أدّى مقال كتبه الصحافي الزميل يوسف بزي في جريدة "المستقبل" يملكها رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري انتقد فيه تعاطي وزير الدفاع غازي زعيتر مع حوادث الضنية، به الى النظارة موقوفاً الى جانب متهمين بجرائم قتل ومخدرات. لكن التوقيف وجاهاً لم يدم أكثر من ثلاث ساعات، بعد تدخل نقيب المحررين ملحم كرم الذي اضطر الى التأكيد "أن أي صحافي غير منتسب الى الجدول النقابي يكتب في شكل منتظم يتمتع بالحصانة". وكان بزي والمدير المسؤول للصحيفة التي يعمل فيها الزميل عارف العبد ومحاميهما فؤاد شبقلو، توجهوا صباح امس الى قصر العدل بناء على طلب من قاضي التحقيق في بيروت رياض ابو غيدا، لحضور جلسة مستعجلة بعدما كان استجوب بزي الجمعة الماضي، واقتصرت جلسة امس على توجيه سؤالين: هل أنت صحافي وهل تنتمي الى نقابة المحررين أو نقابة الصحافة؟ الاجابة عن السؤال الأول كانت "ل13 عاماً صحافي في مطبوعات تصدر في بيروت أو لها مكاتب في العاصمة اللبنانية"، ولما كانت الإجابة عن السؤال الثاني بالنفي، اعتبر القاضي أبو غيدا ان بزي وبناء على قانوني المطبوعات والعقوبات "منتحل صفة". وأوفد الكاتب لديه الى عنصر في قوى الأمن لتوقيفه وسوقه مكبلاً الى نظارة قصر العدل. واستند ابو غيدا في مذكرة التوقيف الوجاهية الى "أن كل صحافي غير منتسب الى نقابة المحررين اذا وقع عليه جرم جزائي لا يتمتع بالحصانة". توقيف بزي الذي فاجأ الجسم الصحافي في لبنان على اعتبار ان اعداداً كبيرة من أفراده غير منتسبين الى الجدول النقابي ولأنه يفتح الباب أمام توقيفات مشابهة محتملة في ضوء الاعتبارات التي ذُكرت في قاعة المحكمة، دفع بالنقيب كرم الى الانتقال على وجه السرعة الى قصر العدل بحثاً عن مخرج. وأوضح كرم ل"الحياة" أنه التقى أبو غيدا "الذي طلب منه تقديم طلب تخلية، الا أنه رفض لان معنى ذلك الاعتراف بالتوقيف". وانتقل للقاء المدعي العام التمييزي القاضي عدنان عضوم الذي استدعى أبو غيدا والنائب العام الاستئنافي في بيروت القاضي جوزيف معماري، واتفق على ان يعلن كرم أن أي صحافي يكتب في شكل منتظم يتمتع بالحصانة وفي المقابل تُسترد مذكرة التوقيف"، مشيراً الى لقاءات مقبلة سيعقدها مع عضوم "لتدارك توقيف أي صاحب رأي، في اطار احترام ما قاله رئيس الجمهورية أميل لحود ان لا توقيف في عهده لأي صحافي". وشملت اتصالات كرم مراجعة سياسية عليا. وأبدى نقيب الصحافة محمد البعلبكي ارتياحه الى إطلاق بزي، معتبراً أن الجرم المنسوب اليه والى الصحيفة "من نوع جرائم المطبوعات التي لا يجوز التوقيف الإحتياطي فيها، حتى لو لم يكن كاتب المقال مسجلاً في الجدول النقابي". بزي المنتسب الى "اتحاد الكتّاب اللبنانيين" أكد عقب إطلاقه أنه سيظلّ "يكتب ويعبّر عن رأيه كمواطن لبناني ضمن الأنظمة والقوانين المعمول بها". لكن سابقة توقيفه بناء على قانون العقوبات اذ يمنع قانون المطبوعات توقيف أي صحافي احتياطاً أثارت مجدداً السؤال المتكرر الذي يطرحه عشرات الصحافيين عن معنى بقائهم خارج الاطار النقابي الخاضع لاستنسابات طائفية ومذهبية وسياسية وانتخابية... لعلّ "تسوية قصر العدل" تعيد الأمور إلى نصابها.