} أكد الرئيس الفرنسي جاك شيراك، في رسالة الى نظيره اللبناني إميل لحود، ان "لبنان يستطيع الاعتماد على فرنسا"، في ما بدا محاولة من باريس لطي صفحة موقف رئيس الحكومة الفرنسية ليونيل جوسبان الذي وصف من اسرائيل، الاسبوع الماضي، عمليات المقاومة ب"الارهابية" وبرر الاحتلال الاسرائيلي للجنوب. نقل نائب رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي نائب رئيس مجموعة الصداقة الفرنسية - اللبنانية فيه جيرار لارشيه امس الى الرئيس لحود ورئيس الحكومة سليم الحص رسالة من الرئيس شيراك "تفيد ان لبنان يستطيع الاعتماد على فرنسا"، والتقى ايضاً قائد الجيش العماد ميشال سليمان. وقال لارشيه، بعد لقاء لحود "في ما يتعلق بصوت فرنسا وموقفها، فقد عبر الرئيس شيراك عنهما في وضوح، اي ان الموقف "لم يتغير سياسياً حيال لبنان والشرق الاوسط". وتابع "نحن اصدقاء لبنان الحقيقيون في كل الظروف ونسعى انطلاقاً من ذلك الى الحفاظ على مصالحه حتى لا يكون ضحية اي اتفاق سلام ونعلم جيداً ان اتفاقات كهذه يجب ان تشمل كل دول المنطقة. هناك ايضاً تفاهم نيسان أبريل الذي لم تتغير اي كلمة فيه، واذا استعمل الرئيس الفرنسي كلمة عدم الانحياز، من اجل دقة الكلام، فهذا لا يعني اننا نضع انفسنا خارج دائرة الاهتمام بما يحدث او اننا نتخلى عن اصدقائنا، لكننا نستعمل عدم الانحياز لضمان تحقيق سلام عادل ودائم ومتوازن. وأنا بصفتي ديغولياً استطيع القول ان صوت فرنسا هو ما يعبر عنه الرئيس شيراك وموقفه المساند للبنان هو احد المواقف المساندة التي ستسمعونها. اريدكم الا تنسوا ان الطفل اللبناني الذي يتعرض للقصف ويتألم، هو مثل اي طفل فرنسي او حتى اي طفل في العالم". والى العلاقات الثنائية التي عرضاها، قلّد لحود لارشيه وسام الارز الوطني من رتبة فارس، ومنحه البرلماني الفرنسي باسم رئيس المجلس كريستيان بونسليه ميدالية المجلس. وبعد لقاء الحص، شدد لارشيه على "ثبات موقف فرنسا وصداقة شعبها واحزابها العميقة للبنان"، ولمس من رئيس الحكومة "تفاؤلاً وواقعية في ما يتعلق بالاتفاقات التي قد تقود الى السلام" في الشرق الاوسط، وشاطره القول ان "هذه الاتفاقات لا يمكن ان تكون منفردة ولكن شاملة وتجمع كل الاطراف". وأضاف "في حال حدوث انسحاب اسرائيلي احادي، يجب التفكير في افضل الشروط الامنية". ورفض مناقشة تصريح جوسبان، ناقلاً عن شيراك تأكيده للحود والحص ان "ما من شيء تغير في سياسة فرنسا". وعن عواقب تصريح جوسبان، قال "هذا يتطلب منه تفسيرات، خصوصاً ان في فرنسا تعددية. هناك السياسة، ولكن هناك ايضاً الديموقراطية. وعندما اختلف مع رئيس مجلس الوزراء، تسمح لي الديموقراطية ان اعلن موقفي. وهناك اوقات ينبغي لفرنسا ان تتحدث فيها بصوت واحد، والرئيس شيراك قال بصوت واحد وواضح ما هو موقف فرنسا". وشدد على "حرص فرنسا على عدم اعطاء تفسيرات للتعابير بالنسبة الى جنوبلبنان المحتل، ويجب ان يتحرر الى الحدود المعترف بها دولياً، وأن تكون مؤكدة، وان يعيش السكان على طرفيها بحرية". وكان الرئيس الحص قال، في تصريح امس، "اننا لا نطلب من فرنسا سوى احترام تمسكنا