قمة خليجية تجمع الوصل بالسداوية    بن عثيمين: السحور تأسٍّ بالرسول عليه السلام    67 % زيادة السجلات التجارية    ارتفاع "غير النفطية".. وخبراء يتوقعون: السعودية ثاني أسرع اقتصاد نمواً في العالم    رفضت استخدامها كأداة للابتزاز والعقاب الجماعي.. السعودية تدين قرار وقف دخول المساعدات إلى غزة    تقارب روسي – أمريكي ومساعٍ أوروبية لإنهاء النزاع.. الكرملين: سياسة ترامب تتماشى مع رؤية موسكو    السلمي يحتفل بيوم التأسيس مع "التوفيق" لرعاية الأيتام    في ختام الجولة 23 من دوري روشن.. الاتحاد يسقط في فخ التعادل أمام الأخدود    إغلاق طريق كورنيش جدة الفرعي والطرق المؤدية حتى نهاية أبريل    أمطار رعدية على مناطق المملكة حتى يوم الجمعة المقبل    تستُّر التطبيقات    الصميلي مديرًا عامًا لفرع العدل بجازان    الأميرة فهدة بنت فلاح تكرّم الفائزات بجائزة الملك سلمان بن عبدالعزيز لحفظ القرآن    إعادة الأصالة العمرانية لسقف مسجد الرويبة بالقصيم    «الإعلام» تكرم الفائزين بجائزة التميز الاثنين المقبل    126.9 مليار ريال فاتورة استهلاك    ولي العهد يستقبل المفتي والأمراء والعلماء والوزراء وجمعاً من المواطنين    رابطة دوري روشن توضح آلية تسعير تذاكر المباريات وتتابع المخالفات    بدعم القيادة.. تدشين حملة «جود المناطق 2»    أمير القصيم يزور عددًا من القضاة والمشايخ ويهنئهم بحلول شهر رمضان    صحف برتغالية: جيسوس في ورطة مع الهلال    الدفاع المدني: هطول أمطار رعدية على مناطق المملكة حتى يوم الجمعة المقبل    82 موقعاً للإفطار الرمضاني لأهالي المدينة    المواطن رجل الأمن الأول في مواجهة الإرجاف    التسوق الرمضاني بين الحاجة والرغبة    إعلام يليق بوطن طموح    تصحيح فوضى الغرامات وسحب المركبات في المواقف    تجديد تكليف الدكتور الرديني مديرا لمستشفى الملك فهد التخصصي في بريدة    الدستور السوري.. 48 مادة تحدد شكل النظام الجديد    الذكاء الصناعي تحديات وآفاق    الرفض العربي للتهجير يعيد الحرب إلى غزة    «الرّكْب».. خبايا ومقاربات مع عبّاس طاشكندي!    جدة في كتاب جديد رائع !    علوم الأجداد وابتكارات الأحفاد    الأخدود يعرقل الاتحاد بتعادل قاتل    «غسيل الأموال» يلاحق رئيس وزراء ماليزيا السابق.. ولجنة مكافحة الفساد تعلن إقراره بثروته    كأس العالم وإكسبو.. دور الشعب السعودي لتحقيق النجاح    رمضان وإرادة التغيير    محافظ جدة يشارك قادة ومنسوبي القطاعات الأمنية الإفطار الرمضاني في الميدان    سرطان المريء في بريطانيا.. لماذا تسجل المملكة المتحدة أعلى معدلات الإصابة في أوروبا؟    المملكة تحيي ذكرى «يوم شهيد الصحة»    تدشين حملة «صم بصحة» بتجمع تبوك الصحي    بر سراة عبيدة توزع 1000 سلة غذائية    اليمنيون يقاومون حظر التراويح    4 غيابات في الهلال أمام باختاكور    10 أعوام واعدة للسياحة العلاجية والاستشفائية بدول الخليج    185 مليارا للمستشفيات والصناعات الطبية في 2030    وزير الشؤون الإسلامية يعتمد أسماء الفائزات على جائزة الملك سلمان لحفظ القرآن في دورتها ال 26    3500 قطعة أثرية تحت المجهر    جزر فرسان عبادات وعادات    بعد سحب البرلمان الإيراني الثقة عن همتي.. وسائل إعلام إيرانية تؤكد استقالة ظريف    أُسرتا كيال والسليمان تتلقيان التعازي في فقيدهما    الصميدي يتبرع لوالدته بجزء من كبده وينهي معاناتها مع المرض    أمير تبوك يستقبل المهنئين بشهر رمضان المبارك    سعود بن نايف يطّلع على إنجازات القطاع الشرقي الصحي    أمير الرياض يستقبل المفتي العام ومحافظ الخرج ورئيس المحكمة    نقل لاعب الزمالك السابق «إبراهيم شيكا» إلى المستشفى بعد تدهور حالته الصحية    محمد بن فهد.. أمير التنمية والأعمال الإنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف ندخل سنة حوار الحضارات 2001 ؟ . الحوار واحتمالاته في عالم القوة
نشر في الحياة يوم 30 - 12 - 2000

نظم مركز "الدراسات الثقافية العربية الإيرانية" ندوة تحت عنوان "كيف ندخل سنة حوار الحضارات"؟ انسجاماً مع برنامج الأمم المتحدة بإقرار سنة 2001 سنة حوار الحضارات وبناءً على اقتراح رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية محمد خاتمي في كلمته التي ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.
