طقوس الزمان في رمضان كثيرة، بعضها تقرر في القرآن والسنَّة فظل ثابتاً وهو الأصل، وبعضها ظهر مع تطور المجتمعات الإسلامية واختلافها مكاناً وحضارة وتقاليد ودرجات وعي. في طليعة طقوس زمان هذا الشهر المبارك "الاستهلال"، وهو تلمس هلاله والتثبت من حلوله ومن انتهائه" لا يكون ذلك إلا برؤية الهلال في أول مطلعه، ما لم يحل حائل الغيم دون ذلك، مع العلم أن الهلال معيار زماني في رمضان وغير رمضان. ونحن نجد للاستهلال أصولاً في الجاهلية" فالدكتور جواد علي ينقل عن "صبح الأعشى" وعن "إرشاد الساري" أن الإهلال "هو المبدأ الذي سار عليه الجاهليون في تعيين أوائل الشهور. فإذا اختفى القمر في آخر الشهر ولم يظهر، خرجوا لمراقبة الهلال وتثبيت مبدأ الشهر. وقد كانوا يعدون الرؤية من الحوادث المؤثرة في حياة الشخص، من حيث جلب النحس والسعادة للمستهل. ولهذا كانوا ينظرون الى المناظر الجميلة حيث الاستهلال، لاعتقادهم أن ذلك يجلب لهم البركة والخير". وأجاب القرآن الكريم عن سؤال من سألوا عن حقيقة الأهلة" قال تعالى: "يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج". وهذا اعتقاد المسلمين الى يومنا هذا. وبغض النظر عما توفره تقنيات عصرنا من وسائل نضبط بها أيامنا وشهورنا، فإن القاعدة الشرعية تنص على وجوب تلمس الهلال ما وسعنا ذلك، كما تنص على ما ينبغي فعله في حال التعذر" فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته، فإن غَبِيَ عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين" متفق عليه، وهذا لفظ البخاري. وفي رواية مسلم: "فإن غُمَّ عليكم فصوموا ثلاثين يوماً"، ومعنى "غبي": حال بينكم وبينه غيم، وكذلك معنى "غُمَّ"" والمقصود في رواية البخاري هلال شعبان، وهو ظاهر الحديث، وفي رواية مسلم هلال شوال. ولا يزال المسلمون في أربع جهات الأرض يلتزمون ما نص عليه الشرع على هذا الصعيد، وإنْ ندر من يلتزم طقساً شاع في زمن مضى، هو قولٌ ينبغي التلفظ به عند الاستهلال وثبوت الرؤية" فعن طلحة بن عبيدالله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى الهلال قال: "اللهم أَهِلَّهُ علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، ربي وربك الله، هلال رشد وخير". رواه الترمذي وقال: حديث حسن. ويعتمد المسلمون، وان قلَّ بينهم من يلتمس الهلال في عصرنا، قاعدة نص عليها الفقهاء، هي أنه إذا ثبت الهلال في بلد، أو إذا ظهر في مطلع، ثبت في سائر البلاد، وثبت في سائر المطالع" ومعنى ذلك ان ظهور الهلال في المملكة العربية السعودية مثلاً، إثبات لظهوره في لبنان وغيره. والتماس الهلال فرض كفاية، وهو "أن يترقب المسلم الهلال"، ويؤخذ في هذه الحال "بشهادة عدل، وقيل في بعض المذاهب: شهادة عدلين". فإذا عرفنا ان المسلمين في لبنان مثلاً لم يلتمسوا الهلال منذ عقود، عرفنا بسبب شخوص الأنظار والأسماع الى دار الفتوى التي لها الكلمة الفصل في هذا الأمر، تصدر في بيان خطي درج سماحة مفتي الجمهورية على تلاوته في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، وهو يعتمد في ذلك على ما تقرره المراجع الدينية في المملكة العربية السعودية، وكأنه بذلك يعمل بقاعدة ثبوت الهلال في سائر المطالع إذا ثبت في أحدها، وان كان سماحته لا يزال يطبق الأصول الشرعية القائلة بوجوب شهادة الشهود ممن يرون الهلال، فمن تطوع للشهادة كان عليه أن يأتي الى دار الفتوى حيث يدلي بشهادته ويوقعها ويقسم بحسب الشرع يميناً تصديقاً لهذه الشهادة. والحكومة اللبنانية ملزمة عرفاً باعتماد قرار سماحة المفتي، فهي تعمم على موظفيها أن بدء شهر الصوم هو اليوم الذي قرره المفتي، ولا تكتفي بذلك بل ترفقه بقرار يخفض ساعات العمل اليومية في الإدارات الرسمية، وهو قرار يسري على الصائم والمفطر من المسلمين، ويسري كذلك على الموظفين من غير المسلمين. والشهادة في أيامنا لا تختلف عنها أيام العثمانيين" فشهادة الشهود