بالشرعية الدولية المتمثلة بالقرارات والاتفاقات الدولية. فنحن نتوقع منها، من جهة، رفض الاحتلال الاسرائيلي للارض اللبنانية تمشياً مع قرار مجلس الامن الرقم 425 الذي وافقت عليه عند صدوره وأعلنت بعد ذلك تمسكها به، ومن جهة ثانية احترام حق لبنان في مقاومة الاحتلال انسجاماً مع مضمون تفاهم نيسان الذي يعترف ضمناً بهذا الحق من حيث يحظر التعرض للمدنيين، علماً ان فرنسا شريك اساسي في هذا التفاهم". وأضاف "اننا نحترم حياد فرنسا، الا اننا نأمل بألا يكون في ذلك مساواة بين الظالم والمظلوم، والمعتدي والمعتدى عليه، ومن يحتل ارض غيره ومن تقع ارضه تحت الاحتلال، والا كان الحياد تشجيعاً على الظلم والعدوان والاحتلال. فقد عودتنا فرنسا حيادها الايجابي حيال لبنان من خلال دعمها القرار الرقم 425 وتفاهم نيسان، ونرجو ان تستمر في هذا الموقف وتبقى حريصة، كما يحرص لبنان، على علاقات المودة والصداقة التي تربط بين البلدين. وكانت اكثر ردود الفعل الفرنسية على تصريح السيد جوسبان خير تعبير عن هذه العلاقة الطيبة". واستنكاراً لتصريحات جوسبان، لبّت المدارس والنقابات والتجار والمواطنون في مدينة بعلبك وجوارها الدعوة التي وجهتها الاحزاب والقوى الوطنية والاسلامية الى التظاهر. وتجمع الحشد امام مبنى دار المعلمين في رأس العين قبل الانطلاق في التظاهرة التي رفعت خلالها الاعلام اللبنانية والاسلامية ولافتات منددة بموقف جوسبان وبالدور الاميركي الداعم لإسرائيل وكتب عليها بالعربية "جوسبان وليد نازية جديدة" و"طلاب بيرزيت هم ضمير الشعب الفلسطيني" و"المقاومة ليست ارهاباً انما خيار شعب احتلت ارضه" و"دم الثوار تعرفه فرنسا لم تناساه جوسبان". كذلك رفعت لافتات باللغة الفرنسية كتب على احداها "جوسبان رئيس وزراء اسرائيل لا فرنسا". واخترقت المسيرة شارع رأس العين في اتجاه سرايا بعلبك الحكومية وسط هتافات التأييد للمقاومة والتنديد بإسرائيل وموقف جوسبان ومنها "يا جوسبان يا جوسبان يا عميل الأميركان". ولدى وصول المسيرة الى امام السرايا أحرق العلم الاسرائيلي ثم ألقت الطالبة حنان سلوم كلمة دانت فيها "الموقف العدائي الذي اطلقه جوسبان"، وطالبت الدولة والشعب في فرنسا بإدانة تصريحاته وتقديم الاعتذار الى الشعب اللبناني والمقاومة". وألقت الطالبة إيناس عثمان كلمة بالفرنسية سألت فيها "هل يعتبر جوسبان المقاومة الفرنسية للنازيين ارهاباً؟ فموقفه منافٍ لحق الشعوب في تقرير مصيرها". وأكدت ان "لبنان لن يرضخ للارهاب الاسرائيلي، ولن يتأثر بمواقف من تنكروا لتاريخ الشعوب في نضالها المشروع". وألقى قائمقام بعلبك عمر ياسين كلمة حيا فيها الطلاب وكل الذين شاركوا في التظاهرة مندداً بموقف جوسبان. وفي الهرمل وبريتال وزحلة انطلقت تظاهرات للتنديد بمواقف جوسبان، وطالبت فرنسا بالاعتذار من الشعب اللبناني. وفي صور سار مئات الطلبة في مسيرة احتجاج على الاعتداءات الاسرائيلية وسلّموا المسؤول عن مقر الاممالمتحدة مذكرة مرفوعة الى الامين العام للأمم المتحدة كوفي أنان سألوا فيها "الى متى تبقى الاممالمتحدة تساوي بين الضحية لبنان والمعتدي اسرائيل؟".