بحث أبو يعرب المرزوقي من تونس "مقومات الحوار السوي بين الحضارات وشروطه" ورأى ضرورة تصنيف ضروب الحوار بداية بحسب آفاقه ومستوياته أو بحسب مقاصده، واعتبر أن الحوار الذي يجري في ظروف لا تتكافأ فيه الأمم لا يكون حواراً، متسائلاً عن السبب الذي يجعل إحدى الحضارات بطبعها داعية للحوار ومؤسسة عليه وأخرى لا تدعو إليه بل تعتبر غيرها من الأمم عبيداً لها. وينطلق المرزوقي في رؤيته هذه من اعتبار أن الحضارة من حيث هي أفق يعيش فيه الإنسان تنقلب إلى عائق أمام الحوار عندما تكون أفقاً لا يتعالى عليها أفق. وهذا ما حدث في تاريخ البشرية مرتين، بتحريف الدين بنظرية "الشعب المختار" وتحريف الفلسفة بنظرية هيغل المطلقة حين تجعلان الحوار ممتعاً لأنهما تقتصران على أن الحضارة من حيث هي أفق جمعي فقط تصبح حيزاً مغلقاً يحول دون الحوار السوي. وهكذا نجد المرزوقي لا يتوقف عند مفهوم الحضارة ذلك انه محدد لديه على أساس أن الأمة والحضارة توأمين، لذلك يفترض أن الأمة لا توجد ولا تقوم إلا بحضورها القومي وحضورها هذا يعني أنها متلازمة للحضارة ومتحققة بها، وبذلك تندغم الأمة في الحضارة فتأخذ الحضارة سمات الأمة ومميزاتها القومية، وهذا ما جعله يبتدئ من الحوار لا من الحضارة على اعتبار أنه الشق الملتبس وحاجة التصنيف والتقويم ملحة بالنسبة إليه. ونقطة البدء هذه جعلته يخلص إلى أن الحوار الحقيقي لا يجري بين الحضارات ولا ضمنها وإنما هو حوار بين البشر بتوسط ما في الحضارات من صبو إلى التجاوز الذاتي نحو ما يتعالى عليها.
ويشترط المرزوقي على الحوار بداية أن تتحدد غايته مسبقاً، وبذلك يكون نفى عن الحوار صفته التواصلية وحصره في صفته الغائية التي تقوم على أساس وظيفة الإقناع والإلزام، فتحديد الغاية ينفي عن الحوار اسمه ليدخله في باب الإلزام أو الإكراه، كما أن المرزوقي لا يرفض الصراع بين الحضارات بل يجده ضرورياً للتدافع من أجل القيم. وإذا كان الصراع ضرورياً بحسب المرزوقي من أجل تحقيق القيم فإن ذلك ينفي عن القيم قوتها القائمة بذاتها وعدم حاجتها إلى صراع الوجود حتى تتحقق.
وبحثت نادية محمود مصطفى من مصر "حوار الحضارات في ضوء العلاقات الدولية الراهنة" ودرست من خلاله أهمية البعد الثقافي في العلاقات الدولية الراهنة وأهمية هذا البعد أيضاً في علاقة الأمة الإسلامية مع الأمم الأخرى، ووضعه في سياق أزمة الأمة الإسلامية في عالم يموج بالتحولات والتغيرات التي تمثل تحديات خطيرة للأمة، يقع في قلبها الآن الثقافي الحضاري وليس الاقتصادي السياسي فقط.
