السيد المحرر، تحية وبعد، قرأت، في "الحياة" الغراء، عدد 19/1/2000 تقييماً من الصديق الاستاذ جان دايه لكتابي الأخير "المسألة اللبنانية، نقد وتحليل". وإنني، إذ أشكر الاستاذ دايه لمبادرته، أراني مدفوعاً لأن "أقوّم" بعض "المغالطات" التي وردت في تقييمه هذا: 1- أرجو أن لا يكون هو الذي اختار عنوان التقييم، لأن فيه "تحريضاً" غير مقبول، يسيء الى جدية التقييم وموضوعيته، كما ان فيه مغالطة كبرى، إذ أنني لم أكن، يوماً، من مخططي "توجهات" المؤسسة العسكرية، كما يزعم، وإلا، فإن "ملاحظاتي" على مسيرة المؤسسة تصبح غير ذات معنى. وأما "التحريض"، فهو لن يصل الى غايته، لأن ما بيني وبين "المؤسسة العسكرية اللبنانية"، من تواصل وعشق، هو بمثابة الجسد من الروح، يلتصق بها، ولا ينفك عنها، حتى يفنى، وأن ما وصفته، إن هو إلا نموذج لحالة عامة، في لبنان، خلّفها النظام الطائفي الذي نعيش. 2- كنت أتمنّى ان لا يقتصر نطق الاستاذ دايه بالشهادة على نصفها من دون النصف المكمّل لها والواجب النطق حتى يتم المعنى ويُستوفى الغرض، فهو قال "لا إله" ولم يقل "إلا الله"، إذ أن ملاحظاتي على المؤسسة العسكرية في "الجمهورية الأولى" استُكملت في رأي مفصل عن مسيرة هذه المؤسسة في خلال العهد الأول من "الجمهورية الثانية"، وهو ما كان علىه ان يلحظه، إذ "انتقدت" مسيرة المؤسسة في الجمهورية الأولى التي تفككت، بسببها، خلال الحرب الأهلية وامتدحت مسيرتها خلال الجمهورية الثانية، بل ذهبت الى أبعد من المديح عندما اعتبرت العماد لحود، قائد الجيش في العقد الأول منها، وبلا ممالأة ولا مداهنة، "المؤسس الثاني للجيش بعد اللواء فؤاد شهاب". ويذكر ان هذا الكتاب قد صدر قبل ان يتبوأ العماد لحود مقام رئاسة الجمهورية. 3- يبدو ان الاستاذ دايه لم يقرأ كتابي بإمعان، ذلك انه قال، في الفقرة ما قبل الأخيرة من تقييمه: "ولكن من واجب المؤلف ان يعترف بأن مقولة القومية العربية والأمة العربية جزء من لائحة المقولات التي يؤمن بها اللبنانيون ومنها: القومية السورية والأمة السورية، والقومية اللبنانية والأمة اللبنانية الخ...". ومع انه لو تابع قراءة الفصل الذي تحدث عنه الفصل السابع، لبنان والمسألة القومية، ص168، فقرة: كيف تعامل لبنان مع المسألة القومية منذ إنشائه عام 1920، لوجد أنني تحدثت عن "القومية اللبنانية"، ثم عن "القومية السورية" التي هي عقيدة "الحزب السوري القومي الاجتماعي"، ولم اغفلهما على الاطلاق، كما تصوّر. 4- يوجد في الكتاب أبحاث تعبّر عن آراء ربما تكون أكثر أهمية من تلك التي عالجها الناقد، كما في فصول: لبنان: الصيغة والميثاق، ولبنان: الهوية والانتماء حيث أقول بالهوية الوطنية والانتماء القومي، ولبنان والمسألة السورية حيث أبلغ حدّ الدعوة الى قيام اتحاد فيديرالي بين سورية ولبنان، في المستقبل، ولبنان: الاستقلال والسيادة، وكيف نحصّن الوطن عن الجيش والشعب والدولة والمقاومة، وغيرها، الا ان الناقد أهمل هذه الابحاث تماماً، بل انه لم يشر اليها على الاطلاق، واقتصر تقييمه على موضوعين "رئيسيين" هما: القومية العربية، ونقد المؤسسة العسكرية. ختاماً، أكرر شكري للصديق جان دايه، الذي بادر الى قراءة كتابي وتقييمه، خصوصاً ان القرّاء، في زمننا هذا، قليلون، بل نادرون. الا انني كنت أتمنى لو كان، في قراءته وتقييمه، أكثر شمولية وإنصافاً. مع فائق تقديري واحترامي بيروت - اللواء الركن المتقاعد ياسين سويد