حزن ثقيل ذلك الذي شعرتُ به في صباح الأحد الثالث والعشرين من كانون الثاني يناير الماضي، حين طالعتني الصفحة الأولى من "الحياة" بخبر الحكم على ليلى العثمان وعالية شعيب بالسجن، والغرامة لوقف التنفيذ. كان الخبر يقول: "أصدرت المحكمة الكلية في الكويت أمس حكما بالسجن شهرين، وبدفع غرامة مالية لوقف التنفيذ بحق الكاتبتين، بعدما دانتهما المحكمة بنشر كتب تسيء إلى الدين والأخلاق". ويمضي الخبر في ذكر التفاصيل المزعجة التي قرأتها في وجوم، وأعدتُ قراءتها مرة أخرى حتى لا يفوتني شيء في توتر الصدمة. ولم تفارقني الأسئلة التي ظلت تتردد في داخلي عن مسلسل هذا القمع المستمر الذي لا يترك الكتّاب والكاتبات، وعن هذه الجماعات التي لم يعد لها من شغل سوى تكفير المختلفين عنها أو المخالفين لها، وعن هذه المؤسسات النيابية والقضائية التي ما أقامتها المجتمعات المدنية إلا لحماية مصالح الناس لا التفتيش في ضمائرهم أو عقابهم بما ترمي به كتاباتهم على سبيل الافتراء. وأخيرا، عن هذا القرن الحادي والعشرين أو الألفية الثالثة التي ندخلها نحن العرب بسجن كاتبتين لما كتبتاه. وياله من فخار؟ وقلت لنفسي: ها هو فعل القمع نفسه يتكرر مرة أخرى، لا تختلف مراحل إخراجه أو خطوات تنفيذه، كأنما الذين يقومون به لا يريدون تغيير أسلوبهم، ربما لتصورهم أن الإلحاح في التكرار يعلّم المعاندين من الأشرار. وكما يحدث عادة، في كل مرة، مجموعة متعصبة من البشر، تزعم لنفسها احتكار معرفة الدين، وتنصب نفسها مدافعة عنه، تأويلا لا تكليفا، ولأهداف دنيوية سياسية بالدرجة الأولى. لا تقبل اختلافا عنها أو معها في دعاواها التي تدّعيها، ولا ترى الحق إلا في جانبها الأعلى دائما، كما لا ترى إلا الباطل في جانب غيرها الأدنى في كل الأحوال، كما لو كانت هي وحدها الفرقة الناجية التي تقود بالقسر قطعان الفرق الضالة المضلة إلى حظيرة الهداية التي تتصورها على هواها، وعلى نحو ما زيّنت لها تأويلاتها التي لا تقبل مراجعة أو مساءلة. ولأن هذه المجموعة تقيم تطابقا بين تأويلاتها البشرية والنصوص الدينية المستقلة عنها، فإنها تؤدي بالطرفين إلى حال من الاتحاد الذي يوهم أن ما تقوله هو الحق بعينه، وأن دعاواها دون غيرها هي صحيح الدين الواجب الاتباع، وأفكارها وحدها هي الأحق بالسمع والطاعة والتصديق والإذعان، أما ما يقوله غيرها فهو الباطل بعينه والضلالة ذاتها. وأداة الإقناع، عند هذه الجماعة المتعصبة، دائما، هي الإخافة بالتي أقمع لا المجادلة بالتي هي أحسن. وأولى مراتب الإخافة هي إطلاق اتهامات الكفر على المخالفين، وإرداف هذه التهمة بما يزيد في شناعتها من تهم الخروج على الأخلاق في مجتمعات محافظة إلى حد كبير. وبالطبع، لأن الثقافة الغالبة على الرأي العام هي ثقافة تميل إلى التقليد والنقل دون دليل عقلي، والأمية المباشرة وغير المباشرة لا تزال منتشرة كالثقافة الشفاهية، والميل إلى التصديق يشيع عند البسطاء، فإن هذه الاتهامات