تصحو من النوم صباحاً، وتدخل الحمام لتغسل وجهك بصابون أميركي أو توكيله على الأقل، ثم تنظف أسنانك بالمعجون الأميركي، وتحلق ذقنك مستخدماً الكريم الأميركي والماكينة الاميركية، ثم ترتدي البذلة التي اشتراها لك "حماك" أثناء رحلته العلاجية لأميركا في الشتاء الماضي. تتوجه لتناول إفطارك، فتبدأ بعصير البرتقال الذي اشترته زوجته من سوبر ماركت "سينسبوري" الذي فتح أبوابه في المبنى الملاصق لبيتك. وتُرضي معدتك بالفول المدمس المعلب الأميركي بالخلطة السوداني الجاهزة، وتعدل مزاجك بفنجان القهوة الأميركي الملون بالحليب المجفف الأميركي والمحلى بالسكر الأميركي. أما طفلاك فيلتهمان طبقي الحبوب الأميركية المغطاة بالسكر. وبعد انتهاء الإفطار، تصطحب طفليك في سيارتك الأميركية الفارهة التي ابتعتها من سوق السيارات قبل شهرين بسعر ممتاز، وتوصلهما الى باب المدرسة الاميركية التي ألحقتهما بها لأنها تتبع النظام الاميركي في التعليم، ليحصلا على الشهادة الثانوية الاميركية التي تؤهلهما لدخول الجامعة الاميركية. تتوقف في الطريق لتزود سيارتك بالوقود من الشركة الاميركية الأشهر، وتفتح حقيبتك الأميركية لتدفع ثمن الوقود. تتوجه إلى عملك في المصرف الاميركي. وأثناء انتظار وصول المصعد الأميركي، يرن هاتفك المحمول الأميركي، ويأتيك صوت زوجتك تذكرك بالألفي دولار الأميركية المطلوبة لسداد بقية مصروفات مدرسة الأبناء. في منتصف النهار، يسألك زميلك في المكتب المجاور السؤال المعتاد في ساعة الغداء "ماكدونالدز أم كنتاكي أم بيتزا هات؟"، تعلن ضجرك من تلك الوجبات الأميركية العديمة الفائدة، وتطالب بوجبة مشبعة من "كيني روجرز" وبعد الغداء، تستهلك علبة كاملة من لبان "تشكلتس" للمساعدة في إزالة آثار عسر الهضم، التي لا تزول إلا بعد ابتلاع نصف لتر من "كوكاكولا". تعود إلى متابعة العمل مستخدماً برنامج الكومبيوتر الأميركي، وتشعر بحرارة الجو، فتدير جهاز التكييف الأميركي، تدير كذلك جهاز التلفزيون الاميركي، وتوترك أنباء انخفاض الأسهم في بورصة نيويورك. تشعل سيكارة "مارلبورو" علها تخفف حدة التوتر. هاتفك المحمول لا يعطيك هذه الفرصة، يرن بإصرار، زوجتك تهاتفك مرة أخرى لتذكرك بأن ابنكما الكبير طلب شراء مجموعة شخصيات "باور رينجرز" الاميركية، فيما اكتفى شقيقه الأصغر بطلب حقيبة على شكل ميكي ماوس على أن تكون أصلية ماركة "والت ديزني" الاميركية. ينطلق جهاز الانذار ضد الحريق الاميركي في البنك لكنه انذار كاذب. تقرر أن تنصرف مبكراً بعض الشيء لتشتري الألعاب التي طلبها الأولاد. تجد غايتك المنشودة في محل "لاف آند أفكشين" Love and Affection، وتدفع ثمنها مستخدماً بطاقة الائتمان الاميركية. ومن محل اللعب إلى السوبر ماركت حيث تخرج محملاً بالشامبو ومنعّم الشعر ومختلف أنواع البسكويت والشوكولاته الأميركية للأولاد. تتوجه الى النادي، وترتدي ثياب الرياضة الاميركية، وتنتعل الحذاء، وتضع سماعات جهاز الكاسيت الصغير على أذنيك بعد أن تزوّده بطاريات أميركية جديدة، تتوجه إلى المضمار وتركض ببطء على الأرضية "الترتان" الأميركية وانت تستمع إلى مطربك الاميركي المفضل. تنتهي من الساعة الرياضية، فتتوجه إلى محل العصائر الاميركي الجديد الذي افتتح في المضمار، ويميل عليك البائع بحرص، ويطلب منك مساعدته في الحصول على 50 دولاراً بالسعر الرسمي لأن قريباً له يبيع جهاز تلفزيون اميركياً مستعملاً لقطة، لكنه يشترط الحصول على ثمنه بالدولار. تعود إلى البيت وأنت منهك تماماً، لكنك نسيت أنك وعدت الطفلين بتناول العشاء في "هارديز" أو "آربيز" الاميركيين، ولا تفلح اللعب الاميركية في إثنائهما عن عزمهما. تعود مجدداً إلى البيت، ورأسك يكاد ينفجر، الألعاب تهرع إلى علبة "بانادول" الاميركية، تبتلع قرصين، وتدفن رأسك في الوسادة الاميركية ذات المقاييس الطبية التي حصلت عليها من السوق الحرة الأميركية قبل عامين. تصحو على جرس الباب الأميركي الذي يرن من دون انقطاع، تفتح الباب لتجد البواب يطالبك بالنزول فوراً إلى الشارع بعدما وجد طفلين يجرحان سيارتك الاميركية بشفرة اميركية حادة. ترتدي الروب الاميركي الذي ابتاعه لك الأولاد أثناء الرحلة المدرسية إلى والت ديزني العام الماضي، تعاين الخسائر، وتهرع إلى الزجاجة الاميركية السحرية التي اشتريتها بالبريد، لتزيل آثار التجريح. تعود إلى البيت، بعدما هرب النوم من عينيك غير الأميركيتين، تجلس على المقعد ذي الموديل الأميركي، بعدما وضعت فيلماً أميركياً في جهاز الفيديو. وفي خضم الأحداث، وبينما يتناقش البطل الأميركي مع زملائه الاميركيين حول جدوى الخوض في حرب فيتنام يغلبك النعاس، وتحلم بأن طلب الهجرة الذي تقدمت به إلى السفارة الاميركية قُبل. وتفضل أن تبحر إلى هناك هرباً من حوادث الطائرات في أميركا. لكن السفينة تغرق، وبينما تحاول النجاة، تجد نفسك محاطاً بفتيات مسلسل "باي واتش" الاميركي اللاتي يسبحن بك إلى بر الأمان الأميركي. تفاجأ بأنك تقف كما ولدتك أمك ومن دون حفاضة أميركية ومياه المحيط تتساقط منك، والمارة الاميركيون يرمقونك بخوف تارة، وتهكم طوراً ولا أحد يتوقف. فجأة تظهر والدتك بغطاء رأسها الأبيض المميز وتغطيك بملاءة كبيرة. تصحو من نومك بغتة على الصوت العالي الطالع من التلفزيون الاميركي بعدما انتهى فيلم الفيديو الاميركي. تدعو لوالدتك بتمام الصحة والعافية، وتقرر سحب طلب الهجرة الاميركي قبل توجهك إلى عملك في المصرف الاميركي صباح اليوم التالي.