تميز العام 2000 باندلاع ما يمكن وصفه ب"اول حرب" عربية - اسرائيلية على الانترنت ، مع كل التحفظ عن استخدام المصطلح الحربي لنعت ما ربما كان اقل من ذلك. ومرد ذلك إلى عدم توافر معلومات ثقة حاسمة عما يجرى من وقائع على الشبكة الدولية بين اسرائيل والعرب . لم يمضِ أسبوع على انتفاضة الأقصى الأخيرة حتى اندلعت حرب خفية لا يُسمع صدى نيرانها ولا خبط حجارتها، دارت رحاها في الإنترنت. وقد سقط موقع "حزب الله" تحت وطأة تسعة ملايين إصابة مصدرها إسرائيل. واستُهدفت أيضاً مواقع تابعة للسلطة الفلسطينية و"حماس" ومواقع عربية أخرى. وبعد أقل من أسبوع، ضُربت مواقع الكنيست الإسرائيلية ووزارة الخارجية الإسرائيلية والجيش الإسرائلي بمئات آلاف الإشارات الإلكترونية، ومصدرها جنوبلبنان، ف"المملكة العربية السعودية"، على حد زعم ناطق باسم الكنيست. فتعطّلت المواقع المذكورة، ما حدا بالجيش الإسرائيلي إلى طلب مساعدة شركة "آي تي أند تي" AT&T الأمركية. وقتئذٍ، عبّر أوري نوي، مدير القسم الإعلامي في وزارة الخارجية، عن رفضه "تقنية ضرب المواقع" التي اعتبرها "عملاً إرهابياً إلكترونياً". وجاء الردّ على لسان أحد طلاب الجامعة الأميركية في بيروت الذين استجابوا دعوة حمل السلاح الرقمي، إذ قال: "هاجمونا واستخدموا أسلحة أو وسائل محظورة، وعندما رددنا سمّونا إرهابيين. هل من المفترض أن نبقى صامتين؟... إنها الحرب الآن". حرب صامتة ما زالت دائرة، وبات مناصرو الانتفاضة يستخدمون فيها تركيبة مؤلفة من أدوات اختراق المواقع والنُظم ومن فيروسات أكسبتهم بعض التقدّم. وهي أشبه بخلطة "قنبلة المولوتوف". ويوزّع أولئك المناصرون الأدوات والفيروسات لتدمير المواقع الإسرائيلية انطلاقاً من موقع أنشئ خصيصاً لشن الهجمات. وفيه كل التعليمات والتوجيهات اللازمة لطريقة استخدام الأدوات الهجومية. وجاء هذا الموقع ردّاً على موقع إسرائيلي أنشئ في 6 تشرين الأول أكتوبر لإيواء هجمات "إغراق الشبكة". ومذّاك، أصيبت مواقع تحوي معلومات حيوية وموارد مالية، كموقع السلطة الفلسطينية وبورصة تل أبيب. ويتكوّن "المولوتوف الرقمي"، الذي يُطلق على المواقع الإسرائيلية، من فيروسات "رسالة غرام" LoveLetter و"تشرنوبيل" CIH و"ميليسا" Melissa إضافة إلى فيروسات اخرى.