فرض، والحاكم يبني قراره على قرار المرجع الديني، ووسيلة اعلان القرار كانت "مدفع رمضان"، حيث يرمز بإحدى عشرة طلقة منه على حلول الشهر، فيما يرمز بالطلقة الواحدة على ميقات السحور وميقات الإمساك وميقات الإفطار. فعلى سبيل المثال جاء في سجلات المحكمة الشرعية في صيدا، في ختام شعبان من العام 1303 للهجرة، وثيقة بهذا المعنى، و"كان إثبات حلول شهر رمضان المبارك يتم أمام القاضي الشرعي بشهادة بعض الشهود العدول. وبعد التأكد من ذلك يبعث القاضي الى القائمقام يبلغه ببداية شهر رمضان، ويطلب منه اجراء المراسم المعتادة"، وفي ما يأتي نص الوثيقة المذكورة: "معروض الداعي بدوام الدولة العلية العثمانية، وبطول عمر سيدنا ومولانا السلطان الأعظم والخاقان المفخم، السلطان عبدالحميد خان خلَّد الله أركان دولته الى آخر الدوران. بحرمة سيد الأكوان صلى الله عليه وسلم، أنه ثبت بشهادة كلٍّ من ابراهيم بن علي السكاكيني، وسليمان بن أحمد الترك، وابراهيم بن محمد حنينة، وحمد بن يوسف أبو زيد، وابراهيم عمر البيلاني، وأحمد سعيد الشيخ عمار، وسعد الدين بن الشيخ درويش الرواس، أوَّليةُ شهر رمضان المبارك من هذا العام صباح يوم الخميس برؤية هلاله بعد غروب شمس يوم الأربعاء، ختام شهر شعبان المكرم، فاستحسن الأمر بإطلاق أحد عشر مدفعاً لإعلان ذلك. أعاده الله على سعادتكم ومن ثبوت سنين عديدة باليمن والتوفيق، وبكل الأحوال الأمر لوليِّه أفندم، ختام شهر شعبان 1303ه.، شهود الحال...". وأوكلت الدولة العثمانية أمر إطلاق المدفع الى "مدفعجي خاص" في بيروت "لإطلاق مدافع الإفطار ومدافع السحور"، وكذلك الأمر في طرابلس وصيدا، وكان المدفع في مدينة صيدا قائماً في قلعتها البرية، وقد عينت البلدية في العام 1910 "عبدالواحد شهاب لإطلاق مدفع رمضان بأجر قدره خمسة عشر مجيدياً، على أن تقدم البلدية ثمن البارود. وعندما رأت أنه لا يستطيع أداء مهمته في أوقات الإفطار والسحور والإمساك عينت جميل البزري لمعاونته في مقابل ست مجيديات". غير انهم أحجموا في وقت من الأوقات عن استخدام مدفع رمضان "بسبب قلة الذخيرة أو للحفاظ عليها، ثم ان الانتداب الفرنسي هو الذي حرَّك عمل المدفع بعد المطالبة الشعبية التي عمَّت المدينة لأن طريقة العثمانيين برفع الأعلام عند مغيب الشمس لم تنفع في غالبية الأحيان في فصل الشتاء لتعذُّر الرؤية. ويقال ان الفرنسيين أذعنوا وأوكلوا الى أحد الشباب الصيداوي مهمة "تقويص المدفع"، ثم خلفه شخص من آل شهاب. وعندما بدأت الحفريات في قلعة صيدا البرية في السبعينات أوكلت الدولة المهمة الى الجيش اللبناني". والى اليوم لا يزال الجيش اللبناني يطلق مدفع رمضان ولكن في وقت غروب الشمس فحسب، وما عاد هذا المدفع يطلق إحدى عشرة طلقة إيذاناً بحلول الشهر. ويستفاد من الخبر الآنف الذكر أن رفع الأعلام كان من طقوس الزمان واعلان حلول رمضان، وأن ذلك كان وسيلة غير ناجعة ولذلك ألغي. إلا أننا نرى الكثير من الأعلام ترفع في مختلف المناطق اللبنانية في اطار زينة رمضان. ولم ينفرد مدفع رمضان، الذي عرف في ما بعد ب"مدفع الإفطار" بعد تقلص وظيفته، بتعيين مواقيت السحور والإمساك والإفطار، بل تولى الأمر الى جانبه مؤذن وطبَّال. ولعل من المفيد أن نلمَّ بدور المؤذن على هذا الصعيد في فجر الإسلام. فالشائع بين المسلمين أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان له مؤذن واحد هو بلال بن رباح رضي الله عنه. غير ان علماء المسلمين يعرفون للرسول مؤذناً آخر هو ابن أم مكتوم، ذكره ابن عمر رضي الله عنهما فقال: "كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنان: بلال، وابن أم مكتوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن بلالاً يؤذِّن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم". قال: ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا" متفق عليه. ومن ذلك نستنتج أن وقت تناول السحور ضيِّق جداً، بخلاف الوقت الذي يمضيه اللبناني في أيامنا وهو يأكل ويشرب قبل أذان الإمساك. ولقد اضطلع المؤذن بهذا الدور الى أن شاعت مكبرات الصوت وأجهزة الراديو والتلفزيون، وصار قصارى ما يفعله هو أن يسجل الأذان في الأشرطة التي تبث في رمضان وغيره. وثمة شاهد آخر على قصر وقت السحور نجده في رواية زيد بن ثابت رضي الله عنه، قال: "تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قمنا الى الصلاة. قيل: كم كان بينهما؟ قال: خمسون آية" متفق عليه، وان لم يعيِّن الحديث أحجام هذه الآيات، وفي القرآن آيات قصار وآيات طوال. إلا أن الدكتور صبحي الصالح يرى في حاشية الحديث المذكور انها آيات لا طويلة ولا قصيرة. وثمة شاهد ثالث هو اعتمادهم التمييز ما بين الخيط الأبيض والخيط الأسود، ومرّ ذلك في طورين، إذ نزلت الآية الكريمة: "وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود". فظن بعض المسلمين ان الأكل جائز من أول الليل الى وقت ظهور الخيطين، حتى اكتمل نزول الآية بإضافة قوله تعالى "من الفجر"، وتمامها: "أحل لكم ليلة الصيام الرَّفث الى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام الى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون". ويتضح من هذه الآية ان السحور لا يبدأ في أول الليل بل في آخره وقبل حلول الفجر بقليل، كما تتضح طقوس أخرى تتصل بالرفث الى النساء، جوازاً أو منعاً، في حالي الاعتكاف في المساجد أو عدمه. ونخلص الى الطبال أو المسحراتي، وهو ضابط السحور والإمساك منذ عهود قديمة، وصار في لبنان اليوم جزءاً من المشهد الاحتفالي التراثي، الى جانب كونه ضابط التوقيت. وأما تاريخه في لبنان فالغريب أن نقرأ فيه ما يرده الى وقت مبكر جداً من تاريخ الإسلام. ويقول الدكتور هلال ناتوت في هذا الموضوع: "لعل تاريخ المسحراتي يعود الى زمن دخول جيوش الفتح العربي الى بلادنا وقيامه - المسحراتي - بمهمته خلال شهر رمضان نظراً لافتقاد وسائل الإعلام قديماً. ولقد كان له شأن واعتبار في تاريخ أدبنا الشعبي خصوصاً والعربي عموماً، لأنه أول من اخترع "فن القوما" في بدء عصر الدولة العباسية لاشتقاق اسم هذا الفن من اللازمة في أناشيد المسحرين "قوما للسحور" لتنبيه المسلمين ليلاً الى وقت السحور. فأطلق عليه هذا الإسم "فن القوما". ويقال ان أول من اخترع هذا الفن هو ابن نقطة المسحراتي في عهد الخليفة العباسي الناصر في القرن السابع الهجري، إذ كان الخليفة يطرب لأغاني ابن نقطة ويغدق عليه". إلا أننا نقرأ في بعض المصادر ان أول ظهور الطبال كان في مصر على عهد واليها عنبة بن اسحق، الذي كان يطوق بالأحياء هاتفاً بالنائمين: "يا عباد الله تسحروا، ففي السحور بركة"، حتى إذا تعب هذا الوالي أوكل الأمر من بعده الى أحد أتباعه. وربما صار إيقاظ الناس بعد ذلك مهنة وإن درج الطبالون في أيامنا على القول انهم يقومون بعملهم هذا طلباً للثواب في الآخرة. فالطبال في أي حي من أحياء بيروت وسائر المدن لا يزال يطوفا المنازل يوم العيد فيحصل على "العيدية" نقداً وقطع حلوى. والطبال في المدن اللبنانية يوقظ النيام الى اليوم بالقرع على الطبلة أو الدف وبإنشاد المدائح النبوية، وكان الأمر غالباً على هذا النحو في عهود سابقة، وكان لكل حي، ولا يزال، طباله، وربما نشأ سوء تفاهم بين طبالين اجتاز أحدهما منطقته الى منطقة الآخر. ومن نداءات الطبالين في صيدا قديماً: "لا اله الا الله. يا نايم وحد الدايم... يا نايمين بدوركم، قوموا على سحوركم، جايي النبي يزوركم". والطريف ان طبالاً فتياً انبعث من تربة هذا التراث في بعض مناطق لبنان، يمد جذوره في الماضي، ولكنه يبسط ذراعاً جديدة ويتخلق زياً جديداً. وأما الطبلة الصغيرة فتضخمت وأصبحت طبلاً كبيراً، يقرعه شاب وحوله رفاق له يرددون الأناشيد، أو يجلس به شاب في صندوق السيارة الخلفي ويقرعه في الأحياء، وربما استخدم هؤلاء الفتيان