كشف وزير التخطيط والتعاون الدولي في السلطة الفلسطينية نبيل شعث أن الحكومة الاسرائيلية رفضت اي نشاط ديبلوماسي اميركي في المنطقة ما دامت الانتفاضة الفلسطينية مستمرة. وقال شعث في حديث خاص ل"الحياة" ان حكومة ايهود باراك "ترفض اي تدخل اميركي للعمل على العودة الى طاولة المفاوضات الا اذا اوقفت السلطة الفلسطينية الانتفاضة"، مشيراً الى ان "ليس بوسع السلطة، ولا في نيتها، وقف الانتفاضة طالما لم يقوموا الاسرائيليون بتنفيذ مقومات الحد الادنى للبدء في عملية تفاوضية". واشار الى ان "المطلب الفلسطيني الاولي يتمثل بوقف الحصار والعنف الاسرائيليين، ويعقب ذلك اخلاء المستوطنات اليهودية المزروعة في قلب المدن الفلسطينية مثل غزةورام الله وبيت لحم للتمهيد لانسحاب عسكري اسرائيلي حقيقي من الاراضي الفلسطينية المحتلة لخلق مقومات للعودة الى طاولة المفاوضات". ونفى الوزير الفلسطيني علمه ب"اي قنوات مفاوضات سرية تجري بين فلسطينيين واسرائيليين في اي مكان في العالم"، مشيراً الى ان اللقاءات التي تجري بين مسؤوليين فلسطينيين واسرائيليين لا تتعدى كونها "اتصالات تبحث في قضايا اجرائية حول الوضع الامني اليومي نظراً لتشابك العلاقات الحياتية بين الجانبين". وأوضح قائلا: "انا افهم ان قناة سرية تفتح للمفاوضات بعد اجراء استطلاع وجس للنبض في مواقف الطرفين يعقبها جلسات رسمية بين ممثلين مخولين بشكل سري وهذا حتى الآن لم يحصل لان اسرائيل لم تقدم ولا حتى ورقة واحدة تشير الى تغيير في موقفها الذي طرحته في كامب ديفيد والمرفوض فلسطينياً لانه لا يلبي الحد الادنى من حقوقنا الوطنية". وزاد ان الاسرائيليين يطلقون "بالونات اختبار" عدة مثل تراجعهم في مسألة السيادة على الحرم القدسي ومدينة القدس وكذلك في زيادة نسبة الاراضي التي سيعيدونها للفلسطينيين وحتى عن استعدادهم للعودة الى المفاوضات في ظل "عنف محدود" اي حجارة من دون اطلاق نار "ولكنهم حتى اللحظة لم يتقدموا باية ورقة لا في ما يتعلق بالقدس ولا اللاجئين ولا الارض". ونفى شعث ان يكون الاتراك عرضوا وساطتهم بين الجانبين مؤكداً ان زيارته الاخيرة لانقرة انحصرت في التركيز على انجاح مهمة لجنة التحقيق الدولية لتوفير حماية دولية للشعب الفلسطيني من البطش الاسرائيلي. وزاد: "تركزت محادثاتنا على سبل انجاح اللجنة التي يشارك في عضويتها السيد سليمان ديميريل ولم يكن هنالك اي مفاوضات سرية مع اي شخصية اسرائيلية". وكانت تقارير صحفية عربية واسرائيلية اشارت الى وجود قنوات سرية للتفاوض بين الفلسطينيين والاسرائيليين تارة في العاصمة البريطانية لندن واخرى في تركيا وثالثة في القدس وذكرت ان المشاركين فيها عن الجانب الفلسطيني الوزير نبيل شعث ورئيس المجلس التشريعي الفلسطيني احمد قريع ابو علاء والخبير الاستراتيجي الاكاديمي خليل الشقاقي وحتى الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الذي قالت تلك التقارير انه التقى في نهاية الاسبوع الماضي يوسي غينوسار المبعوث الخاص لايهود باراك. وقيل ان الجانب الاسرائيلي مثله، اضافة لغينوسار، رون بوندك وغلعاد شير. ونفى عرفات وباراك وجود اي مفاوضات سرية او علنية وأكدا في تصريحات صحافية ان اتصالات تجري بين الجانبين لمعالجة الاوضاع الطارئة على الارض، وحسب لغة باراك "لوضع حد للعنف الفلسطيني". وأكدت مصادر فلسطينية عليمة ل"الحياة" ان "قنوات الاتصال" لم تنقطع للحظة بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي في محاولة منهما "لاستمرار عملية جس النبض في تغيير المواقف". واشارت المصادر ذاتها "ان جدوى المفاوضات، من وجهة نظر الفلسطينيين، غير واضحة وان الاسرائيليين لم يخترقوا سقف كامب ديفيد". واضافت: "هناك ثلاثة محاور لجس النبض، اتصالات مباشرة على اعلى المستويات او عبر الاوروبيين او الاميركيين او عبر لقاءات بين المفاوضين انفسهم... وكان هناك تسريبات عن وجود عرض اسرائيلي يتضمن بالاضافة الى ما عرض في كامب ديفيد عناصر اخرى متعلقة بالحرم القدس وتبادل الاراضي واللاجئين"، ولكن لا يوجد ما يضمن للفلسطينيين انه اذا تم وقف الانتفاضة فان اسرائيل ستخرق سقفها الذي وضعته في كامب ديفيد وتقدم للفلسطينيين ما يمكن ان يرضوا به. وعلى رغم الحديث المكثف عن وجود مفاوضات سرية، لم تتوقف اسرائيل عن مهاجمة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات شخصياً واتهامه بتشجيع الكفاح المسلح. وخرج دافيد حاخام مستشار وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك للشؤون العربية ليعلق على حمل عرفات سلاحاً مساء اول امس بقوله انه "يذكره بالارهاب وماضي عرفات في تونس وبيروت والجميع يعرف ما يعني هذا". واضاف في تصريحات للاذاعة الاسرائيلية: "اتعجب كيف لزعيم فل1سطيني حائز على جائزة نوبل للسلام ان يحمل سلاحاً بيده جهاراً وان دل ذلك على شيء فانه يدل على تلميح للفلسطينيين لاستخدام الكفاح المسلح". وقال: "انه منظر مؤسف للغاية واتمنى ان لا يتكرر... انه يدل على اللغة المزدوجة الصادرة عن عرفات". وتجاوز الهجوم الاسرائيلي اللفظي شخص الرئيس الفلسطيني ليستهدف بالقصف مرة أخرى مناطق سكنية فلسطينية في البيرة ورام الله وبيت جالا وجنين. وانضم معسكر جديد للجيش الاسرائيلي مقام شمال مخيم قلنديا الى مستوطنتي "عوفرا" و"بساغوت" في استئناف القصف بالمدافع والرشاشات الثقيلة على مدينتي رام الله والبيرة في الساعة الخامسة فجرا بعد ان كانت ارهبت المواطنين في بيت جالا في ساعات الليل.