تتحول إلى ما يشبه المواد القابلة للانفجار في أية لحظة، وتحت أهون ضغط مقصود أو غير مقصود، فتصيب من يقع الاتهام عليه أو عليها بالرعب والارتباك والتوتر والخوف، وتضعه أو تضعها، قسرا، موضع الدفاع عن النفس بلا جريرة أو ذنب سوى ممارسة حق العقل أو الوجدان في الاجتهاد والابتكار أو المغايرة في البوح. وللأسف، أصبحت اتهامات التكفير هي السائدة في هذه الأيام التي يتزايد فيها خطاب العنف، خصوصا في مناخ سرعان ما ينقلب بالحوار إلى اتهام، ويحيل المخالفة إلى رفض للآخر وسعي لاستئصاله، فتنفتح أبواب التعصب والتطرف على مصاريعها، وتغدو اتهامات الكفر اتهامات جاهزة، سهلة، يرميها من يشاء على من يشاء، دون رادع أو مراجعة أو تدخّل من رأي عام مستنير قادر على الفعل. وتتدرج مراتب الإخافة إلى أن تصل إلى ما يتحقق بواسطة أجهزة الدولة المدنية نفسها، خصوصاً بعد أن تنجح المجموعات الموازية لهذه الدولة والمعادية لطابعها المدني في اختراق المؤسسات التضامنية للمجتمع المدني، وتحويل مجراها بما ينقض الحضور المدني لدستور الدولة المدنية نفسها. والنتيجة هي شيوع مناخ ثقافي منغلق على نفسه، مناخ متوتر، يضيق بكل أنواع الاختلاف والمغايرة، وينفر من الابتكار الذي يقرنه ببدع الضلالة، فيغدو هذا المناخ باعثا على زيادة إرسال واستقبال الاتهامات الجاهزة بالكفر والخروج على الأخلاق. وترتفع حدة الاتهامات على درجات سلم الردع المتصاعد. وتتكرر دعاوى "الحسبة" التي يتم توظيفها لروع الخصوم السياسيين من دعاة الدولة المدنية، وذلك بجرّهم إلى "النيابة" التي يفترض أن تحمي حقوقهم المادية والفكرية بسلطة القانون، وإيقافهم موقف الاتهام أمام المحاكم التي وظيفتها الأصلية تطبيق روح الدستور المدني للدولة التي تتمسك بشعارات الديموقراطية. والوسيلة المتكررة، عادة، هي الترصد والتربص بما ينتجه المدافعون عن المجتمع المدني، أو المؤمنون بمستقبله، من أعمال فكرية أو إبداعية تمارس حرية الكتابة. وقراءة هذه الأعمال قراءة منجزة سلفا، أو مبرمجة ابتداء، بما يجعل من عملية القراءة ذاتها تفتيشا عن مناطق للإدانة، أو مواطن للهجوم، أو دلائل على الكفر أو الخروج على الأخلاق، حتى لو لم يكن في هذه الأعمال شيء من ذلك كله، فنتيجة هذا النوع من القراءة محددة قبل البدء فيها، والحكم بالاتهام سابق على القراءة التي لا هدف منها سوى إثبات الاتهام الجاهز من قبل. والدافع المحرك للاتهام الجاهز هو الظن بالكاتب قبل الكتابة، والاسترابة في نوايا الفاعل قبل مقاربة فعله. ومدى حركة الاتهام هو مدى الحكم على نوايا مظنونة، وليس حكما على نصوص الكتابة نفسها. وتتنوع طرائق هذا النوع من قراءة الاتهام المشرع كالسيف. تبدأ بترصد كل ما يحتمل معنى التهمة حتى لو على سبيل الظن الباطل، أو الوجه الأضعف، أو التأويل المتعسف في الأعمال الفكرية والإبداعية. وتمتد إلى تحويل المعنى المجازي إلى معنى حقيقي في الأعمال الأدبية بوجه خاص، وجعل الكتابة