رصد الخبير في مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية في مؤسسة "الاهرام" مدير تحرير تقرير الحالة الدينية في مصر ضياء رشوان، عوامل عدة أدت إلى انتصار "الإخوان المسلمين" وانتكاسة الأحزاب الشرعية وعلى رأسها الحزب الوطني الحاكم في مرحلتي الاقتراع. واعتبر رشوان، في حديث الى "الحياة"، أن الاشراف الكامل للقضاء على عملية الاقتراع "كان العامل الحاسم والأهم في الانتخابات حيث أدى إلى توفير مناخ غاية في الحيدة والنزاهة لم يسبق لمصر أن عرفته في تاريخها الانتخابي". وقال: "أدى ذلك الوضع الجديد إلى ارجاع نسب التصويت في الدوائر إلى مستواها الطبيعي، اذ راوحت بين 20 و30 في المئة من الناخبين، مما أدى إلى زيادة فرص المرشحين القادرين على تنظيم الناخبين المؤيدين لهم وتعبئتهم. واستطاع مرشحو الإخوان الاستفادة من ذلك الوضع الجديد بصورة مثالية عبر قدراتهم العالية على الترابط التنظيمي سواء مع أعضاء الجماعة الآخرين أو مع الناخبين المؤيدين لهم". وأضاف: "أدى الإشراف القضائي الكامل على عملية الاقتراع إلى تراجع نهائي تقريباً في قدرة الدولة على التدخل فيها لمصلحة مرشحيها أو ضد مرشحي الإخوان كما كان يحدث كثيراً في الانتخابات السابقة، مما مكنهم من الاعتماد فقط على حشد الناخبين وتعبئتهم وهو ما كانوا يتمتعون فيه بميزة نسبية أحسنوا استخدامها". ورأى رشوان أن خسارة الحزب الوطني "عكست وجود اتجاه لدى الناخبين المصريين لمعاقبته عن طريق عدم التصويت لمرشحيه واعطاء الأصوات لأي مرشحين آخرين من خارجه". وقال: "تأكد ذلك الاتجاه عبر سقوط عدد كبير من رموز ذلك الحزب وبعضهم ظل عضواً في البرلمان لخمس أو ست دورات متعاقبة". لافتاً إلى أن الدراسات الانتخابية تعتبر "الاقتراع العقابي" واحداً من العوامل التي زادت من فرص مرشحي "الإخوان"، اذ "ذهبت اليهم بعض تلك الأصوات الرافضة لسياسات ومرشحي الحزب الوطني الحاكم". لكنه أوضح أن ذلك النوع من الاقتراع "لا يعبر بدقة عن الاتجاهات الحقيقية للناخبين تجاه القوى السياسية المختلفة". ورجح أن تلك الاتجاهات ستزداد وضوحاً في الانتخابات المقبلة في مصر خصوصاً بعد تأكد الناخبين من قدرتهم على إنجاح من يريدونه واسقاط من يرفضون وجوده في البرلمان الذي يمثلهم". وأشار إلى أن عدد المقاعد التي حصلت عليها الأحزاب المعارضة المرخص لها في المرحلتين 4 وفد - 4 تجمع - 2 ناصري "يعكس أكثر من ظاهرة، الأولى الخسارة الكبيرة التي مُني بها حزب الوفد قياساً إلى هدفه المعلن في تلك الانتخابات وهو إحراز مئة مقعد لمرشحيه ال300، الأمر الذي سيؤثر من دون شك في قدرة قيادة الحزب الجديدة ممثلة في رئيسه الدكتور نعمان جمعة على توجيهه خلال المرحلة المقبلة. كذلك فإن الحزب الناصري الذي لم يوفق رئيسه السيد ضياء الدين داوود، وحقق فقط مقعدا واحدا في المرحلتين في مقابل أربعة من الناصريين المستقلين عن الحزب والمختلفين مع قيادته، ستؤدي تلك النتائج إلى حدوث مشكلات كبيرة في داخله. فتلك النتائج ستزيد من صدقية هؤلاء المستقلين الناصريين ومن حصار قيادة الحزب، الأمر الذي يفتح الباب أمام ضغوط قوية عليها قد تؤدي إلى تغييرات مهمة فيها. ويعد حزب التجمع وفقاً للنتائج المحققة حتى الآن أكثر أحزاب المعارضة استقراراً نظراً لعدم توقعه منذ البداية تحقيق نتائج أعلى منها بكثير، فضلاً عن عدم وجود ضغوط وخلافات داخلية أو خارجية على قيادته وتوجهاتها السياسية والانتخابية". واعتبر رشوان أن المستقلين "مثلوا الظاهرة الأهم في نتائج الانتخابات حيث ان الرقم الرسمي لهم خلال المرحلتين الأولى والثانية هو 48 مستقلاً منهم 15 من الإخوان وإسلامي واحد وثلاثة ناصريين بمجموع 19 عضواً. وبذلك يبقى هناك 29 عضواً مستقلاً يمثلون كتلة كبيرة لم يسبق وجودها في البرلمان المصري منذ مجلس العام 1976. ولا شك أن تلك الكتلة التي يتوقع ان يصل عدد اعضائها الى ما بين 04 و50 بعد نهاية المرحلة الثالثة ستمثل ثقلاً برلمانياً مهماً سيؤثر بشدة على أداء المجلس خصوصاً، حيث ستحرض على جذب أكبر عدد ممكن من هؤلاء إليها في لحظات الخلاف والتصويت البرلماني".