تمكن جهاز الامن الوقائي الفلسطيني من القاء القبض على علاّن بني عودة المتهم بالضلوع في اغتيال ابراهيم بني عودة، أحد مسؤولي الجناح العسكري لحركة المقاومة الاسلامية حماس الاسبوع الماضي، من خلال عملية استخبارية معقدة. وأكدت مصادر فلسطينية امنية ل"الحياة" ان علان بني عودة وهو ابن عمة الشهيد "أُستدرج" من جانب جهاز الامن الوقائي بعد فراره اثر اغتيال الشهيد ابراهيم الى احد الفنادق الاسرائيلية داخل الخط الاخضر، وانه اعترف بجريمته وادلى بتفاصيل عن ظروف تجنيده للعمل لدى المخابرات الاسرائيلية، وانه سيقدم للمحاكمة في وقت قريب. وأثار اسلوب اغتيال الشهيد ابراهيم على يد الاستخبارات الاسرائىلية، وهو شابه بتفاصيله الى حد كبير تفاصيل اغتيال يحيى عياش المسؤول الاول في كتائب عزالدين القسام الجناح العسكري لحركة "حماس" في كانون اول ديسمبر عام 1996، غضب الفلسطينيين الذين طالبوا باعتقال العميل الذي مكّن الاجهزة الاسرائيلية من اغتيال الشهيد، واستقبلوا نبأ اعتقاله بارتياح. ووفقا لما جمعته "الحياة" من اكثر من مصدر، فإن علان 24 عاماً، وهو متزوج وغير متعلم و"جاهل" كما وصفه بعض معارفه الذين لم يصدقوا ان الاسرائيليين جندوه خصوصاً انه يعيش حياة "عادية" ويعمل في احدى المستوطنات اليهودية، كان ابعد ما يكون عن الشبهات. الهدف الاسرائيلي: كان ابراهيم عبدالكريم بني عودة من مواليد 1967 في الكويت و"المهندس" الثاني في كتائب عزالدين القسام بعد محمود ابو هنود. كانت الاجهزة الامنية الفلسطينية اعتقلت ابراهيم في شهر آب اغسطس 1998 بعدما اكتشفت مختبرين لصنع المتفجرات والاسلحة الكيماوية في منطقة نابلس. ورفض ابراهيم الاعتراف بالتهم المنسوبة اليه فبقي محتجزاً بدون محاكمة، الا ان السلطة سمحت له بقضاء اجازات نهاية الاسبوع مع زوجته واولاده الستة. من هنا سعت المخابرات الاسرائيلية الى ايجاد الوسيلة: تجنيد علّان وجعله يتقرب من ابن خاله ابراهيم وزوجته التي هي ايضا ابنة عم علّان، وراح الاخير يزور ابن خاله في نابلس قادماً من قرية طمون مسقط رأس العائلة التي ينتسب الاثنان اليها. استغل علاّن سماح السلطة الفلسطينية لابراهيم بالخروج في اجازاته الدورية، وعرض عليه استخدام سيارته الخاصة لتسهيل تحركاته. يوم وقوع الجريمة، وقبل يوم واحد من موعد عودة ابراهيم للسجن، اتصل به علان واعلمه بأنه ينوي الذهاب الى رام الله وانه لن يحتاج سيارته واذا اراد ان يستخدمها فسيحضرها له. وهكذا كان... عرض ابراهيم على علان ان يوصله الى محطة سيارات تاكسي، رفض الاخير مصراً على ان شخصاً سيقله. استقل ابراهيم السيارة وقادها بضع عشرات الامتار... وانفجرت عبوة ناسفة كانت مزروعة في مسند الرأس في مقعد القيادة. تم التفجير من الجو باستخدام طائرة تماماً كما حدث في عملية اغتيال عياش. اذ زرع احد اقرباء عياش متفجرة في الهاتف النقال الذي اعاره اياه لاستخدامه في الاتصال بوالده. وعندما رن جرس الهاتف والتقطه عياش انفجر في دماغه. صعق المواطنون الذين تجمعوا حول السيارة التي انفجرت امامهم وسط الشارع بدون انذار ورجحوا ان طائرة كانت تحلق في الجو اطلقت صاروخاً على السيارة. لكن تحقيقات الاجهزة الفلسطينية اكدت ان الشهيد قتل بانفجار العبوة التي زرعت في مسند الرأس في المقعد وان الجزء الخلفي من رأس ابراهيم تهشّم كلياً. متفجرات غير مسبوقة جمعت الاجهزة الامنية الفلسطينية المعلومات بسرعة وحاولت الايقاع بعلاّن بعدما ربطت بين سيارته وبين الحادث واقنعته بالمشاركة في جنازة الشهيد بحكم علاقتهما الاسرية. وبالفعل ظن علان ان احداً لم يعلم بدوره، إلا ان المخابرات الاسرائيلية كانت تراقب المنطقة التي يفترض ان يدخل منها علاّن الى نابلس واثار وجود عدد من الفلسطينيين في المنطقة ريبتها فأفلت علان من الاعتقال. وفي مرحلة لاحقة، تمكنت الاجهزة الامنية الفلسطينية من استدراج علان واعتقاله حيث اعترف بجريمته. يبقى ان ابراهيم بني عودة الذي كان لقبه الحركي "رائد" كان يحمل جواز سفر اردنياً وادى الخدمة العسكرية في الجيش الاردني برتبة ملازم بعدما غادر الكويت الى الاردن في العام 1990. وطبقا لمصادر في "حماس"، توجه ابراهيم الى فلسطين للالتحاق بالعمل العسكري وبدأ نشاطه العسكري بالتعاون مع الخلايا العاملة فيها عن طريق النقاط الميتة. وأكد بيان صادر عن كتائب عزالدين القسام ان ابراهيم كان يتجول بحرية داخل الخط الاخضر بتصريح "تاجر" وانه لم يكن لدى الاسرائيليين اي شبهة حوله، الى ان ضبطت السلطة الفلسطينية لديه انواعاً من المتفجرات والتجهيزات غير المسبوقة في العمل العسكري واعتقل في العام 1998، وهو نفذ "عمليات نوعية ضد الاسرائيليين تم التكتم عليها بسبب طبيعة السلاح المستخدم وتطور ادائه".