علمت "الحياة" ان لجنة وزارية أعدت أخيراً مشروع قانون للمطبوعات جديداً سمح لمجلس الوزراء ب"منح تراخيص اصدار صحف للاشخاص والهيئات الاعتبارية والى الاحزاب السياسية المرخصة" والمنضوية في "الجبهة الوطنية التقدمية" منذ العام 1972. في حال اقرار مشروع القانون من جانب الرئيس بشار الاسد، سيكون ثاني قانون للمطبوعات يصدر في البلاد في تاريخها الحديث وبعد مرور اكثر من 51 عاماً على مسودة القانون الحالي التي وضعت خلال فترة الانتداب الفرنسي 1920-1946، واقرت خلال المرحلة الانتقالية في ظل انقلاب سامي الحناوي في العام 1949 الذي استمر نحو أربعة شهور بعد الانقلاب الاول الذي قاده حسني الزعيم. ويتضمن مشروع القانون الجديد، الذي اعدته لجنة وزارية برئاسة نائب رئيس الوزراء محمد ناجي عطري، تعديلات على السابق خصوصاً لجهة الشروط المطلوبة في صاحب الامتياز ورئيس التحرير والمدير المسؤول للدورية، لتتناسب مع التطورات التعليمية والمهنية الحاصلة. واعطى الحق لمجلس الوزراء بمنح تراخيص ل"الهيئات الاعتبارية والأفراد والأحزاب بحيث يلغى الامتياز في حال حلّ الحزب الذي يصدر الترخيص باسمه وليس باسم رئيسه". ولم يعرف ما اذا كان المشروع اعطى الإطار القانوني للتطورات الحاصلة وفق "ثورة الاتصالات"، خصوصاً لجهة السماح باذاعات وتلفزيونات خاصة. كما لم تعرف كيفية تعامله مع الصحافة الالكترونية والانترنت. وبقي في المشروع جوهر الفقرة الموجودة في القانون السابق التي تعطي "الحق لمجلس الوزراء برفض منح الرخصة لمن لا تتوافر فيهم الشروط القانونية لأسباب يعود تقديرها إليه، ولا يشترط ان يكون قرار مجلس الوزراء برفض منح الرخصة مسبباً". وبين الشروط التي وضعها القانون ان يكون طالب الامتياز سورياً وحاملاً لشهادة جامعية أو بطاقة من وزارة الاعلام لست سنوات على الاقل، و"ان لا يكون بأي صورة في خدمة دولة أجنبية" وان "لا يجمع بين مهنة الصحافة وأي مهنة أخرى". وكان السفير عدنان عمران تسلم حقيبة الإعلام في حكومة محمد مصطفى ميرو في آذار مارس الماضي، واتخذ عدداً من القرارات لتطوير الاعلام الحكومي. وإذ طلب المشروع من الأفراد والهيئات "وضع ضمان مقداره مئة ألف ليرة ألفا دولار أميركي في خزينة الدولة"، فإنه أعفى أحزاب "الجبهة الوطنية" من ذلك، لكنه اشترط على الطرفين ان يرسلا فور صدور دوريتهما "نسخاً إلى النيابة العامة والجهة الادارية ونسخة إلى الجهة الادارية" أي وزارة الاعلام. وقالت مصادر مطلعة ل"الحياة" إن القانون سيوفر الاطار القانوني لاحزاب "الجبهة الوطنية" السبعة لاصدار صحف علنية خاصة بعد صدور القرار السياسي من القيادة القطرية ل"البعث" الحاكم قبل نحو اسبوعين. وقال عدد من قادة احزاب "الجبهة" مشروع القانون بأنه "حافظ على الجو الديموقراطي الذي كان سائدا في السابق". وكان مقررا ان يجتمع نائب الرئيس محمد زهير مشارقة امس مع قادة الاحزاب للبحث في اجراءات صدور الصحف. ولا يزال القانون الحالي نافذاً منذ صدوره قبل 51 عاماً. وبعد وصول "البعث" الى الحكم في 8 آذار مارس العام 1963، صدر بلاغ اوقف "جميع الصحف وختم اماكن طبعها، باستثناء ثلاث صحف هي "البعث" الناطقة باسم الحزب الحاكم و"الوحدة العربية" و"بردى"، تلاها مرسومان لاحداث "مؤسسة الوحدة للطباعة والنشر" التي تصدر حالياً "الثورة" الحكومية منذ العام 1963، و"تشرين" في بداية السبعينات، لتبقى "الثورة" و"البعث" و"تشرين" الصحف القومية الرسمية الوحيدة في البلاد. "تشرين" ودعت صحيفة "تشرين" الحكومية الى "تغيير آلية محاسبة الآخرين على آرائهم من اسلوب الرقابة المسبقة الى اسلوب آخر يسمح لها بالظهور على ان يحاسب صاحبها عن اخطائه المحتملة فيها امام القضاء علناً". واضافت في مقال نشر امس :"اذا تم تعديل قانون المطبوعات كما هومأمول منه فسيكون ذلك بالتأكيد نقلة نوعية رائعة حقاً في حياتنا الثقافية والفكرية عامة". واشار شوقي بغدادي الى ان "فرحي بالسماح لأحزاب الجبهة بإصدار صحفها الخاصة علناً كان اكبر من فرحي بقرار إلغاء سجن المزة الشهير".