يتوقع المطلعون على تفاصيل الاتفاقات، التي تعدّها بغداد، ممن تحدثت اليهم "الحياة" أن تحقق دولة الامارات الريادة بين الدول المجاورة للعراق التي تتسابق على الاستفادة من الانفتاح الاقتصادي الذي ينتظر أن تقدم عليه بغداد في الآونة المقبلة، في حال وافقت الاممالمتحدة على إلغاء الحظر الدولي المفروض منذ عام 1990. وعكس الحضور الواسع النطاق للشركات والدول التي شاركت في الدورة 33 ل"معرض بغداد الدولي 2000" الأهمية التي بدأ العالم الخارجي يوليها للسوق العراقية، حيث يُنتظر أن تفوق قيمة العقود الضخمة التي سيفاوض العراق على ابرامها في السنتين المقبلتين 40 بليون دولار، وهو مبلغ يسيل له لعاب مندوبي آلاف الشركات ممن حضروا عارضين وزواراً الى معرض بغداد. وقال ل"الحياة" مصرفي خليجي عاد من العراق أخيراً: "نجحت الولاياتالمتحدة وبريطانيا في بناء احتياط مالي ضخم للعراق يفوق 15 بليون دولار. وتدرك الشركات جميعاً أن هذه الأموال التي تحتجزها الأممالمتحدة ولجنة العقوبات الدولية ستعود الى العراق ليتصرف فيها كيفما يشاء في تعاقداته الدولية، إن عاجلاً أم آجلاً". وأضاف، مشترطاً عدم ذكر اسمه: "كلما تلكأت لجنة العقوبات في إجازة العقود التي يُبرمها العراق لاستيراد السلع والمعدات التي يحتاجها كلما تراكمت في حساب العراق أموال ضخمة يزداد حجمها بسرعة مذهلة. وهذا يعني أن العراق سيتمكن في حال بقيت أسعار النفط مرتفعة من جني عوائد تُقدر بنحو 40 بليون دولار إضافية في مدى سنتين من الآن". واستطاع العراق، مذ بدء تطبيق "تفاهم النفط مقابل الغذاء"، تحقيق عوائد نفطية بقيمة 35 بليون دولار اقتطعت الاممالمتحدة منها 12 بليون دولار لتغطية نفقاتها والتعويضات المفروضة على العراق، في حين لم يصل الى العراق الا نحو 3،8 بليون دولار أي ما يعادل بليوني دولار أتيح لبغداد التصرف بها في السنة الواحدة. إلا أن المبالغ التي ستبقى للعراق من دخله مستقبلاً ستعادل 75 في المئة من اجمالي عوائد مبيعاته النفطية، وهو ما يبرر تقديرات المحللين الاقتصاديين التي تؤهّل العراق ليكون إحدى أسواق التعاقدات الأكثر نشاطاً في السنتين المقبلتين في كامل منطقة الشرق الأوسط. وكان ملفتاً في هذا الاطار التحرك النشط الذي قامت به الشركات الاماراتية البالغ عددها 67 شركة والتي حضرت معرض بغداد الذي يستمر حتى الأحد المقبل. كما لفت الاهتمام الكبير الذي حظي به جناح الامارات في المعرض، كذلك الأمر بالنسبة الى الاهتمام الرسمي الذي لقيه الوفد الاماراتي الذي زار بغداد الأسبوع الماضي على متن طائرة تنقل مساعدات اغاثية قادمة من دولة الامارات، برعاية الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رئيس دولة الامارات. وكانت أثارت الاهتمام خلال الأيام الماضية خطوات الانفتاح العلنية والكبيرة التي قام بها كل من الاردن وتركيا وايران تجاه العراق. إلا أن هذه الدول التي تحاول ايجاد موطىء قدم لها في السوق العراقية التي تتأهب للانفتاح على العالم الخارجي، لم تحقق القدر نفسه من الاهتمام الذي تحظى به دولة الامارات. وكانت دبي، التي تُعتبر العاصمة الاقتصادية لدولة الامارات، استفادت من الصراع الذي خاضه العراق في العقدين الماضيين لتلعب دوراً وسيطاً بين السوق العراقية والأسواق الدولية، نظراً الى العلاقات الوثيقة التي نسجتها دولة الامارات مع هذه الأسواق ونجاحها في تصدر صناعة إعادة التصدير في كل العالم العربي. ومنذ انطلاق سلطة موانىء دبي ومنطقة جبل علي الحرة نهاية الثمانينات كوّنت دبي لنفسها خبرة دولية في مجال النقل البحري والجوي وأعمال الشحن الدولية وخدمات المناولة البرية والبحرية. كما تحولت الى قطب اقليمي ودولي في مجال التجارة وباتت مركزاً لعمليات كبرى الشركات الدولية المتعاملة مع منطقة الشرق الأوسط وبلدان الخليج. وقال عبدالرحمن غانم المطيوعي المدير العام لغرفة تجارة وصناعة دبي ل"الحياة"، بعد زيارته بغداد الأسبوع الماضي، إن "دبي مهيأة للعب دور كبير كمحطة رئيسية لحركة الاستيراد والتصدير التي سيكون العراق مسرحاً لها مع زوال القيود التي رافقت فرض الحصار وحتى اليوم". وأضاف: "تحتل دبي اليوم المركز الأول في كامل المنطقة على صعيد صناعة التصدير واعادة التصدير. وهي تملك روابط مع الاسواق الدولية سيستفيد العراق منها لتلبية حاجات التنمية ومشاريع البنية الاساسية واعادة تفعيل القطاعات الاقتصادية والانتاجية، كما تبين لنا خلال لقاءاتنا وجولاتنا مع الاخوة المسؤولين في بغداد" مشيراً إلى أن هؤلاء المسؤولين أكدوا أنهم "يكنون لحكومة دولة الامارات كل احترام وتقدير لموقفها الايجابي الذي تقفه في مساندة العراق في قضاياه وعلى كل الصعد". وكان عدد كبير من الوزراء والمسؤولين حرصوا على التقاء الوفد الاماراتي في خطوة حظيت مباشرة بموافقة الرئيس العراقي صدام حسين.