شريطاً مسجلاً ومكبر صوت. وثمة طقوس تتصل بالإفطار، نجد ان الأصل فيها استحباب تعجيله عملاً بسنّة الرسول ص وبالحديق القدسي" فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله عز وجل: أحب عبادي إليَّ أعجلهم فطراً" رواه الترمذي وقال: حديث حسن. والظاهر ان بعض المسلمين كان يغالي في الأمر فلا يفطر حتى يرى النجوم أو كان يعجل الإمساك. فقد روى ابن حبان والحاكم عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تزال أمتي على سنتي ما لم تنتظر بفطرها النجوم". قال المهلب: "والحكمة فيه أنه لا يزاد في النهار من الليل، ولأنه أرفق بالصائم، وأقوى له على العبادة". والأحاديث الشريفة التي تحض على الفطور كثيرة، ويستفاد منها ان الإفطار واقع حكماً فور غروب الشمس تناول الصائم طعاماً أم لم يتناول" فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أقبل الليل من ههنا، وأدبر النهار من ههنا، وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم" متفق عليه. وكان التمر وحسوات الماء أفضل ما ينبغي الإفطار عليه، وهذه سنَّة يقتديها المسلمون في لبنان الى اليوم، وإن أضافوا اليها - ومعها - احتساء الجلاب والتمر هندي ومختلف أنواع الحساء، وابتدعوا لذلك طقوساً احتفالية" فهم يفطرون في خيم رمضان في أجواء ساهرة لا تختلف عن السهر في مرابع الفن في غير رمضان إلا من حيث غياب الراقصات، وبعضهم يفطر على أنواع العصير في محلات بيع العصير ثم يتوجهون الى المنازل أو المطاعم. إلا ان الكثيرين يلتزمون ما سنَّه الرسول ص" فعن سلمان بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا إفطر أحدكم فليفطر على تمر فإنه بركة، فإن لم يجد تمراً فالماء فإنه طَهُور" ]....[ رواه الترمذي وقال: حديث حسن. وثمة طقوس من رمضان بقيت، وتتصل بإحياء العشر الأواخر منه، وكان هذا دأب رسول الله ص، وكانت له فيه سنن" فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشرُ أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجدَّ، وشدَّ المئزر" متفق عليه. والمراد العشر الأوائل من شهر رمضان، والمئزر: الإزار، وهو كناية عن اعتزال النساء، وقيل: المراد تشميره للعبادة. وفي هذه الليالي العشر الأواخر يتحرى المسلمون ليلة القدر، ولذلك ثواب عند الله عظيم فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه" متفق عليه، وعن ابن عمر رضي الله عنهما ان رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أُرُوا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر" متفق عليه، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في العشر الأواخر من رمضان، ويقول: "تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان" متفق عليه. وعنها أن رسول الله ص قال: "تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان" رواه البخاري، وعنها: قلت يا رسول الله، أرأيت إن علمت أيُّ ليلةٍ ليلةُ القدْر، ما أقول فيها؟ قال: "قولي: اللهم إنك عَفُوٌّ تحب العَفْوَ فاعْفُ عني" رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وعند عامة الناس في لبنان أن ليلة القدر فرصة نادرة الى حد الإعجاز، فمن شهدها كان له أن يطلب الثروات والسعادة والصحة، فكأن الليلة بهذا الاعتبار فانوس علاء الدين! هكذا تتطور طقوس الزمان في رمضان لبنان، ولا يعود التراث وأحكام الشرع مما يلزم اللبنانيين. فالتماس الهلال لاعتماد ظهوره الأول مطلعاً للشهر المبارك تعوض عنه وسائل حديثة بينها أعقد ما في علوم الفلك وأدواتها، ولم يعد أحد يعتمد في الإمساك النظر في الخيطين الأبيض والأسود" فوسائل معرفة الوقت بدقة متوافرة... وقد تغني الساعة المنبهة وحدها عن طقوس كثيرة. ولكنها، هذه الطقوس المتوارثة المتطورة، جزء حميم من المشهد الرمضاني في لبنان وغير لبنان ينظم صيامنا ويشعرنا بسعادة الانتماء الى مجتمع توحده العادات.