تعهدت الحكومة المصرية اجراء انتخابات اشتراعية في نهاية العام الجاري تتسم ب"النزاهة" وتكون "اكثر شفافية" من الانتخابات السابقة، وذلك من خلال اشراف قضائي كامل عليها. وقال وزير شؤون البرلمان السيد كمال الشاذلي إن "الحكومة ستتقدم قريباً بمشاريع قوانين الى البرلمان تضمن انتخابات اكثر نزاهة وشفافية وتضمن الاشراف القضائي على العملية الانتخابية. وكان الشاذلي يتحدث أمس امام مجلس الشورى تعليقاً على مداخلات نواب من أحزاب معارضة تبدو ترحيباً للتشكيلات القيادية الجديدة للحزب الوطني "الحاكم" واعتبرها الأمين العام لحزب التجمع الدكتور رفعت السعيد "اثراءً للحياة السياسية". وقال عنها ممثل حزب الاحرار السيد فريد زكريا "إنها تضم شخصيات متميزة ذات تاريخ وطني". وشدد الشاذلي على أن "الحزب الحاكم يرحب بمنافسة شريفة مع احزاب المعارضة والمستقلين في الانتخابات المقبلة والقرار النهائي يملكه الناخب المصري في إطار من المنافسة الحرة وضوابط تضمن نزاهة الانتخابات". وطرحت التعديلات التي جرت أخيراً إعادة التشكيلات القيادية للحزب الوطني الحاكم في مصر، والتي ضمت نحو 26 عضواً جديداً، من بين 77 قيادياً، تساؤلات مهمة عن مستقبل الخارطة السياسية في البلاد، وإمكانات ظهور أحزاب جديدة مؤثرة في المرحلة المقبلة. إذ أن اختيار السيد جمال مبارك لعضوية الأمانة العامة للحزب جاء مفاجئاً لجميع الأوساط، في ضوء ما تناقلته الدوائر السياسية، ونفاه الرئيس حسني مبارك عن احتمالات انشاء حزب جديد المستقبل يرغب نجل الرئيس في تأسيسه لضخ دماء جديدة في الساحة الحزبية، من خلال إضافة نوعية مختلفة تتضمن تعبيرات عن رجال أعمال ورموز الاجيال الجديدة من مختلف الاتجاهات الفكرية في البلاد، تنهي سيطرة الحرس القديم على التفاعلات السياسية الداخلية. وبرز اسم جمال في العامين الاخيرين خلال نشاطه الدؤوب في أوساط الشباب، ولقاءاته المتكررة مع طلاب الجامعات، أو البعثات الرياضية. كما قام في الوقت ذاته بدور مزدوج سياسي واقتصادي، عبر رئاسته للجانب المصري في المجلس الرئاسي مع اميركا. وربط محللون بين اختيار جمال مبارك، ودور سياسي مستقبلي ينتظر جيل سياسة التحرر الاقتصادي التي انتهجتها مصر، منذ مطلع التسعينات، وظلت تحت سيطرة رجال "الحرس القديم" حتى تم اختيار الدكتور عاطف عبيد رئيساً للحكومة في تشرين الاول اكتوبر الماضي والتي استمر فيها ابرز انصار حركة الخصخصة وزير الاقتصاد الدكتور يوسف بطرس غالي، وتم دعمها بعناصر قادت تطبيق الفكرة من خلف الكواليس، حتى أن مراقبين اطلقوا عليها حكومة "آباء الخصخصة". ويعد هذا الاتجاه تعبيراً عن الرغبة في تغيير تدريجي في قيادات الحزب الحاكم تتواكب مع التغيير الحكومي حيث ضمت القيادة الجديدة الى جانب جمال مبارك وغالي وزراء الشباب الدكتور علي الدين هلال، والتعليم الدكتور حسين كامل بهاء الدين، وهم من المعروفين بنشاطهم الواسع وسط التجمعات الشبابية والطلابية، فيما حافظت القيادات التقليدية على مواقعها الرئيسية في الحزب، على خلفية ان الأوضاع الداخلية تشهد تغييراً جذرياً. وقبل أيام من إعلان التشكيل الجديد للحزب، تناقلت الدوائر السياسية في مصر معلومات عن احتمالات ترشيح السيد جمال مبارك للانتخابات الاشتراعية المقبلة نهاية العام في دائرة مدينة نصر شرق القاهرة وهي من المناطق المعروف عنها انها تضم نسبة كبيرة من الشباب، وترشح الأمين العام لحزب العمل ذو التوجه الاسلامي السيد عادل حسين في الانتخابات الماضية ولم يحقق نجاحاً. ومن أبرز ما تضمنه التشكيل الجديد، اختيار 6 أقباط منهم اثنان لعضوية المكتب السياسي، واربعة في الأمانة العامة، وجميعهم وثيقو الصلة بالمرجعية الدينية في البلاد، ويتولون مناصب وزارية أو مقاعد في البرلمان ومجلس الشورى. وينتظر ترشيح بعضهم على قوائم الحزب الحاكم في الانتخابات الاشتراعية، في إطار تحول جديد يستهدف الحزب من خلاله إظهار تعبيره عن كل طوائف المجتمع. وأدت جملة هذه التطورات الى استنتاج مفاده السعي الى تطبيق فكرة حزب "المستقبل" من داخل الحزب الوطني الحاكم الذي يقود البلاد منذ تأسيسه في 1978، خصوصاً أن قيادة الحزب لم يطرأ عليها تغيير جوهري منذ نحو 15 عاماً، ظلت خلالها القيادات التقليدية من دون بديل سياسي بارز، يستطيع تفعيل دور الحزب السياسي.