لم يكن مضى الكثير من شهر رمضان المبارك، حتى انتبه مشاهدو الفضائيات العربية الى ان هذه الأقنية ركزت نسبة عالية من ساعات بثها على نوعية خاصة من البرامج الترفيهية تتعلق تحديداً بالمسابقات والجوائز التي توزع بأيسر السبل على المشاهدين، عبر الهاتف، او المشاركين في حلقات مسجلة داخل الاستوديو، او تبث على الهواء مباشرة... LIVE كما يقال بلغة التلفزيون. وبغض النظر عن هذه الظاهرة وتقويمها من جهة جذب المشاهد الى الربح والمتاجرة بمعلوماته او تحمله القفشات والمزاح، بغض النظر عن هذه النقطة التي تستلزم وقفة اخرى، فإن برامج المسابقات التي قدمت كانت على مستويات مختلفة تدعو الى الدراسة، على اساس ان هذا الكم المعروض يخفي خبرات مهمة برنامجياً، يمكن ان تؤسس لوجهة نظر كاملة في فن اعداد برامج المسابقات. ونذكر بداية اسماء نماذج من هذه البرامج التي عرضت: "من سيحصل على المليون" قناة MBC، "مسابقة المليون" القناة الفضائية السورية، "مسابقة خيال الظل" قناة الاوربت، "جائزة الجوائز" قناة دبي، "فرسان الميدان" قناة اليمن، "قهاوي 2000" الفضائية الكويتية، "الفرصة الذهبية" الفضائية المصرية. هذه البرامج وغيرها يمكن ان تشكل في مجملها معطيات لأسس البرنامج الترفيهي الذي يعتمد مبدأ المسابقات. وقد اعطت انماطاً عدة من هذا النوع، كالنمط الذي يعتمد السؤال والجواب مباشرة، اي المعلومات العامة، النمط الذي يركز على التاريخ الاسلامي باعتبار ان البث يتم في رمضان، والنمط الذي يركز على الهوية الوطنية. وبين هذه الانماط نلاحظ نوعاً من الحشو الفني كالأغنية والفرقة الموسيقية التي تقدم الفواصل والنماذج الغنائية والاختبارات والتسابق على انجاز حركات ضاحكة، اضافة الى ايجاد بيئة محلية مصطنعة في الاستوديو تشبه المقهى، وفيها تبدو مظاهر رمضان في البلد المعني. لجأت الفضائية الكويتية الى النمط الاخير في برنامج "قهاوي 2000" حيث كنا نشاهد جمهوراً يلعب الداما والطاولة والدومينو ونشاهد اطفالاً يلعبون بالقفز على الخطوط في اجواء المسابقات التي تجرى وسط حماسة فاترة اججها دخول مجموعة فنية من الأطفال وقت الاستراحة لتقدم عرضاً شعبياً جميلاً. الفضائية اليمنية في برنامج "فرسان الميدان" كانت تبحث في الهدف غير المباشر للبرنامج، عن نشر معلومات عامة عن اليمن تاريخياً وحضارياً وجغرافياً. وهذا النمط شائع في البرامج العربية التي تحاول ان تكون هادفة في موادها الترفيهية. وقد ادخلت الفضائية السعودية الكومبيوتر الى برنامج المسابقات، وكذلك فعلت الفضائية الكويتية. فالكومبيوتر يختار الاسم من بين المتصلين، بينما يلجأ معد البرنامج الى الاتصال به الى منزله. اما فضائية البحرين فاعتمدت الانترنت. وفي البرامج النمطية، قدمت اوربت برنامجاً يعتمد الاتصال الهاتفي لاختيار رقم محدد على لوحة مضيئة تهيئ المشارك للدخول في المسابقة. وقدمت الفضائية المصرية برنامجاً يعتمد السؤال بالهاتف يمكّن من يتمكن من الاجابة عنه ان ينتقل الى مرحلة اعلى: الفرصة البرونزية، الفرصة الفضية، الفرصة الذهبية، وهو اسم البرنامج وبه الجائزة الاعلى. وعملياً يمكن لفت النظر الى برامج مهمة عدة في الشكل والمضمون، اولها الذي عرضه تلفزيون الشرق الاوسط MBC وقدمه جورج قرداحي بسوية عالية، اعتمدت الاخراج المبهر والشد على الاعصاب في الطريق الى المليون ريال سعودي!! وعلى رغم بساطة الطريقة، اهتم الكثيرون بمتابعة هذا البرنامج الذي حمل اسم: من سيربح المليون؟! ايضاً قدمت محطة عمان برنامجاً نوعياً لواحد من اهم معدي برامج المسابقات ومقدميها الاستاذ الخطيب الذي يجذب الجمهور والفريقين المتسابقين والمشاهدين بأسئلته وحضوره اللافت. اما برنامج الفضائية السورية الذي اعده وقدمه المذيع الاردني الشهير رافع شاهين، فسجل بدوره نسبة عالية من المشاهدة يمكن اكتشافها من تاريخية سلسلة من الحلقات التي قدمت بالطريقة نفسها قبل سنوات، واعتمدت اثارة الجمهور واضحاكه واسعاده بالجوائز. ويذكر ان شاهين هو المذيع العربي الوحيد الذي يتعاقد معه التلفزيون السوري خارج الخبرات الوطنية. وتؤكد التقنيات المستخدمة في هذه البرامج مدى التطور الذي شهدته البرامج الترفيهية العربية. فإذا كانت هذه تستخدم احياناً بلا فائدة في برامج من انواع اخرى، فإنها في برامج المسابقات كانت خادمة فعلاً للهدف الذي وضعت من اجله. فقد استخدمت الموسيقى بايقاعاتها المختلفة للتشويق وجذب المشاهد للمتابعة، واستخدمت لغة الصورة خصوصاً في "تلفزيون الشرق الاوسط للتعبير" عن حال التوتر التي تفرضها حال الترقب، بل لجأت هذه المحطة الى لغة الاضاءة، فلم تكشف الجمهور الذي يبدو ان اغلبه مدعو الى المشاركة، كذلك الى آليات الحاسوب والصورة والديجيتال في برامج اخرى، واكتفى بعض البرامج بتكاليف انتاجية عادية مع ارقام جوائز عالية.