الخيالية دليلا على نوايا الكاتب أو الكاتبة اللذين لايمكن أن يتطابق أحدهما فعليا وكتابته الإبداعية وإلا خرج عن مجال الإبداع إلى غيره. ويتصل بذلك اقتطاع الجمل من سياقاتها في الكتابة الأدبية التي لا معنى فيها للجمل إلا داخل هذه السياقات، وإلا كانت القراءة على طريقة: لا تقربوا الصلاة. لكن هذه الطريقة دون غيرها لها تكرارها الدال على سوء النوايا والظنون في أحوال الترصد والتربص. والهدف هو صرف الجمل عن معانيها التي تحددها سياقات الكتابة، وتحويلها إلى معان مسقطة، أو مفروضة، أو مغرضة، لا محل لها إلا في الذهن الذي يقرأ قراءة الاتهام المسبق. والمظاهر العملية الملازمة لذلك هي: فهم أبطال القص الخيالي بوصفها حالات لكاتب القص" وترجمة بعض الوقائع الرمزية إلى وقائع فعلية في حياة هذه الكاتبة أو تلك" وصرف دلالة بعض الجزء لتغدو دلالة الكل بأسره، ومن ثم اصطياد جملة أو أكثر لتحريفها عن دلالاتها السياقية وجعلها دليلاً مزعوماً على مروق ديني أو انحراف أخلاقي. والنهاية صياغة هذا الدليل الزائف في اتهام مرفوع إلى النيابة العامة باسم الحفاظ على الدين والأخلاق، مع أن عملية الاتهام نفسها بعيدة عن سماحة الدين ونبالة الأخلاق. ذلك ما حدث مع ليلى العثمان وعالية شعيب للأسف. وكانت النتيجة الحكم عليهما بالسجن شهرين، في سياق المحنة التي سبق أن عاناها زميلهما أحمد البغدادي في الكويت، وعاناها مارسيل خليفة في لبنان، كما عاناها سيد القمني وحسن حنفي، في المسلسل نفسه الذي يصل بين نصر حامد أبو زيد ونجيب محفوظ وفرج فودة في مصر. لكن تبقى لحالة ليلى العثمان وعالية شعيب خصوصيتها، فهما الكاتبتان اللتان تدخلان - نيابة عن المرأة - محنة التجربة التي حسبناها قاصرة على الرجال. وهما الكاتبتان اللتان اختارتهما ثقافة التعصب في الكويت لتسبق بهما غيرها من ثقافات التعصب العربية في مأثرة سجن الكاتبات. وهما الكاتبتان اللتان سيذكرهما مؤرخو الثقافة العربية بوصفهما المحكومتين الأوليين بالسجن بتهمة الكتابة الإبداعية. وهما - بعد كل ذلك وقبل كل ذلك - تجسيد عملي على القمع الذي ينال من الكتابة كل يوم، لا فرق في ذلك بين كتابة رجل أو كتابة امرأة، الأمر الذي يؤكد مساواة الرجل والمرأة في الكتابة الإبداعية التي تتحدى شروط الضرورة، وتسعى إلى انتزاع حريتها من مجتمعات تتقلص فيها مساحات هذه الحرية بسبب تيارات التطرف التي تخادع البسطاء باسم الدين. وأخيراً، هما الكاتبتان اللتان تستهل بهما الثقافة العربية السائدة وعودها والأصوب: وعيدها لنا في مطلع القرن الجديد، وقبل أن تحتفل الكويت بكونها عاصمة الثقافة العربية سنة 2001. والواقع أن ما حدث لكل من ليلى العثمان وعالية شعيب هو شأن عربي بكل معنى، فمن حكم عليهما بالسجن حكم على كل الكاتبات العربيات في كل قطر عربي، كما حكم بالسجن نفسه على كل الكتّاب العرب الذين يمارسون فعل الكتابة الذي تنتسب إليه ليلى العثمان وعالية شعيب، كما حكم بالسجن على