منذ سنوات طويلة وكلوديا كاردينالي تحاول ان تخفف من حضورها على الشاشة. قبل ذلك كانت تصور في بعض الأحيان أربعة أفلام في العام الواحد. لكنها حين بلغت الثانية والأربعين من عمرها، قررت ان ذلك الايقاع لم يعد ممكناً، فبدأت تغيب، وراح غيابها يزداد ويطول. اليوم كلوديا حاضرة بجمالها وشخصيتها، أكثر من حضورها في الافلام. وهي لا تشعر بأية مرارة، ولا تحاول حتى ان تلقي اللوم على هذا الزمن الذي لم يعد قادراً على توفير ادوار لممثلات من طينة كلوديا وسنها. ولكن كم هو سنها اليوم؟ تفضل هي ألا تجيب وان كانت تقول مبتسمة: بالتأكيد تجاوزت الأربعين". مناسبة هذا القول ملف نشرته مجلة فرنسية عن الممثلات اللواتي تجاوزن الأربعين. وكانت كلوديا بينهن. ولكن من المعروف ان كلوديا تجاوزت الاربعين، منذ عقد ونصف العقد على الأقل. غير ان فاتنة فيسكونتي وكبار المخرجين الايطاليين والفرنسيين والاميركيين، تبدو دائمة الصبى، دائمة الابتسام دائمة الرضى. ولا سيما أخيراً حين قيض لها ان تلقي خطاباً من على منصة الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك. هناك جاءها عدد من المندوبين ليقول لها كل واحد منهم كم انه كان مغرماً بها وبأفلامها. في المقابل لا تحاول كلوديا اليوم ان تجري من العمليات ما يجعلها تبدو اصغر من سنها "ان الوجه يروي تاريخاً، تقول كلوديا، وانا أحب تاريخي". على رغم ابتعادها النسبي عن السينما فإن كلوديا، كما تقول، تتلقى عروضاً وسيناريوهات، لكن لا شيء في ذلك كله يغريها. وهنا تبتسم كلوديا بغموض وتقول: "مهما يكن، لقد تلقيت اخيراً ست سيناريوهات وجدتها مهمة، والأهم من ذلك ان ادواري المقترحة، في بعضها رئيسية". وتستدرك كلوديا هنا وتقول: "ان سبق لي ان مثلت تحت ادارة كبار مبدعي السينما، ودخلت تاريخها عن طريقهم". أهل المهنة يقولون عن كلوديا، كل الخير الممكن ولا سيما، يقولون، حين تكون منهمكة في عملها... عند ذاك تبدو مهنية وحرفية الى أبعد الحدود "فهي، حين تدخل بلاتوه التصوير تبدو واعية لكل ما يدور من حولها مدركة له. بل تبدو كذلك أحيناً اكثر من اللازم، قد يحدث للمخرجين ان يخشوها، اذ يشعرون انها تبدو وكأنها تمتحنهم وتمتحن مهنيتهم. حين يقال هذا الكلام لكلوديا كاردينالي تسارع الى الدفاع عن نفسها قائلة: "أبداً... أنا لا أحاول أبداً ان أسيطر على الموقف أو ان امتحن المخرجين. فقط حين يجبرني أمر ما، خلال العمل، أصارح المخرج بذلك وأنا مبتسمة، وعلى حدة، وهو غالباً ما يصغي الي". وتستدرك كلوديا قائلة: "ان لا أفهم أبداً ان يقوم المخرج، عند أدائه لعمله، باستشارة عشرات التقنيين. فالحال ان ليس هناك عشرات الإمكانات لتصوير لقطة واحدة. ومن المؤكد انه من غير المجدي البكاء في مشهد درامي ان لم يكن النور مضاء" بشكل جيد. فإن لم يكن النور جيداً يكون من الصعب علي ان أدخل في المشهد بشكل جدي. والأمر نفسه حين لا تكون الثياب جيدة ومضبوطة، وإذا لم تكن الكاميرا موضوعة على ارتفاع جيد". نذكر للمناسبة ان واحداً من آخر الأفلام التي مثلت فيها كلوديا كاردينالي، كان فيلم "صيف في حلق الوادي" للمخرج التونسي فريد بوغدير، وفيه تلعب دور الممثلة كلوديا كاردينالي المولودة في تونس والتي تعود الى مسقط رأسها نجمة لامعة.