وضعت اجهزة الأمن المصرية حداً لجدل استمر أسبوعاً في شأن أبعاد حادثة محاولة اغتيال لاعب الاسكواش المصري أحمد برادة المصنف الثاني في العالم. غير أن الملفت في القضية كان إعلان ان الجاني تبين أنه مجنون أو "مختل عقلي" وهي الصفة التي اطلقت من قبل على آخرين ارتكبوا حوادث مماثلة. وعقد مدير مباحث القاهرة اللواء اسماعيل الشاعر مؤتمراً صحافياً أمس، أعلن فيه أن الشرطة القت القبض على الجاني ويدعى محمد عبدالرازق عباس 28 سنة و"يعاني اضطرابات عقلية". وما زال المصريون يتذكرون محاولة الاغتيال التي تعرض لها الرئيس حسني مبارك اثناء زيارته لمدينة بورسعيد في شهر أيلول سبتمبر الماضي حين حاول مجنون آخر هو محمود حسن سليمان اقتحام موكبه وفي يده سكين وهو الحادث الذي أدى الى اصابة مبارك بجرح سطحي في يده اليمنى. ولا تخلو الصحف المصرية من انتقادات توجه الى الطريقة التي تتعاطى بها الحكومة مع "المجانين" وإضافة الى حادثتي مبارك وبرادة فإن واقعة الهجوم على باص كان يقل عدداً من السياح الألمان أمام ميدان التحرير في أيلول 1997 ما أدى إلى مقتل عشرة منهم واصابة أكثر من 20 آخرين قام بها أحد نزلاء "مستشفى الخانكة للأمراض النفسية" كان يخرج من المستشفى كل فترة بعد رشوة بعض المسؤولين فيها. وارتكب الشخص ذاته ويدعى صابر أبو العلا فرحات حادثاً آخر في شهر أيلول في العام 1994 حين فاجأ رواد فندق "سميراميس" وأطلق النار في باحته على الموجودين وقتل أربعة من علماء القانون وأصاب آخرين ساقهم حظهم العاثر الى الفندق في ذلك اليوم للمشاركة في مؤتمر قانوني دولي، وبعدما عجز رجال الأمن والمحققون عن الحديث الى الجاني أو سماع أقواله أحالوه على مستشفى الخانكة ليخرج منها بعد أشهر لتنفيذ حادثة الباص. واتخذت أجهزة الأمن ووزارة الصحة وقتذاك إجراءات صارمة للحد من ظاهرة فرار المختلين عقلياً من المستشفيات. ولوحظ أن بعضاً ممن انتقدوا الظاهرة حملوا على سياسة التخصيص التي تعتمدها الحكومة في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي، واعتبروا أنها المسؤولة عن ارتفاع اعداد المختلين عقلياً في الشوارع، إذ أن أحد الخيارات المعروضة أمام وزارة الصحة كان بيع مستشفيات الأمراض النفسية للاستفادة من ريع الأراضي المقامة عليها بدلاً من تخزين المختلين عقلياً فيها. وقدرت إحصاءات غير رسمية أعداد "المجانين" في الشوارع بالآلاف. وشرح اللواء الشاعر ملابسات حادثة برادة وظروف القبض على الجاني، وقال: "عقب وقوع الاعتداء جرى تشكيل فرق وتم الانتقال الى موقع الجريمة وبدأت عمليات البحث في مختلف الاتجاهات وتبين أنه لم يكن هناك اشتباك بين اللاعب والجاني لحظة وقوع الحادث وأن الاعتداء لم يكن بهدف السرقة". واضاف: "قبل تسعة أشهر شوهد رجل غريب عصبي وحافي القدمين ويرتدي ملابس رثة يتجول في المنطقة التي يقطن فيها برادة وكان يحمل كيساً وعندما لفت انتباه حراس وسكان المنطقة ألقى ما في حوزته وتبين أن بداخله سكيناً". واضاف المسؤول الأمني: "قبل وقوع الحادث بأسبوعين كان اللاعب برادة يقف بسيارته وفوجئ بشخص يقف أمامه مما دفع مدير أعمال اللاعب الذي كان جالساً إلى جواره داخل السيارة إلى استدعاء الشخص المجهول للاستفسار عن سبب وقوفه وتبين أنه الشخص ذاته الذي ألقي القبض عليه". وأوضح اللواء الشاعر أن أحد حراس الأمن في إحدى السفارات في المنطقة شاهد المتهم وأكد رؤيته له عقب وقوع الحادث وأنه شاهده قبل الحادث بيومين يدخل الفيلا التي يسكنها برادة. وقال الشاعر إن برادة كان اصيب بشد عضلي لحظة دخوله المنزل ما دفعه الى إجراء عملية لفك العضلات وتزامن ذلك مع وجود المتهم الذي بادره على الفور بالطعن من الخلف. واستبعد المسؤول الأمني أن تكون وراء الحادث "أي دوافع مادية أو وجود علاقات خاصة"، موضحاً أن عمليات البحث والتحري شملت أكثر من 400 شخص وأنه تم وضع حراسة خاصة على اللاعب باعتباره نجماً عالمياً.