يبدأ اليوم الاقتراع للانتخابات الرئاسية والبرلمانية في السودان وسط فتور ولامبالاة شعبية نظراً الى مقاطعة الاحزاب الرئيسية المعارضة للانتخابات، وحسم عدد كبير من مقاعد البرلمان بالتزكية 120 من اصل 270 لمصلحة مرشحي الحزب الحاكم في غياب المنافسة. ويتوقع ان تكون نسبة اقبال الناخبين على صناديق الاقتراع ضعيفة في ظل انعدام أي مظاهر مرتبطة بالانتخابات في الشارع، باستثناء بعض صور مرشحي الرئاسة المعلقة على الجدران. ويتناقض هذا الجو مع الحرارة والحيوية وشدة التنافس التي شهدتها آخر انتخابات تشريعية جرت في العهد الديموقراطي العام 6198. ويضم سجل الناخبين 12 مليوناً من أصل سكان البلاد البالغ عددهم نحو 30 مليوناً. ويتنافس على الرئاسة الرئيس الحالي عمر البشير مرشحاً عن حزب المؤتمر الوطني الحاكم، والرئيس السابق جعفر نميري عن حزب "تحالف قوى الشعب العاملة"، والدكتور السموأل حسين عثمان منصور عن حزب الديموقراطيين الاحرار، ومرشحان مستقلان هما الدكتور مالك حسين ومحمود جحا. ويتوقع المراقبون انتخاب البشير رئيساً وبفارق كبير بعدد الاصوات، نظراً الى الامكانات الكبيرة التي يوفرها له الحزب الحاكم. وحسم الحزب الحاكم فوز 112 من مرشحيه للبرلمان بالتزكية من جملة مقاعده البالغة 270 دائرة جغرافية، منها 28 دائرة في الخرطوم ضمن بها الفوز لرموز وقادة النظام، الأمر الذي ينتفي معه التنافس والرغبة لدى الناخبين في التوجه الى مراكز الاقتراع، بعدما اصبحت نتيجة العملية محسومة سلفاً. وتجرى الانتخابات في 23 ولاية من ولايات السودان ال26 حيث تسيطر "الحركة الشعبية لتحرير السودان" على ولايات البحيرات وغرب الاستوائية وواراب وبعض اجزاء ولاية غرب الاستوائية المتاخمة للحدود الاوغندية. ويرى المراقبون ان البرلمان المقبل، وعلى رغم انه سيعبر عن الحزب الحاكم الا انه لا يمثل كل مواطني البلاد. وستجرى الانتخابات الرئاسية في 56 من سفارات السودان في الخارج، ويحق لنحو 400 ألف ناخب في دول المهجر الإدلاء بأصواتهم لاختيار الرئيس، ولا يسمح لهم القانون بالمشاركة في الانتخابات التشريعية. ومع انعدام المنافسة ومقاطعة المعارضة، بات التنافس في بعض الدوائر محصوراً بين مرشحي الحزب الحاكم، مثلما حصل في غرب السودان حيث يتنافس حاكم ولاية جنوب دارفور الحريكة عزالدين مع رجل الاعمال محمد عبدالله جار النبي الذي اشترى امتياز شركة "شيفرون" الاميركية لانتاج النفط في البلاد لصالح الحكومة في منطقة لقاوة. كما ينافس وزير الدولة السابق في رئاسة الجمهورية الفريق سيد الحسيني عبدالكريم، نائب حاكم ولاية غرب كردفان سلمان سليمان الصافي في دائرة الأبيض. وستستمر عمليات الاقتراع حتى 22 من الشهر الحالي. ويتوقع اعلان النتائج في 24 منه. وكانت مصاعب مالية واجهت هيئة الانتخابات امس هددت بتوقف مرحلة الاقتراع وتأجيله أن تدخل رئاسة الجمهورية لدى وزارة المال والاقتصاد انقذ الوضع. ويحضر الانتخابات مراقبون من منظمة الوحدة الافريقية وجامعة الدول العربية، بعد اعتذار الاممالمتحدة ومنظمة المؤتمر الاسلامي. وارجعت المعارضة اصرار الحكومة على اجراء الانتخابات على رغم المطالبة المتكررة بارجائها الى انها تهدف، من ورائها، الى ايجاد شرعية لمواجهة الآخرين بعد انشطار الحزب الحاكم قبل ستة اشهر، وانشاء مفكر الحكم الدكتور حسن الترابي حزب المؤتمر الوطني الشعبي. ويجمع المراقبون على ان هذه الانتخابات لن تحمل اي جديد، لأنها ستكرس قبضة السلطة على الحكومة والبرلمان بعد تعثر مساعي التسوية السياسية وازدياد حدة الاستقطاب بين الحكومة والمعارضة. وكانت آخر انتخابات جرت في عهد "جبهة الانقاذ" العام 1996 وفاز فيها البشير على 40 مرشحاً.