور للبنان والوحدة الإيطالية والمستشفى العسكري الإيطالي وغداء، وكانت مفاجأة الحفل دعوة الشاب اللبناني مصطفى حايك، الذي عرفه الجنرال في لبنان بعدما فقد والديه، ورعى مجيئه إلى إيطاليا، كي يكمل دراسته آملاً التخصص في الطب والحصول على الجنسية الإيطالية! ووزعت على الحضور بطاقات معايدة، تضمنت صوراً للوحدة في لبنان تحت عنوان "15 عاماً لبيروت"، وكذلك أرزة فضية صغيرة للذكرى وكعربون وفاء، رفع الستار عن تمثال للجندي الإيطالي فيليبو مونتيزي، وهو الجندي الوحيد الذي جرح أثناء الحرب عام 1983 وعولج في مستشفى رزق ليتم نقله الى روما حيث توفي بعد أيام قليلة!