جددت السلطة الفلسطينية مطالبتها بقوة دولية لتوفير الحماية للشعب الفلسطيني الذي لم يتوقف عن تشييع جنازات شبانه شهداء رصاص قوات الاحتلال الاسرائيلي منذ التاسع والعشرين من ايلول سبتمبر الماضي، اذ انضم امس الشاب عبدالله عمارنة 24 عاما الى قافلة شهداء انتفاضة الحرم. وأكد الرئىس ياسر عرفات أن طلباً فلسطينياً قدم إلى الاممالمتحدة قبل عشرة ايام لتأمين حماية دولية للشعب الفلسطيني. وقال في مؤتمر صحافي في غزة أمس: "هذا حق لنا اسوة بكل الدول التي تتعرض للعدوان". واضاف: "سنسعى الى نشر قوات دولية على رغم معارضة الرئيس بيل كلينتون لذلك"، في اشارة الى تصريح الاخير بهذا الشأن. وكان كلينتون قال في مقابلة اذاعية اول من امس ان معارضة اسرائيل إرسال قوة دولية لحفظ السلام الى الضفة الغربية وقطاع غزة يعني ان ذلك "لا يمكن ان يحدث". وأعلن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات أن السلطة الفلسطينية تصر على وجود قوة دولية. وقال: "ان الاسرائيليين يتهموننا بأننا نهدد امنهم كأن دباباتنا هي التي تحاصر مدنهم وتخنق شعبهم، فلماذا يعارضون ولماذا هم يخافون من انتشار قوة دولية تكون شاهداً على ما يتعرض له الفلسطينيون من اعتداءات"؟ وقال: "لانريد انصاف حلول. هناك احتلال اسرائيلي ويجب ان ينتهي من خلال تنفيذ قراري الاممالمتحدة 242 و 338". وكشف عريقات ان الرئيس الفلسطيني سيركز على ضرورة توفير الحماية الدولية خلال لقائه رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الذي سيلتقيه مساء اليوم الاربعاء في طريقه الى الولاياتالمتحدة للاجتماع بالرئيس الاميركي. وقال: "سيركز الرئيس عرفات في لقاءاته مع الرئيس المصري حسني مبارك بلير وكلينتون على ضرورة وقف العدوان وتوفير الحماية الدولية وتشكيل لجنة التحقيق الدولية وفوق كل ذلك ايجاد آليات لتنفيذ القرارين الدوليين لانهاء الاحتلال". واعلن البيت الابيض أمس ان عضو مجلس الشيوخ السابق جورج ميتشيل سيرأس لجنة تقصي حقائق في المواجهات الدامية بين الاسرائيليين والفلسطينيين المستمرة منذ ستة اسابيع. واضاف ان الاعضاء الاخرين في اللجنة هم عضو مجلس الشيوخ السابق وارين رودمان والرئيس التركي السابق سليمان ديمريل ومفوض الشؤون السياسية والامنية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا ووزير الخارجية النروجي ثوربيورن ياغلاند. وفي لندن صرح وزير التخطيط والتعاون الدولي الفلسطيني الدكتور نبيل شعث الذي التقى امس وزير الخارجية البريطاني روبن كوك، بأن المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية لا بد من ان تكون على أسس جديدة ومختلفة جذرياً، موضحاً انه "لا يمكن ابداً اجراء مفاوضات على اساس مفاوضات كامب ديفيد التي فشلت اصلاً". وقال ل"الحياة" ان هدف المفاوضات "التي نتوقع ان يكون لها سقف زمني محدود هو انهاء الاحتلال". واعتبر ان فشلها سيعني استمرار الانتفاضة واتخاذها منحى مختلفاً وربما اكثر عنفاً سيشمل المنطقة، خصوصاً المصالح الغربية. ودان غياب الدور البريطاني "علما ان بريطانيا كانت وعدت سابقاً السلطة الفلسطينية بأنه سيكون لها دور ايجابي وفاعل في تنفيذ القرار 242 وفي ايصال الحق الفلسطيني الى اهله". وبالنسبة الى قوة دولية لحماية الفلسطينيين، قال شعث: "اننا لا نطلب قوة على غرار القوة الموجودة في كوسوفو او في الشيشان، لكننا نطالب بقوة مماثلة للقوة الموجودة في جنوبلبنان". واعتبر ان اتفاق اوسلو "مريض جداً لكنه لم يمت، وعلينا عدم قطع كل الصلات بالذين يريدون السلام في اسرائيل". واعتبر ان اوروبا منقسمة ازاء عملية السلام في الشرق الاوسط وان بريطانيا سبب هذا الانقسام الاوروبي. وطالب اوروبا مجتمعة بدور اكبر لانها مرتبطة بالمنطقة اكثر من الاميركيين. وقال مصدر فلسطيني مسؤول ل"الحياة" ان القيادة الفلسطينية ستتقدم بتوصية الى المجلس المركزي الفلسطيني الذي سينعقد الاسبوع المقبل "بعدم اعلان تجسيد الدولة الفلسطينية". وأضاف ان الفلسطينيين لا يريدون ان تستغل اسرائيل هذا الاعلان وتقصر حدود الدولة الفلسطينية على نحو 18 في المئة من اراضي الضفة الغربية وتتنصل من تنفيذ قرارات الشرعية الدولية في الوقت الذي بدأ العالم بالضغط فعليا بهذا الاتجاه. في نيويورك، صرح الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان