نوال السعداوي طبيبة تحولت الى الكتابة والتأليف وتمارس الطب النفسي، سعت الى تأسيس الاتحاد النسائي المصري، لتضيف بذلك حلقة جديدة في سلسلة نشاطاتها السابقة المنادية باستعادة حقوق المرأة المهدورة. عاشت في منفى اختياري نحو عشر سنوات، فاسمها كان مدرجاً على قوائم المطلوب قتلهم من قبل جماعات إسلامية. كتاباتها جريئة، ويصفها البعض بالخروج على المتعارف عليه من تقاليد شرقية. التقتها "الحياة" وتحدثت معها عن المرأة المصرية: ماذا يشغلك هذه الأيام؟ - في الصباح أكتب الجزء الثالث من قصة حياتي "أوراقي حياتي"، وفي فترة بعد الظهر انشغل بتجميع الحركة النسائية المصرية في وحدة واحدة باسم الاتحاد النسائي المصري، كما نكوّن جميعة جديدة باسم "النهضة الفكرية للمرأة المصرية". في الوقت نفسه، أعد للمؤتمر الدولي السادس لتضامن المرأة العربية الذي ينعقد في القاهرة في تشرين الاول اكتوبر المقبل. وما الفكرة من تأسيس اتحاد نسائي مصري؟ - الاتحاد النسائي كان حلماً يراود النساء في مصر. فجميع الدول العربية فيها اتحادات نسائية ما عدا مصر. فمنذ عهد هدى شعراوي لم تشهد مصر تأسيس أي اتحاد نسائي، رغم أن مصر رائدة الدول العربية في الحركات النسوية. أضف الى ذلك الهجمة على حقوق المرأة في ظل تنامي نشاط الجماعات المتطرفة. اصبحت المرأة المصرية هدف اعضاء هذه الجماعات. ومنذ عودتي من "منفاي" في عام 1997 وانا انظم الاتحاد النسائي. والاتحاد يحوي كل الجمعيات العاملة في مجالي المرأة والتنمية في مصر. وما الموقف الرسمي من الاتحاد؟ - قابلنا وزيرة الشؤون الاجتماعية السابقة الدكتورة ميرفت تلاوي في الصيف الماضي، وشجعت العمل في البداية وأمدتنا بأسماء وعناوين الجمعيات، لكن موقفها تغير بعد فترة. وحددنا يوم 22 آب اغسطس الماضي لإعلان تأسيس الاتحاد. وقبلها بأسبوع اعلنت الوزارة ان الاتحاد غير قانوني وأنني أخرق القانون. وحالياً؟ - عقب صدور اللائحة التنفيذية الجديدة للجميعات الاهلية، عقدنا الاجتماع التأسيسي يوم 31 كانون الثاني يناير الماضي. ونحن بصدد إعداد التكليف القانوني لإشهار الاتحاد. الوزيرة الحالية الدكتورة أمينة الجندي لم تبد معارضة. ما رأيك في تأسيس المجلس القومي الحكومي للمرأة؟ - من حق الحكومة ان تفعل ما تشاء، ومن حقنا ان نؤسس اتحاداً نسائياً بمبادرة شعبية، ولا تعارض بيننا، ويمكن أن يكون هناك تعاون بين المجلس والاتحاد. هناك اتهام بأن مثل هذه التكوينات تكون في منأى عن المرأة المصرية العادية؟ - قضية المرأة المصرية هي قضية الفلاحة والوزيرة. حدث ان زوج وزيرة مصرية منعها من السفر لحضور مؤتمر. كذلك الفلاحة المصرية معرضة لأن يطلقها زوجها ويتركها دون مأوى. الاتحاد النسائي معني بالمرأة في مصر الغنية والفقيرة، لا سيما الأخيرة، لأن في إمكان الأولى، أن تخلع زوجها. وقد نؤسس بنكاً يساعد المرأة لتخلع زوجها. ما موقفك إذن من قانون الأحوال الشخصية الجديد والخاص بإعطاء الزوجة حق الخُلع؟ - خلعت زوجين من حياتي لأني طبيبة وكاتبة. فالمرأة المتعلمة الميسورة لن تعيش مع رجل رغماً عنها، لكن تستطيع ان تحيا حياتها دون الرجل، لكن غالبية النساء لا يستطعن الاستغناء عن الرجل مادياً. منتهى الظلم أن تخدم المرأة الرجل 20 عاماً من دون أجر، ثم تدفع له أموالاً لتحصل على الطلاق. إذن قانون الخُلع ظالم للمرأة. ومع ذلك نقول إنه خطوة الى الأمام لكن في داخل الظلم. وما رأيك في قوانين الأحوال الشخصية في مصر عموماً؟ - قانون الزواج والطلاق عبودي. الرجل يملك المرأة جسداً وعقلاً وهي لا تملكه، وفي إمكانه ان يطلقها، ويردها، ويتزوج عليها دون إرادتها. انها أشبه بعلاقة السيد بالعبد. قانون الاحوال الشخصية يتعارض مع الدستور. فالمرأة في الدستور كاملة الأهلية، وفي قانون الاحوال الشخصية ناقصة الأهلية، وزوجها وصي عليها، يجب أن يكون هذا القانون مدنياً. ما تفسيرك لانتشار الحجاب - بمختلف أنواعه - بين المصريات؟ - هي ظاهرة سياسية، بدأت في مصر في السبعينات حتى استخدام السادات ورقة الدين ليقضي على التيارات الاشتراكية والشيوعية والناصرية المناهضة له. انعكس هذا على المرأة بصورة أكبر، لأنها الأضعف سياسياً. يقال انك أكثر شهرة في الغرب.. هل هذا صحيح؟ - هذه اشاعات، يروجها البعض. اكتب منذ الاربعينات باللغة العربية وقد ترجم كتابي الأول بعد 30 عاماً من خوض مجال الكتابة. كتبي مترجمة الى اللغات الافريقية، واليابانية والانكليزية، والفارسية، والفرنسية، أي أنني ناجحة في العالم كله. وهذا البعض يريد أن يصفني بأنني غربية، في حين أنني ناقدة للغرب. وهي محاولة لتقليل قيمتي السياسية. هل صودرت كتاباتك؟ - في عهد السادات، صودرت جميعها، واضطررت الى ان أطبع كتبي في بيروت منذ العام 1972، وبعد وفاته انتقلت من اللائحة السوداء الى الرمادية حالياً. ماذا حدث للفرع المصري لمنظمة تضامن المرأة العربية؟ - أغلقت وزارة الشؤون الاجتماعية الفرع في حزيران يونيو 1991 بسبب موقفنا المضاد لحرب الخليج، وضد قرار الحكومة المصرية دخول الحرب. كما اغلقت مجلة "نون" التي يصدرها التضامن. لكن عقدنا مؤتمر التضامن الخامس في تشرين الاول 1997. وماذا عن جمعية النهضة الفكرية للمرأة المصرية المزمع تأسيسها؟ - تحوي في عضويتها نساء ورجالاً، لكن نركز على المرأة لأنها الاساس. الفكر لدينا متدهور، والشباب يعاني انخفاضاً مريعاً في درجة الوعي. ما موقف زوجك الدكتور شريف حتاتة من نشاطك النسوي؟ - هو عضو مؤسس في كل من تضامن المرأة العربية والاتحاد النسائي، وجمعية النهضة الفكرية. وكان نائب رئيس تحرير مجلة "نون"، وقد مكث في السجن 14 عاماً لدفاعه عن حرية الانسان، وهو لا يفصل بين حرية الرجل والمرأة. وما تقويمك العام لوضع المرأة المصرية حالياً؟ - قانون الاحوال الشخصية الجديد لم يمس جوهر التفرقة بين الرجل والمرأة. الحديث مكثف عن "قدسية الأسرة" ورغم ذلك القانون يهدم هذه القدسية. فالرجل له مطلق الحرية ليطلق زوجته لمجرد نزوة. أما الأم المصرية فحقها ضائع. فهي لا تستطيع ان تعطي جنسيتها لابنائها لو كان زوجها أجنبياً. كذلك اسم الأم، لماذا لا يحمل الابناء اسمها جنباً الى جنب مع اسم الأب؟ ما يقال حالياً حول السماح بإجهاض الفتاة التي حملت بعد اغتصابها، او إعادة عذريتها بعملية جراحية، واتساءل لماذا لا يحمل هذا الطفل اسم الأم بدلاً من أن أعرضها لعملية إجهاض قد تفقد حياتها فيها. وبدلاً من إصلاح غشاء البكارة، علينا إصلاح مفهوم الشرف. هل أنت مكروهة من الرجال؟ - الرجال الواثقون في أنفسهم، والفاهمون لمعنى الرجولة الحقيقي يحبونني. وفي شبابي كنت محاطة بعدد كبير من الرجال الادباء والمثقفين والشعراء والاطباء. زوجي الأول كان طبيباً لكنه لم يحتمل زوجة نداً له. زوجي الثاني كان مستشاراً في مجلس الدولة، وبعد زواجنا خيرني بينه وبين كتاباتي، فاخترت الاخيرة دون تردد. زوجي شريف هو الوحيد الذي لا يريد أن يخضعني له.