الثقافة العربية نفسها في كل الأقطار ما ظل كل واحد من هذه الأقطار يؤثر ثقافيا في غيره بقدر ما يتأثر به. فالحكم الذي صدر على ليلى العثمان وعالية شعيب هو حكم على جميع من يقترف جرم الكتابة، حتى لو اختلفت أساليبه عن أسلوب ليلى العثمان أو عالية شعيب. والمؤكد أن ما حدث لهما إنذار متكرر بالخطر المتزايد الذي يمكن أن يطيح بكل الإمكانات الواعدة لمستقبل الإبداع الذاتي للثقافة العربية، فمن المستحيل وجود إبداع من غير حرية، ومن الصعب جدا ازدهار الإبداع مع وجود هذه الأنواع المتكثرة من محاكم التفتيش، ومن غير الممكن أن يوجد حضور فاعل للكتابة وهي محكوم عليها بالسجن في هذا القطر العريى أو ذاك. لقد انحسرت موجات المدّ التي حملت تيارات التسلط السياسي إلى أقصى ذراها، وتركت مكانها لتيارات المد الأصولي والتطرف الفكري، فسادت تيارات التعصب التي غلبت تيارات التسامح، وحلت المحاكم الدينية محل المحاكم العسكرية،وأصبحنا نواجه محاكم تفتيش جديدة لا همّ لها إلا مطاردة المبدعين والكتّاب. هكذا، تخلّقت أنواع من التسلطية الجديدة الموازية لسلطة الدولة المدنية، والمستعينة بها لتحقيق أهدافها الخاصة، مخايلة البسطاء بتأويلات لا علاقة لها بالجوهر السمح لديننا الذي يدعو إلى المجادلة بالتي هي أحسن. وأتصور أن ما حدث لليلى العثمان وعالية شعيب يطرح مجددا، ومن هذا المنظور، علاقة القضاء بالثقافة والفكر، ويبرز السؤال عن الوظيفة المدنية لهذا القضاء من حيث علاقته بالدولة المدنية والدفاع عن أسسها التي ترتبط بالتعددية والتنوع وحق الاختلاف. ولا أريد أن أدخل في جدال قانوني حول تعديل هذا القانون أو ذاك، في هذه البلدة العربية أو تلك، وإنما أتساءل عن أسباب ونتائج تحول القضاء في هذه الأيام إلى الانغماس في قضايا ثقافية، لا يمكن الفصل فيها بواسطة تحقيقات النيابة أو قاعات المحاكم، وإنما بواسطة ساحات التعبير الحر عن الرأي العام، بعيداً عن الإرهاب بأي سلطة، وبعيداً عن استخدام الدين لأغراض سياسية ومصالح حزبية مباشرة في نفعيتها. إن أحكام السجن للصوص والمجرمين الذين يهددون أمن الأوطان وسلامتها، وليست للذين يختلفون مع هذه الجماعة البشرية أو غيرها من الجماعات التي تزعم السلامة المطلقة لتأويلاتها الدينية التي هي في النهاية تأويلات بشرية. ومحاسبة الكاتب أو الكاتبة ليست بأحكام السجن وإنما بمناقشتهما ونقدهما في محكمة الرأي العام المستنير، وبواسطة كتابات النقاد وحوارات المثقفين. ولن يردع حكم بالسجن كاتباً حقيقىاً، أو كاتبة أصيلة، عن مواصلة الإبداع، بل على العكس، سيحيل السجن الكتابة إلى جوهر أكثر توقدا وتوهجا، والكاتبة أو الكاتب إلى رمز وعلامة. والمؤسف، حقا، في الإجراءات التي تؤدي إلى هذه الأحكام بالسجن، هو النظر الشكلي الذي يستكمل إجراءات التحقيق في هذا النوع من الاتهامات أمام النيابة، ومن ثم القضاء، دون مراعاة لخصوصية وطبيعة النصوص الإبداعية التي تدور حولها أمثال هذه