} رجم متظاهرون فلسطينيون رئيس الوزراء الفرنسي ليونيل جوسبان بالحجارة خلال زيارته لجامعة بير زيت، وذلك تعبيراً عن استيائهم من تصريحاته التي وصف فيها نشاطات "حزب الله" ب"الارهابية". واعتذر الرئيس ياسر عرفات شخصيا لجوسبان عن الحادث، فيما أعرب الرئيس جاك شيراك عن "شعوره بالصدمة". وقرر جوسبان مواصلة برنامج زيارته باستثناء زيارة كانت مقررة لمخيم خان يونس. بيرزيت الضفة الغربية، غزة - "الحياة"، أف ب، رويترز - تعرض رئيس الوزراء الفرنسي ليونيل جوسبان عندما كان يهم بمغادرة حرم جامعة بير زيت في الضفة الغربية، الى وابل من المقذوفات خصوصا كتل ترابية وحجارة. وحاول مرافقوه قدر الامكان حمايته منها وأدخل بسرعة الى سيارته التي هوجمت بدورها وأصيبت بأضرار كبيرة. وافاد مراسلو وكالة "فرانس برس" ان حالة من الذعر تملكت الوفد الرسمي الفرنسي. وكان جوسبان ووجه بصيحات استهجان لدى وصوله الى الجامعة، وردد عشرات المتظاهرين هتافات منها: "من بير زيت الى بيروت شعب موحد لا يموت". ورفع البعض لافتات مناهضة لرئيس الحكومة الفرنسية كتب عليها: "نحن لسنا ارهابيين حضرة رئيس الوزراء" و"المقاومون اللبنانيون ليسوا ارهابيين. الارهابيون الحقيقيون هم الذين يقتلون اطفالهم واطفالنا يوميا". وخلال الزيارة، ألقى جوسبان كلمة أكد فيها ان سياسته في مسألة لبنان "مطابقة للمبادئ الرئيسية التي يستند اليها تحرك فرنسا". وقال امام الطلاب ان "فرنسا تدين وجود القوات الاسرائيلية في لبنان واحتلال اسرائيل لجنوب لبنان". وأوضح: "من دون العودة الى بعض الالفاظ لان العودة اليها يعني الاصرار عليها، أعتبر انه في الوقت الذي تجري فيه مفاوضات ... فان أعمالا حربية محتملة لن تكون مفيدة لعملية السلام". وقال: "كلامي جاء في هذا الاطار. وموقفي في هذا المجال متطابق والمبادئ الرئيسية التي يستند اليها تحرك فرنسا". وتابع ان ما هو غير ذلك "عبارة عن اشكال في التعبير يمكن ان يحصل لاي شخص خلال مؤتمر صحافي. وليس علي العودة اليه". ورغم أحداث بير زيت، أعلن رئيس الوزراء الفرنسي انه لن يعدل برنامج زيارته الرسمية للاراضي الفلسطينية، مؤكدا انه يتفاعل "بهدوء" مع التظاهرات العنيفة التي جرت في جامعة بيرزيت. وقال جوسبان الذي كان يتحدث امام الصحافيين اثناء توقف قصير في مقر السلطة الفلسطينية في رام الله انه لم يصب برشق الحجارة، وقال: "لا، لا ان الامور على احسن ما يرام ... كان هناك استقبال لائق ومناقشة في الجامعة"، مضيفا: "بعد ذلك اراد آخرون القيام بتظاهرة من طبيعة مختلفة. وفي هذه الحالات يجب ببساطة مواجهة الامور كما هي والقبول بها بهدوء، وقول ما نريد قوله". لكن جوسبان ألغى زيارة كانت مقررة الى مخيم خان يونس للاجئين في قطاع غزة وكذلك المؤتمر الصحافي الذي كان سيعقده في ختام زيارته للاراضي الفلسطينية. ومن المقرر ان يلتقي مدير "وكالة غوث وتشغيل اللاجذين الفلسطينيين" اونروا بيتر هانسن في غزة بدلا من مخيم خان يونس. عرفات وتوجه جوسبان من رام الله الى غزة حيث التقى عرفات الذي صرح في ختام اللقاء الذي حضره رئيس جامعة بيرزيت حنا ناصر: "لا املك الا ان اتقدم لسيادتك باعتذاري الشديد على ما حدث وان تقبل هذا الاعتذار مني ومن الشعب