قبل 48 ساعة على موافقته الاضطرارية على تقديم موعد الانتخابات للكنيست الإسرائيلي، يبدو أن رئيس الحكومة وزعيم "العمل" ايهود باراك حسم الموقف لصالحه داخل الحزب الذي سارع عدد من أقطابه، خصوصاً ممن كانوا حتى الأمس غير البعيد أشد منتقديه، في إعلان الولاء له وتأييد ترشيحه ثانية لزعامة الحزب، فيما أضحى عدد المعارضين له لا يتجاوز عدد أصابع يد واحدة. وكان باراك كرس اليومين الأخيرين، على عكس عادته، للشؤون الحزبية، فدعا إلى اجتماع عاجل للجنة المركزية للحزب عقد مساء أمس غير آبه بالانتقادات التي وجهها له الوزير شمعون بيريز والنائب عوزي برعام على التسرع في عقد الاجتماع في محاولة منه لسد الطريق أمام من يفكر بمنافسته، ولكسب تأييد الغالبية العظمى من أعضاء المركز، وذلك عن طريق عدم منح منافسيه المحتملين الوقت الكافي للاستعداد للانتخابات التمهيدية داخل الحزب، وذلك بسعيه إلى الانتهاء من الانتخابات التمهيدية خلال 45 يوماً. وازاء هذه الانتقادات قرر باراك أن لا يخوض المجتمعون في مسألة الانتخابات الداخلية في الحزب على أن يعقد اجتماع آخر الخميس المقبل للبحث في ذلك. وبعد إعلان سكرتير الحزب رعنان كوهين، الذي سبق وتصادم مراراً مع باراك، تأييد ترشيح باراك أول من أمس، ثم إعلان الوزير شلومو بن عامي عدم تكرار تجربة العام الماضي وترشيح نفسه أمام باراك، فاجأ الوزير يوسي بيلين المراقبين بإعلانه أمس، عبر الإذاعة الإسرائيلية، أنه لا يرى الآن سبباً مقنعاً أو تبريراً ايديولوجياً لعدم دعم باراك. وواصل رئيس الكنيست إبراهام بورغ التزام الصمت ازاء الحديث عن ترشيح نفسه، فيما تشير كل الدلائل إلى أنه لن يعلن ذلك، منتظراً ما ستسفر عنه محاولات باراك لانجاز تسوية مع الفلسطينيين. وكان باراك التقى أول من أمس بورغ في اجتماع وصفه شخص قريب من بورغ بأنه "صعب". ونقل عن هذا المقرب قول بورغ لباراك إن الأخير حاول اغتياله سياسياً ثلاث مرات ولم ينجح، ولذا عليه أن يتعامل معه بصفته الشخصية الأكثر شعبية داخل الحزب. وحسب معلق الإذاعة الإسرائيلية يارون ديكل، فإن أحداً من أركان العمل لن يرشح نفسه لينافس باراك، مشيراً إلى أنه في تاريخ الأحزاب الإسرائيلية لم يحصل أن رشح عضو حزب، سواء من ليكود أو العمل، نفسه أمام رئيس حكومة وزعيم حزبه. وأبدى النائب برعام دهشته مع "الركض الجنوني" لأعضاء حزبه وراء باراك، مذكراً أياهم باسلوب تعامل باراك معهم وإدارته شؤون الحزب "فهو لم يضطر إلى تقديم موعد الانتخابات بسبب مواقف حمائمية إنما لسلوكه وكيفية تصريفه الأمور". وكان الوزير بيريز حذر في وقت سابق من أن عدم انجاز اتفاق مع الفلسطينيين يطرحه باراك والعمل على الناخب الإسرائيلي سيؤدي إلى إحداث هزة داخل الحزب. ويعتبر اتفاق كهذا، في حال انجازه، خشبة الانقاذ الممكنة الوحيدة لباراك، فقد أعلن أمس أنه يسعى إلى اتفاق كهذا لطرحه على المجتمع الإسرائيلي في الانتخابات المقبلة أو في استفتاء خاص، أضاف باراك ان اتفاقاً كهذا سيقر في الحكومة ثم يطرح على الناخب الإسرائيلي. في المقابل، أعلن زعيم حزب المتدينيين "مفدال" اسحق ليفي أنه يبادر لجمع تواقيع رؤساء أحزاب على التزام يقضي بأن الحكومة المقبلة، مفترضاً أن تكون يمينية، غير ملزمة بقبول اتفاق كهذا.