الاتهامات. والنظر الشكلي هو نظر غير الخبير بطبيعة الإبداع في حالة الأعمال الأدبية، ومن ثم تركيز التحقيق حول اتهامات غير أدبية، ومن غير اعتبار في الأغلب الأعم إلى أن هذه الاتهامات تلوي أعناق النصوص الأدبية، وتستنطقها ما ليس فيها، وتتأوّلها بما لا تؤديه بأكثر من وجه. ولست أدري لماذا لا تلجأ النيابة في مثل هذه الحالات إلى الخبراء من نقاد الأدب، وتستعين بأكثر من تفسير، وتجد في اختلاف تفسيراتهم ما يتيح لها - إذا رأت الاستمرار في التحقيق وعدم حفظه - سلامة الموقف الذي لا يعتدي على حقوق المواطنة، ولا ينقض طبيعة الإبداع، ولايحجر على حرية الاجتهاد، وأهم من ذلك كله ما يحفظ جلال الدين نفسه وسماحته من تعصب المتعصبين الذين يسيئون إليه بتطرفهم الذي لايؤدي إلا إلى التخلف. وإذا لم يستطع المحقّقون أن يردوا دعاوى "الحسبة" الأدبية وغير الأدبية منذ البداية، فلماذا لا يتمثلون، على الأقل، بالموقف الذي وقفه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حين اشتكى إليه الزرقان بن بدر هجاء الحطيئة المقذع، فلم يتعجل عمر الحكم، وهو من هو عليه في معرفة أشعار العرب، ولم يأخذ شهادة الشاكي وحدها، وإنما لجأ إلى الشاعر حسان بن ثابت بوصفه أخبر منه بمعرفة دروب الشعر وأسراره ليقول رأيه في الشكوى، ولم يصدر حكمه إلا بعد أن استضاء برأي الخبير البصير. ولا أستطيع أن أختم هذا المقال دون ذكر سؤال، يلح على ذهني كلما عرفت بمثول مثقف أمام هيئة قضائية، سؤال يقول: إذا كان من الواجب على النيابة، حقا، أن تقبل دعاوى الحسبة المقدمة إليها من فريق سياسي لتكفير فريق سياسي آخر، فلماذا لاتقيم هي الدعوى باسم جموع المسلمين العقلاء والمستنيرين على هؤلاء الذين لا يكفّون عن تكفير غيرهم والنيل من أمنهم وسلامتهم وسمعتهم؟! ألا يحدث هؤلاء فتنة في المجتمع؟! ألا يسهمون في تعميق انقسام الأمة؟! ألا يسيئون إلى سماحة الإسلام وصورته بممارسات تعصبهم وتكفيراتهم واتهاماتهم التي تصيب غيرهم من المسلمين؟! ولماذا لا يغلق العقلاء من رجال النيابة والقضاء هذا الباب الذي لا يثمر سوى الإساءة إلى صورة الإسلام في الداخل والخارج، ويؤذي الأبرياء من أسر المتهمين المطاردين من الكتّاب، ويردع الأجيال الجديدة بما يحول بينها والإبداع الحر؟! أذكر أن يوسف إدريس قال، منذ سنوات بعيدة، إن كل مساحة الحرية المتاحة في الوطن العربي لا تكفي كاتباً واحداً، فماذا تراه يمكن أن يقول، الآن، بعدما حدث هذا الذي حدث لجماعات المثقفين الذين لا يزال يقع عليهم المزيد من الأذى وأحكام السجن؟! أغلب الظن أنه كان سيلجأ إلى التاريخ مؤكدا أنه ما من حكم بالسجن، على امتداد التاريخ كله، أوقف التيارات الإبداعية للكتابة أو قطع عنها الحياة، وأن الذين أصابتهم هذه الأحكام تحوّلوا إلى رموز مضيئة لمقاومة الكتابة، فسجن الكتابة وهم لا يتحقق إلا في أذهان من لا يعرفون معنى حضورها الذي ينتزع حريته دائما، ويقوّض جدران كل سجون الإبداع.