عاشت طهران أمس أجواء صدمة وشهدت استنفاراً أمنياً اثر محاولة لاغتيال أحد رموز الإصلاحيين عضو المكتب السياسي لحزب "جبهة المشاركة" سعيد حجاريان، الذي اطلقت عليه النار من مسدس كاتم للصوت في قلب العاصمة الإيرانية، فأصيب بجروح خطيرة في عنقه وتضرر دماغه. وتضاربت الأنباء في شأن حاله الصحية اثر خضوعه لعملية جراحية، فأكدت مصادر أنه في حال "حرجة" بعدما تردد أنه استعاد وعيه ونجا بأعجوبة. وأكد "المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية"، الذي تعتبر منظمة "مجاهدين خلق" ذراعه العسكرية، ان لا علاقة له بالهجوم، فيما تعهد الرئيس محمد خاتمي "القتال بلا هوادة ضد الترهيب والعنف والقتل". وندد بشدة بالهجوم الذي نفذه شخصان صباح أمس، ووصفه بأنه "عمل ارهابي مثير للاشمئزاز". وأعلن ان المجلس الأعلى للأمن القومي أعلى هيئة سياسية - أمنية سيعقد اجتماعاً استثنائياً لدرس مضاعفات محاولة تصفية حجاريان الذي كان له دور بارز في الفوز الساحق للإصلاحيين أنصار الرئيس في الانتخابات البرلمانية وشغل سابقاً منصب نائب لوزير الاستخبارات. راجع ص3 ووجهت اتهامات إلى المجموعة المتورطة باغتيال مثقفين وكتّاب، بالضلوع في الهجوم على حجاريان، والذي يعتبر الحادث الثاني من نوعه هذه السنة لجهة مضاعفاته، بعدما قصفت "مجاهدين خلق" في شباط فبراير الماضي مكاتب كبار صناع القرار بقذائف "هاون". وقال خاتمي خلال جولته على منطقة يزد إن "الأعداء ارتكبوا جرائم سابقاً وأثاروا موجة ارهاب في البلد من دون أن يحققوا أهدافهم"، في إشارة إلى اغتيال مثقفين وكتّاب أواخر عام 1998. وبثت "وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء" الإيرانية الرسمية ان خاتمي اعطى توجيهات للأجهزة الأمنية "لكشف المجرمين بأسرع وقت"، واطلقت وزارتا الداخلية والاستخبارات عملية أمنية واسعة لتعقب منفذي محاولة اغتيال حجاريان. وجاء في بيان لوزارة الثقافة والارشاد ان "العميان الذين نفذوا الاعتداء لا يعرفون ان الرصاص لا يمكنه وقف الديموقراطية في إيران". وتردد صباحاً ان حجاريان استعاد وعيه بعد غيبوبة، وهو خضع لعملية جراحية اثر اصابته برصاصة في رأسه وأخرى في الكتف حين هاجمه مسلحان قرب المجلس البلدي الذي يشغل فيه منصب نائب الرئيس. ويعتبر القيادي الاصلاحي منظّراً لنهج خاتمي، ويتولى رئاسة تحرير صحيفة "صبح امروز" التي تابعت بدقة ملف الاغتيالات. وكانت أوساط محافظة وجهت اتهامات إلى حجاريان لأنه ساند توظيف "الرأس المدبر" للاغتيالات، سعيد إمامي في وزارة الاستخبارات اثناء توليه منصب نائب الوزير. واتهم رئيس تحرير صحيفة "عصر آزادكان" ماشاءالله شمس الواعظين المجموعة المرتبطة بسعيد إمامي بالوقوف وراء محاولة اغتيال حجاريان. وقال ل"الحياة" إن الأخير تلقى سلسلة من التهديدات، برز بعضها في صحف تنطق باسم مجموعات متطرفة. واستبعد شمس الواعظين ان تكون مجموعات من "أنصار حزب الله" وراء الحادث الذي "يستهدف اغتيال الاصلاحات". مصادر في التيار المحافظ أوضحت ل"الحياة" ان المحافظين يدينون بشدة مثل هذه الأعمال، ولم تستبعد تورط المرتبطين بمجموعة سعيد إمامي بإطلاق النار على حجاريان في مسعى لضرب الاستقرار واستثارة التيارات السياسية المتنافسة كي تلجأ إلى العنف.