وجدت السلطات البريطانية نفسها امام عملية فرار جماعية من افغانستان، بانتهاء ازمة الطائرة الافغانية التي حطت في مطار ستانستيد اللندني قبل اربعة ايام قادمةً من كابول. وسرعان ما توجهت الانتقادات الى الحكومة كونها تعاملت مع الخاطفين ب "ليونة تشجع على مزيد من العمليات" المماثلة. كما تركزت الانتقادات على وزير الداخلية جاك سترو الذي اعلن انه سينظر شخصياً في طلبات اللجوء التي قدمها 60 من ركاب الطائرة وعائلاتهم. وواجهت لندن هذه الازمة في وقت تتعرض لانتقادات مفادها ان بريطانيا تحولت "ملاذاً لطالبي اللجوء" وأن لجوء ركاب الطائرة الافغانية يكلف دافعي الضرائب ما يعادل 1.6 مليون دولار سنوياً. وبدأ المراقبون في بريطانيا يتحدثون عن ظاهرة "لاجئي الطائرات" التي تذكر ب "لاجئي القوارب" الكوبيين الى اميركا وظواهر اللجوء المماثلة في فيتنام وبورما وغيرها من دول العالم الثالث التي نكبتها حروب وضائقات جعلت العيش في دول اجنبية حلماً لمواطنيها، علماً بأن اللجوء بالقوارب مستحيل على الافغان كونهم لا يملكون منفذاً بحرياً. واتضح من التحقيقات الاولية في كابولولندن ان ركاب الطائرة، حملوا "ما خف وزنه وغلا ثمنه" عندما غادروا كابول بحجة التوجه الى مزار الشريف الشمالية لحضور زفاف. ويعتقد ان النساء تمكنّ من تهريب الاسلحة التي ضبطت امس وهي عبارة عن 4 مسدسات وقنبلتان وخمسة سكاكين، تحت عباءاتهن التقليدية التي فرضت "طالبان" عليهن ارتداءها لدى استيلاء الحركة على مقاليد الحكم. وتمت عملية الاستسلام فجراً بتوقيت غرينيتش. وجرى اعتقال 19 شخصاً بصفتهم "الخاطفين" واحيلوا الى التحقيق من دون ان تتمكن السلطات من تأكيد علاقتهم بالركاب، علماً بأن بعض الراكبات كن يتصرفن كمضيفات، ما يدل الى معرفتهن بالخاطفين الذين وصفوا بأنهم "مهذبون وهادئون". وخرجت السلطات البريطانية عن صمتها لتدافع عن قرارها السماح للطائرة بالهبوط. واتهمت السلطات الروسية بالسماح للطائرة بالاقلاع الى لندن، اضافة الى تزويدها خرائط تحدد مسار الرحلة، على رغم رفض المراجع البريطانية المعنية. ومعلوم ان الطائرة توقفت في كازاخستان واوزبكستان وروسيا في طريقها الى بريطانيا في السادس من الشهر الجاري. وقال وزير الداخلية البريطاني: "اننا ندرس القضية لمعرفة هل انتهكت السلطات الروسية التزاماتها الدولية؟"، في اشارة الى عرف متبع في هذه الحالات وهو منع اي طائرة مخطوفة من الاقلاع مجدداً. وعرضت لندن على الركاب اعادتهم الى افغانستان في طائرة كمبودية خصصتها لهذه الغاية، وكان متوقعاً ان يعتذر معظم هؤلاء عن قبول العرض. وفي نهاية عملية الخطف هذه وهي الاطول في تاريخ بريطانيا 96 ساعة داخل الطائرة، وجد "الرهائن" المئة والثلاثون ومن بينهم 21 طفلاً، انفسهم في "ضيافة" الحكومة البريطانية، فيما تركز اهتمام زعيم "طالبان" محمد عمر على استعادة الطائرة، لاستخدامها في الرحلات المقررة للحج والتي اعطت الاممالمتحدة اذناً استثنائياً للقيام بها. ولم يفت زعيم "طالبان" الذي لم يطالب بالخاطفين، ان يشكر الحكومة البريطانية على جهودها في انهاء الازمة سلماً ، فيما أمر رجاله باتخاذ اجراءات امنية للحؤول دون تكرار مثل هذه التجربة التي يتمنى معظم المقيمين في مناطق الحركة ان يتعرضوا لها.