ثم تتساءل بعد ذلك عن امكان الحوار بين الحضارات ما دام الصراع هو الذي يحكم تاريخ العلاقة بين الحضارات على مدى صلاتها المتقادمة، ومعتبرة أن المنهج الغربي الدائم في التعامل مع الحضارات الأخرى كان الصراع المؤسس على العنف المادي، وتدعو بعد ذلك إلى استخدام المصطلح القرآني تعارف الحضارات بدل حوار الحضارات الذي يمثل استجابة إيجابية وليس مجرد فعل. وتعتبر أن أطروحة "حوار الحضارات" نشأت كرد فعل على أطروحة "صدام الحضارات" التي قدمها هنتنغتون وعقب عليها محمد الأرناؤوط من الأردن الذي رأى أنه لا وجود للحوار بين الحضارات بقدر وجود توازنات للقوى الموجودة في العالم، ولذلك لا يبدو الحوار هنا حلاً بقدر ما يعمل على تخفيف الصراع الدامي والمتنامي بين الأطراف.
وبحث وجيه كوثراني من لبنان في "اشكالية الخيار بين حوار الثقافات أم صراعها"، ورأى أن أطروحة "صدام الحضارات" التي جسدها هنتنغتون وأطروحة "نهاية التاريخ" كما طرحها فوكوياما تجسد حروب العولمة الجديدة، وعيد تأسيس التاريخ الاستعماري القديم القائم على السيطرة على الغير. ورأى أن الأشكال الصراعية التي وصفها هنتنغتون بالصدامات بين الحضارات لا تعدو سوى أن تتكون أشكالاً من الممانعات الثقافية والاحتجاج، وهو نتيجة عجز الحضارة الغربية عن أن تصبح عالمية مستوعبة لتنوع العالم. بسبب تطابقها مع مشروعها الرأسمالي إضافة إلى إعاقتها للمشاريع التنموية في الدول المهيمن عليها. وعقب عليه زكي الميلاد من السعودية الذي رأى أن مصطلح "تعارف الحضارات" القرآني ينسجم مع الرؤية الإسلامية أكثر من "حوار الحضارات" الذي يقتصر على صيغة رد الفعل على رغم أن البقاء في سماء المفاهيم لا يغير ما يوجد على أرض الواقع.
ودرس محمد السعيد إدريس من مصر "مستقبل حوار الحضارات في ضوء العلاقات الدولية الراهنة العالمية والإقليمية" إذ اعتبر أن دعوة "حوار الحضارات" تعتبر أفضل الطرق لمواجهة غلو ظاهرة العولمة كأيديولوجيا وكي لا تتحول آليات التفاعل بين الثقافات والحضارات من عمليات التثاقف المتبادل إلى عملية إحلال ثقافة بيئية واحدة فوق أطلال الثقافات الأخرى التقليدية القديمة والحديثة. ومن هنا تأتي دعوة حوار الحضارات كضرورة لترشيد عملية العولمة، وخصوصاً في بعدها الثقافي. كما أن آليات التفاعل بين الأقاليم وقيادة النظام العالمي سوف تحدد موقع ثقافات هذه الأقاليم ومكانتها في الثقافة العالمية وامكان تأسيس حوار حقيقي بين الثقافات والحضارات. وعقب عليه أنور أبو طه من فلسطين الذي أكد على أن دعوة الحوار بين الحضارات تتعلق بمستقبل التوازن بين القوى العالمية ومن دون ذلك تبقى دعوة لا وجود لها على أرض الواقع. وبحث عبدالنبي اصطيف من سورية إشكالية "حوار الحضارات" في عصر العولمة واعتبر أن حوار الحضارات المفترض يعني قيام علاقة عبر دولية بين كيانات سياسية مستقلة وتتمتع بالسيادة ووحدة الأراضي، ولهذا فإن حوار الحضارات يمثل عندها البديل المطروح عن العولمة التي أفرزها النظام العالمي الجديد.
وبحث يوسف سلامة من فلسطين علاقة "حوار الحضارات" من وجهة نظر فلسفية وفق ثنائية هي السلب واليوتوبيا، معتبراً أن السلب هو الحد الفاعل في فهم وتحليل وتفعيل صراع الحضارات، في حين أن الحوار ما هو إلا ضرب من التفكير الطوباوي الذي يقصر معنى الطوباوي على الخيال والوهم، وعلى ذلك فمقولة السلب في صورتها الإيجابية ومقولة اليوتوبيا في صورتها السلبية هما قاعدتان تؤسسان لخطاب الصراع الحضاري الذي يثبت التاريخ أنه هو التاريخ المهيمن.
شكلت البحوث بمجملها تنظيراً وتأصيلاً لمفهوم "حوار الحضارات" من زواياه المختلفة السياسية والثقافية والفلسفية، وهذا ما يدعو إلى التساؤل إن كان هذا المفهوم استطاع أن يفرض نفسه في المشهد السياسي العالمي، إذ يشكل هذا المفهوم إضافة معرفية من قبل دول العالم الثالث على المفاهيم السياسية الرائجة التي تحتكرها دول منظومة الشمال، وهذا ما يدعو إلى مزيد من البحث والدرس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.