تأليف: نهلا البيبي الرسومات: بلال بصل سمرُ فتاةٌ لا تُحبُّ أكل اللحمة والخُضار والخُبز والحليب والفاكهة، ولم تكن تُحبُّ أيضاً أكل الجُبنة والبطاطا. إنّ الشيء الوحيد الذي تشتهيه سمرُ هو كعكةُ حلوى بالشّوكولا. إلاّ أنّها ليست كافيةً لتعيش عليه طوال حياتها. وفي يومٍ من الأيّامِ عادت سمر من المدرسة. فقالت لها أُمُها: "تعالي يا سمر وتناولي عشاءَكِ، وإلاّ سأغضبُ منك كثيراً". تململت سمر وقالت: "لا أُحبُّ هذا الطَّعام". أجابت الوالدة: "سمر! يجبُ أن تأكُلي هذا الطّعام وإلاّ فلن تكبُري". أحضرتِ الأُمُّ صحن سمر المُفضَّل، وكان قد رُسم على الصَّحن بيتٌ مُعوَجٌّ مُحاطٌ بالأشجارِ والأزهارِ الجميلة. كلُّ ذلك لتجعلها تأكلُ الطّعام. قالت الأُمّ: "سأذهبُ إلى المطبخ الآن لأُحضِّر الحلوى، وعندما أعودُ أُريدُ أن أرى صحنكِ فارغاً، وإلاّ سأحرمُكِ من الحلوى". وذهبت الأُمُّ إلى المطبخ تاركةً سمر تتأمّلُ قطعة اللحمة والبطاطا والخُضار. وفجأةً حدث شيءٌ غريب: فُتح بابُ البيتِ المرسومِ على الصّحنِ، وخرجَ منه رجلٌ صغيرٌ بصُعوبةٍ، وكان يرتدي بذلةً صفراءَ وقُبَّعةً صفراء مُستديرة الشَّكلِ ومُرقّطة. وانحنى الرّجلُ الصّغيرُ احتراماً لسمر، وجلسَ على حافة صحن طعامها. سألتْ سمر: "مَنْ أنت؟" أجابَ الرّجلُ الصّغير: "أنا السيِّدُ صحنٌ وإنّني مُنزعجٌ كثيراً، فعندما تأكُلين قليلاً سوفَ أبقى سجيناً في البيتِ ولن أستطيع الخروجَ إلى الحديقة كي أتعهّد أشجارها ووُرودها ولسوفَ تذبُلُ الأزهارُ وتهرُبُ الطُّيورُ والعصافير". سألتْ سمر بحياء: "أخبرني ما هي غلطتي؟". قال السيّدُ صحن: "حسناً، تخيّلي أنّه عليكِ تسلُّقُ جبالٍ من الخُضارِ في كُلِّ مرّةٍ أحسستِ برغبةٍ في المشي، وهذا ما يحصُلُ لي عندما لا تتناولين عشاءَك. إنّه لشيءٌ مُتعب". ونزل إلى الصّحن وقال: "أنظُري لا أستطيعُ دُخولَ منزلي ساعة أشاءُ، هناك قطعةٌ كبيرةٌ من البطاطا تسُدُّ باب البيتِ وتمنعُني من الدُّخول". أجابت سمر: "أنتَ على حقٍّ، لم أعرف ذلك". وبدأت بالتهامِ الطّعامِ على الفور. عندما أفرغتِ الصّحن من الطّعامِ لمسَ السيّدُ صحنٌ قُبّعتهُ واختفى. وقال السيّد صحنٌ وهو يُغلِقُ باب منزِلِهِ وراءَه: "شكراً جزيلاً لن أُزعجكِ بعد الآن". عادتِ الأُمُّ من المطبخِ حاملةً كعكةَ الحلوى، فوجدت سمراً قد التهمتْ طعامها ولم تترك شيئاً في صحنها. أخبرتها سمرُ بالقصّة: "إنّه السيّدُ صحنٌ، أخبرني أنّه يجبُ أن لا أترك طعاماً قُرب منزله". ومنذُ ذلك اليوم، أصبحتْ سمرُ تأكُلُ كلَّ ما في صحنها من طعامٍ، وتتناولُ كعكة الحلوى بالشّوكولا بعد انتهائها من طعامها. صادرة عن "دار اصالة