الفلسطيني ومن زملائي في جامعة بير زيت". وأضاف ان مرتكبي الحادث "لا يعبرون عن الشعب الفلسطيني ولا عن طلاب بير زيت، وانما يعبرون عن قوى ظلامية". وحاول الرئيس الفلسطيني تلطيف الاجواء مع جوسبان عندما القى بعض النكات اثناء المؤتمر الصحافي، ومحاولته الحديث باللغة الفرنسية. وأمر عرفات الاجهزة الامنية المختصة بالتحقيق في الحادث وتوقيف من لهم علاقة به ومحاسبتهم. وقال رئيس جهاز الامن الوقائي في قطاع غزة العقيد محمد دحلان: "أمر عرفات الاجهزة باتخاذ اجراءات سريعة واعتقال من لهم علاقة بالحادثة ومحاسبتهم". وكان الامين العام للرئاسة الفلسطينية الطيب عبدالرحيم اعلن في وقت سابق ان اجهزة الامن الفلسطينية اعتقلت عشرة اشخاص، فيما قالت مصادر امنية ان عدد المعتقلين بلغ 15 شخصا. في غضون ذلك، قالت مصادر ادارة الجامعة ان مجلس امنائها قرر اغلاق ابواب الحرم الجامعي حتى صباح الثلثاء. وقالت في بيان وزعته على الصحافة ان "هيئتها التدريسية وموظفيها وطلبتها يعربون عن استنكارهم الشديد للحادث العنيف الذي خرب الزيارة الناجحة لرئيس الوزراء الفرنسي لمؤسستنا". وأضاف ان الجامعة "ترغب فورا في نقل اعتذارها الواضح واسفها للحكومة الفرنسية الصديقة ولرئيس الوزراء ليونيل جوسبان وللوفد الكريم المرافق له وكذلك للشعب الفرنسي، لهذا الحادث المؤسف". ووصف البيان الحادث بانه "مخالف لروح التسامح والديموقراطية والحوار التي تمثل جامعتنا". وأثار الحادث موجة ادانات رسمية وشعبية انضمت رئاسة المجلس التشريعي الفلسطيني الىها، فوصفت في بيان وزعته على الصحافة الحادث بانه "لا مسؤول ولا يعبر باي حال عن اي موقف شعبي او رسمي فلسطيني تجاه فرنسا الصديقة"، معتبرا انه "خروج فظ عن الاجماع والصف الوطني". وقال النائب العربي في الكنيست الاسرائيلية احمد الطيبي ان جوسبان اثار مشاعر العالم العربي بتصريحاته وابتعد عن الخط التقليدي الذي تتبعه فرنسا والذي يدعم حق الشعوب في التحرر من الاحتلال خصوصا الشعب اللبناني الذي تشن اسرائيل عليه غارات باستمرار. واسفر الحادث عن اصابة مصور وكالة "فرانس برس" منوشر دغاتي بجروح خطرة بينما كان يصور الاحداث، وذلك عندما دفع ارضا وداست سيارة من الموكب على ساقه اليمنى محطمة كاحله، كما اصيب بجروح طفيفة بفعل الرشق الحجارة. ونقل الى مستشفى هداسا عين كرم في القدس الغربية. ويذكر ان منوشر دغاتي اصيب بجروح خطرة في فس الساق في ايلول سبتمبر عام 1996 بفعل رصاصة اطلقها جندي اسرائيلي. وعولج آنذاك في فرنسا لاكثر من عام، وعاد الى الاراضي الفلسطينية مع وفد الصحافيين والمصورين الذي حضر لتغطية زيارة رئيس الوزراء الفرنسي. من جهة اخرى، وقعت السلطة الفلسطينية والحكومة الفرنسية اتفاقا على هامش زيارة جوسبان تقدم بموجبه فرنسا مساعدات مالية للسلطة الفلسطينية، تشمل نحو 140 مليون فرنك فرنسي لانشاء ميناء غزة بالتعاون مع هولندا وبنك الاستثمار الاوروبي. وقال جوسبان في المؤتمر الصحافي انه جاء الى فلسطين "كصديق للفلسطينيين وصديق لياسر عرفات". ووصف لقاءه في بير زيت بانه "مهذب وصريح"، ولم يعلق على ما تعرض له قائلا انه لن يكون ضمن ذكرياته عن بير زيت ومدرسيها وطلبتها، ومكررا انه تقبل ما جرى بهدوء.