تفجرت أزمة مفاجئة، ربما تطيح بالتنسيق بين قوى المعارضة المصرية، إذ مارس "الإخوان المسلمين" عرضاً للقوة في مؤتمر أحزاب وقوى المعارضة المصرية، الذي عُقد مساء أول من امس حاولوا من خلاله الإيحاء بانهم القوة الأولى في المعادلة السياسية في البلاد، مما حمل رئيس حزب التجمع اليساري السيد خالد محيي الدين على الانسحاب من المؤتمر. وكان انصار "الجماعة" استقبلوا المرشد العام السيد مصطفى مشهور في المؤتمر الذي عقد في مقر حزب العمل بالهتاف التقليدي "في سبيل الله قمنا، نبتغي رفع اللواء، لا لدنيا قد عملنا نحن للدين فداء"، فيما شدد زعيم "الإخوان" في كلمته على أن "النصر لنا، ودوام الحال من المحال". وكان لافتاً حضور "الاخوان" سواء عبر الشعارات واليافطات التي حملوها او سواء بكثافة حضورهم المؤتمر الذي عقد في باحة مقر حزب العمل الاسلامي التوجه. وعُقد المؤتمر لمناسبة تدشين المعارضة حملة شعبية استعداداً للانتخابات البرلمانية المقررة الخريف المقبل تستهدف الدعوة الى "إلغاء حال الطوارئ، وتوفير ضمانات نزاهة الانتخابات" وشارك فيه رؤساء وقادة المعارضة المصرية. وحمل مشهور بشدة على الحكومة، وقال إن "قانون الطوارئ لن يحمي الحكومة، من المساوئ التي ترتكبها، ودوام الحال من المحال"، ولفت الى أن "الإخوان ضد العنف، ومع السلام ولا نطلب الحكم لأنفسنا، وأي حاكم يستجيب الى شرع الله نحن معه". واعتبر زعيم "الإخوان" أن قانون الطوارئ يستهدف الجماعة إذ شدد على أن "الإخوان هم ضحية الطوارئ، والحكومة تعلم اننا ننجح في النقابات، وتخشى مساندة الرأي العام لنا في الانتخابات العامة، كما يحدث في النقابات، فتعتقل قياداتنا البارزة، وتحاكمها أمام محاكم عسكرية". وشدد مشهور على أن "الصراع بين الحق والباطل معروفة نتيجته، والأمر يحتاج الى صبر جميل، وتحمل الأذى والمحن، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، والنصر معنا، ودوام الحال من المحال"، ولفت الى أن "الإخوان يدعون للإسلام، ولا اشتراكية أو شيوعية أو رأسمالية أو قومية تصلح لهذه البلاد مصر وإنما الإسلام فقط". واختتم أنصار "الإخوان" كلمة زعيمهم بالهتاف "حسن البنا يا شهيد.. جيشك راجع من جديد، فليبق للدين مجده أو تُرق منا الدماء". وكانت بدايات المؤتمر، تشير الى بوادر الأزمة المفاجئة التي حدثت حيث عبرت عنها اللافتات المحيطة بالساحة، وتسبب عدم تنفيذ الالتزامات المتفق عليها في لجنة الإعداد للمؤتمر، في انسحاب زعيم حزب التجمع السيد خالد محيي الدين، وممثل حزبه في لجنة التنسيق بين المعارضة السيد حسين عبدالرازق من المؤتمر، وأعلن رئيس حزب العمل المهندس ابراهيم شكري في نهاية المؤتمر اعتذاره عن الأخطاء التي حدثت وأدت الى انسحاب محيي الدين وأنصاره. ومن المقرر أن تبدأ الأمانة المركزية ل"التجمع" في اجتماعها الذي سيعقد خلال أيام البحث في مستقبل التنسيق والتحالفات السياسية، مع بقية الأحزاب، على خلفية قرار اللجنة المركزية الذي طالب إعداد تقرير في هذا الشأن، وفي ضوء ما جرى من أحداث في مؤتمر المعارضة أول من امس. وكان محيي الدين افتتح المؤتمر منتقداً "التفاف الحكومة على مشروع المعارضة لضمان نزاهة الانتخابات". وحمل زعيم الحزب الناصري السيد ضياء الدين داود على تمديد الطوارئ، وقال إن "الحكومة تستخدم الطوارئ للحد من الحقوق المدنية للمواطنين، وتستهدف بها محاصرة الأحزاب السياسية، والتزوير سيتم في الانتخابات المقبلة، حتى في ظل إشراف القضاء، لأن النظام العام يسمح بحدوث التجاوزات". وشدد على أن "جرائم الإرهاب والعنف حدثت جميعها في ظل حال الطوارئ التي لم تنجح في خلق الاستقرار كما تزعم الحكومة". وكانت الحكومة أحالت قبل يومين على البرلمان مشروع قانون يضمن إمتداد اشراف القضاء على مراكز الاقتراع". وانتقد الامين العام المساعد لحزب الوفد الدكتور ابراهيم الدسوقي أباظة الاقتراح الحكومي. وقال في المؤتمر إن "تعديلات الحكومة لم تحقق مطالب المعارضة لتحقيق نزاهة الانتخابات"، واستمرار الطوارئ بفرض قيود على العمل العام، يفسد إرادة الناخبين" لافتا الى أن "استمرار السيطرة على وسائل الإعلام الرسمية لمصلحة الحزب الوطني الحاكم وأنصاره كفيل بالقضاء على المساواة بين المرشحين في الانتخابات". وفيما أشار ممثل حزب الأحرار السيد حلمي سالم الى أن "الانتخابات السابقة والتي جرت في ظل الطوارئ، أفرزت برلماناً مزوراً مطعوناً في صحة عضوية غالبية اعضائه بأحكام قضائية"، أكد ممثل الشيوعيين المصريين السيد صلاح عدلي أن "استمرار تعاون المعارضة، تأكيد واضح على التماسك في مواجهة ممارسات الحكومة، لمنعها من تزوير الانتخابات". ودعا رئيس حزب العمل المهندس ابراهيم شكري الى "تغيير حقوقي في قواعد العملية الانتخابية، من خلال تدابير عملية تمنع التزوير، وتؤكد تعبير الناخب عن إرادته". وقال إن "الحزب العمل يؤيد دعوة الرئيس حسني مبارك إجراء انتخابات نزيهة وصحيحة"، لكنه لفت الى أن "هذا يعني أن الانتخابات السابقة لم تكن هكذا، والأوضاع تحتاج الى تغيير ورغبة حقيقية في الشفافية".