توج فريق الترجي بطلاً للخريف... وجاء هذا التتويج ليؤكد حقيقة في الدوري التونسي تبرز "السيطرة الترجية" على فاعليات كرة القدم في السنوات الاخيرة. لكن الوجه الآخر يبرز ان هذه الزعامة جاءت في مناخ تميز باختلال التوازن بين الاندية وانهيار منظومة الاندية الكبار وفقدان اللعبة لنكهتها بعد هجرة الجماهير للملاعب مما يهدد فعلياً موازنات الاندية واستمراريتها... والأهم من ذلك تأثير هذه الاجواء على القدرة التنافسية للكرة التونسية التي فقدت كل الألقاب القارية لموسم 1999-2000. وأكد حارس الترجي ومنتخب تونس شكري الواعر جدارته بالتربع على عرش مملكة الحراس في تونس حيث لم تهتز شباكه لاي هدف في طيلة 10 مباريات وبالتحديد 900 دقيقة وذلك على رغم تقدمه النسبي في السن. وجاء لاعب الملعب التونسي اسامة السلامي في طليعة الهدافين بتسجيله 7 اهداف ما يؤكد الآفاق المستقبلية لهذا اللاعب الذي رفضت ادارة ناديه تسريحه على رغم تجاوز قيمة انتقاله المالية المليون دينار. وتميزت بطولة الخريف في تونس بتأرجح اداء الاندية الكبار كالصفاقسي والافريقي والنجم الساحلي، وهي التي لم تعرف بعد طريقها نحو الاستقرار. لكن اللافت هو تساقط المدربين مثل اوراق الخريف حيث استبدلت اندية الدوري الممتاز معظم مدربيها بل ان بعضاً فعلها في اكثر من مناسبة مما يبرز الحيرة التي تسيطر على رؤساها الذين يواجهون غول الترجي. ويبقى الامتياز الوحيد لخريف تونس اداء نادي المنستير الذي تمكن بفضل مدربه الجزائري علي الفرقاني من اقتلاع وصافة الدوري وطليعة افضل هجوم وتخلصه من عقدة اللعب الدفاعي واللعب من اجل كرة جميلة وناجعة. وكان اعلان سليم شيبوب رئىس الترجي التونسي والرجل القوي في الرياضة المحلية قد سيطر على احاديث التوانسة وسهراتهم الرمضانية لهذا العام. فقد طغت هذه الاستقالة التي صرح بها شيبوب للتلفزيون التونسي عقب مباراة الذهاب لنهائي دوري ابطال افريقيا التي خسرها فريقه امام قلوب الصنوبر الغاني وبات قاب قوسين او ادني من ان يفقد التاج الافريقي. وجاءت هذه الاستقالة على خلفية الشعارات المناوئة لسي سليم التي رفعها البعض واتهمته بأمور كثيرة من بينها اشتعال اسعار بطاقات المباراة المذكورة اذ كانت اقل تذكرة ب10 دنانير ما اثر على الحضور الجماهيري الذي لم يتجاوز ال23 ألف محب في مباراة مصيرية. وعلل شيبوب مغادرته للترجي بالقطيعة الحاصلة بين الرئىس والجماهير مما يعني فقدان "شرعيته" التي يستمدها من القوة الضاربة لجماهير الاحمر والاصفر. وقد تحركت الآلة الترجية لاثناء الرئىس عن هذه الاستقالة عبر اجتماع شيوخ النادي والعرائض الجماهيرية وانتقال اللاعبين مع مدربهم يوسف الزواوي الى بيته ووعدوه بالعودة من اكرا بالذهب الافريقي عسى ان يعود عن قراره الذي اتخذه في لحظة غضب. من جهة اخرى، ساد الارتياح جماهير الاندية المنافسة وبعض الطامحين لرئاسة الترجي بعد الاستقالة، لكنه ارتياح غير معلن نظراً لوزن سليم شيبوب على الساحة التونسية اقتصادياً ورياضياً. واذ خلفت هذه الاستقالة زلزالاً في العائلة الترجية لارتباط تاريخ هذا الرئىس بأحلى التتويجات وقطع خطوة مهمة على درب الاحتراف الكامل فإنه اعاد الجدل المحلي حول دور الترجي في المجتمع السياسي في البلاد. ويعد شيبوب من اصغر رؤساء الأندية التونسية حيث لم يتجاوز بعد عتبة الاربعين. لعب الكرة الطائرة في الترجي منذ صغره، ويتمتع بجاذبية خاصة وقدرة على العمل والانصات. وعرفت مسيرة الترجي التونسي رؤساء معظمهم من المؤثرين اقتصادياً وسياسياً واذا كان الشاذلي زوتين هو الأب المؤسس الذي تجاوزت رئاسته الثلاثة عقود، فإن سليم شيبوب تمكن في 11 عاماً من السيطرة المطلقة على الدوري التونسي والتتويج محلياً وقارياً 17 مرة. وادار باقتدار تنظيم نهائيات كأس امم افريقيا في تونس عام 1996، ويستعد حالياً لرفع تحدي التنظيم في عام 2004. والأهم من ذلك كله، تمكن سليم عبر علاقاته الواسعة من الارتفاع بالبنية التحتية للنادي الى مستوى الاندية الاوروبية ووصلت موازنة الترجي الى قرابة ال8 ملايين دينار وارتقى بنادي تونس الاول الى مرتبة الاحتراف الكامل.