} وضع "التجمع اليمني للاصلاح" علاقته بالحزب الحاكم، المؤتمر الشعبي العام، في مأزق حرج جداً، ينبئ بأزمة وشيكة، تضاعف الاحتقان بأزمات صامتة بين الجانبين منذ بضع سنوات. وكان "التجمع" أعلن معارضته المبدئية مشروع التعديلات الدستورية الذي أحاله الرئيس علي عبدالله صالح على مجلس النواب واثار جدلاً واسعاً لدى أحزاب المعارضة التي انقسمت بين رافض لمبدأ التعديلات ومتحفظ عن معظم مواد المشروع، وبعضها رأى في التعديلات تهديداً لمبدأ التداول السلمي للسلطة وتكريساً لحكم الحزب الواحد. شنت صحيفة "الثورة" الحكومية امس حملة على تجمع الاصلاح، واتهمته بالعجز عن مواكبة التغيير وبالجمود السياسي، مشككة في صدقيته، ومعتبرة انه و"الحزب الاشتراكي" "وجهان لعملة واحدة". وتعززت مؤشرات أزمة سياسية جديدة بين الحزب الحاكم في اليمن وأحزاب المعارضة، بسبب رفض هذه الاحزاب مشروع التعديلات الدستورية. وعلمت "الحياة" من مصادر في المعارضة ان "التجمع اليمني للاصلاح" يجري حواراً مع "المجلس الوطني للمعارضة" القريب الى الحكم، لإقناعه بالانضمام الى رسالة كان "التجمع" و"مجلس التنسيق الأعلى لأحزاب المعارضة" بقيادة الحزب الاشتراكي اتفقا على توجيهها الى الرئيس اليمني بهذا الخصوص. وهاجمت صحيفة "الثورة" أمس أحزاب المعارضة اليمين واليسار في اشارة واضحة الى "التجمع" و"الاشتراكي"، بسبب مواقف المعارضة الرافضة للتعديلات، والتي وصفتها بأنها "تعكس عجزها ورؤيتها القاصرة لأبسط قواعد التحليل والاستنتاج". ورأت ان "دوافع المعارضة ذات اليمين وذات اليسار تنطلق من مصالح ذاتية لا علاقة لها بالمصلحة الوطنية العليا، في ضوء معارضتها المفاجئة، والتبرم من كل مبادرة تهدف الى تعزيز التطور الديموقراطي في البلد، بغية الحصول على مصالح ومنافع، ولا شيء سواها، في ظل وقوع هذه الاحزاب تحت سيطرة الاهواء والنزعات الانانية". وخلصت الصحيفة الى ان "الاصطفاف ضد مشروع التعديلات الدستورية جعل اليمين واليسار يظهران كوجهين لعملة واحدة". ولم يكن موقف أحزاب المعارضة من التعديلات مفاجئاً للحزب الحاكم الذي عمد أخيراً الى ادخال بعض "التحسينات" على المشروع، لتطويق ردود الفعل والتمهيد لتصويت البرلمان على الصيغة النهائية التي ستحال على استفتاء عام في ضوء تقرير لجنة برلمانية. لكن مجلس شورى التجمع أعلن معارضته أي تعديل للدستور، مما أثار غضب الحزب الحاكم الذي رأى تناقضات في مواقف "التجمع". وكانت قيادات بارزة في تجمع الاصلاح شاركت في انجاز مشروع التعديلات الدستورية جنباً الى جنب مع قيادات في الحزب الحاكم، ضمن لجنة خاصة برئاسة الشيخ عبدالله الأحمر رئيس مجلس النواب، رئيس الهيئة العليا للتجمع. وبين أبرز اعضاء اللجنة عبدالوهاب الآنسي الأمين العام المساعد لهذا الحزب، الذي صوتت كتلته البرلمانية قبل نحو ثلاثة اشهر لمبدأ مناقشة مشروع التعديلات الدستورية بالصيغة المقترحة من علي صالح، واضافت اليها اقتراحاً بتعديل المادة الخاصة بفترة الدورة الانتخابية لرئيس الجمهورية، بحيث تمدد من خمس الى سبع سنوات، مما اعتبر آنذاك "مزايدة سياسية" وتأكيداً لاتفاق مسبق بين "التجمع" و"المؤتمر". ورغم ان رفض مجلس شروى التجمع التعديلات الدستورية يضع الشيخ عبدالله الأحمر في موقف حرج، على خلفية رئاسته لجنة اعداد المشروع، فإن "المؤتمر" لا يعتبر ان تناقض مواقف "التجمع" من التعديلات يعكس خلافاً داخل تركيبة "التجمع" بين تيار معتدل بزعامة الاحمر وآخر متشدد ومؤثر في قرار هذا الحزب ويتزعمه الشيخ عبدالمجيد الزنداني رئيس مجلس الشورى، وكلا الرجلين على طرفي نقيض من العلاقة مع الرئيس اليمني. ويرى الحزب الحاكم في تناقض مواقف "التجمع" من التعديلات الدستورية نوعاً من الابتزاز السياسي الذي يعتمد على "توزيع الأدوار"، فيما يؤكد عدد من المحسوبين على التيار "المعتدل" في تجمع الاصلاح ان حالاً من الاحتقان في مواقف التيار المتشدد من الحزب الحاكم وسياسة الرئيس علي صالح، كان لها دور مهم في موقف مجلس الشورى من التعديلات، بالإضافة الى حال من الإرباك وعدم الانسجام تنذر بانقسامات عشية انعقاد المؤتمر العام الثالث للتجمع، المقرر في 18 الشهر الجاري. ويخشى "المعتدلون" ان تتحول التناقضات في مواقف الحزب من التعديلات الدستورية أزمة حقيقية مع الحزب الحاكم، تفضي الى مواجهة سياسية. ويؤكد قياديون في "الاصلاح" مخاوف التيار السياسي المعتدل من تعزيز نفوذ التيار المتشدد خلال المؤتمر العام على حساب التوجهات السياسية التي ينبغي على الحزب استيعابها مستقبلاً، وبالتالي اختلالات في التوازن وفي تركيبة "التجمع" التي تعتمد على جناح تيار "الاخوان المسلمين" منذ تأسيس الحزب أواخر 1990.