ان "بنية" عملية السلام و"تصميمها" قد يحتاجان إلى ادخال "تعديلات" عليها. ولم يحدد هل يتخذ هذا التغيير الأطراف المعنية بقمة شرم الشيخ لتوسيع المساهمة في العملية السلمية أو شكل مؤتمر مدريد للسلام الذي لا ينحصر بالمسار الفلسطيني، بل يتناول المسارات السورية واللبنانية أيضاً. وأكد أنه سيتحدث مع القادة في القمة الإسلامية في الدوحة في "سبل دفع العملية السلمية إلى الأمام"، مشيراً إلى أولوية الدور الأميركي من دون استثناء مساهمة فعلية للمنظمة الدولية وللاتحاد الأوروبي. وحرص أنان على شرح ما قصده في تصريحاته في شأن انشاء قوة حماية دولية، ونفى أن يكون عارض الفكرة، وإنما أشار إلى "ضرورة موافقة الطرفين" على مثل هذه القوة. ووصف زيارة الرئيس الفلسطيني ورئيس الوزراء الإسرائيلي لواشنطن هذا الأسبوع بأنها "مؤشر جيد... وايجابي". ورأى أن من المهم "التركيز على الخطوات الاضافية لتعزيز الحوار" بغية تمكين القادة من احياء العملية السلمية. وقال مكتب باراك في بيان أمس ان رئيس الوزراء "يدعو قادة العالم اجمع الى حمل عرفات على الوفاء بتعهداته في قمة شرم الشيخ ووقف اعمال العنف وعدم اتخاذ اي اجراء من جانب واحد". وأوضح البيان ان باراك بعث برسالة الى رؤساء دول العالم كافة وصف فيها الوضع الراهن مع الفلسطينيين واكد "ان اسرائيل اوفت بالتزاماتها في حين ينتهك الفلسطينيون التزاماتهم". اقتراح بيلين وما زال الاسرائيلون الذين يتوجه رئيس حكومتهم ايهود باراك الى واشنطن السبت المقبل للقاء كلينتون الاحد يصرون على المواقف التي طرحها باراك في قمة كامب ديفيد. ورأى وزير العدل الاسرائيلي يوسي بيلين ان على اسرائيل ان "تستغل نافذة الفرص الاخيرة المتبقية لنا في الفترة ما بين الانتخابات الاميركية واداء اليمين القانوني للرئيس الاميركي الجديد في العشرين من كانون الثاني يناير المقبل للتوصل الى تسوية دائمة لا تمس بالخطوط الحمر لاي طرف". واضاف بيلين في مقال نشرته له صحيفة "هآرتس" العبرية ان هذه "التسوية" تقوم على مباديء منها اقامة دولة فلسطينية غير مسلحة عاصمتها "القدس"، وتعديل حدود العام 1967 لتتضمن الكتل الاستيطانية الكبرى التي يعيش فيها نحو 80 في المئة من المستوطنين وتوسيع قطاع غزة. وسيكون ذلك تطبيقاً كاملاً لقرار مجلس الامن الرقم 242. و"حل مشكلة اللاجئين عام 48 من خلال اعادة تأهيلهم الاقتصادي واعطاء المجال لاستيعابهم في الدولة الفلسطينية الناشئة وفي الدول التي يعيشون فيها والدول التي توافق على استيعابهم". تجريب اسلحة الى ذلك، كثفت القوات الاسرائيلية من "تجاربها" في الميدان الفلسطيني لاسلحتها التي تتصدى بها للمتظاهرين، اذ استخدمت امس نوعاً جديداً من الغاز الخانق الذي يؤدي الى تشنجات مؤلمة للاطراف، وهو غاز لا لون له ويؤذي اساساً العيون ويسبب حالات اختناق شديد ولا يستطيع من يستنشقه الوقوف على قدميه. وفي بيت لحم وقطاع غزة كثف القناصة الاسرائيليون استخدامهم الاسلحة النارية الكاتمة للصوت. واستشهد الشاب عمارنة خلال مواجهات في مدخل بيت لحم برصاصة قناص تمركز فوق سطح احد المنازل واختار ضحيته بدقة بعد مراقبة استمرت ساعات. والمشهد ذاته تكرر في غزة قرب من مدخل المنطار حيث اصيب 15 فلسطينياً من بينهم طفل اصيب في الوجه. سورية من جهة اخرى، طالبت سورية بتأجيل مؤتمر الشراكة الاوروبية - المتوسطية المقرر يومي 15 و16 الشهر الجاري في مرسيليا الفرنسية، وذلك في اطار سعيها إلى "وقف التطبيع" مع اسرائيل. وقالت مصادر رسمية ان وزير الخارجية السيد فاروق الشرع تلقى امس اتصالا من نظيره الفرنسي هوبير فيدرين جرى خلاله "توضيح الموقف السوري من طلب تأجيل موعد انعقاد المؤتمر انسجاماً مع قرارات القمة العربية الاخيرة، اضافة الى ما تشهده الساحة الفلسطينية من احداث دامية اوجدت صعوبات بالغة في طريق عقد مثل هذه المؤتمرات على المستويين الشعبي والرسمي". وكان الشرع اعلن ان سورية ولبنان "يفكران" في مقاطعة الاجتماع وان الموقف النهائي سيتخذ في اجتماع وزراء الخارجية العرب المقرر على هامش مؤتمر القمة الاسلامية اليوم في الدوحة. وعلمت "الحياة" ان القاهرة تقترح المشاركة العربية في المؤتمر ل"عرض وجهة النظر العربية في هذا الشأن"، فيما تطالب دمشق "الدول العربية بالمقاطعة التزاماً بقرار القمة".