مبادرة رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري تجاه البطريرك الماروني نصرالله صفير وإعلانه قرب "البحث" في تحديد "تموضع" القوات السورية على أرض لبنان، اعتبرها بعضهم "أهم حدث سياسي داخلي منذ التوصل إلى اتفاق الطائف"، ونظر إليها آخرون على أنها ضبط للسجال حول الوجود السوري، وإدخاله حظيرة الحكومة لحمايته من الشطط، وتفويت أي فرصة لتحالفات ضده، بخاصة بعد دخول رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط على خط الأزمة. المتفائلون يرون في مبادرة بري استجابة وطنية لنداء مجلس المطارنة ومحاولة جادة للتمسك باتفاق الطائف، وتثبيته كأساس ومرجعية لعلاج المشاكل السياسية والعلاقة مع سورية، ونقل قضية الوجود العسكري السوري من حال السجال إلى الحوار، والتصدي لأي محاولة لتوسيع رقعة الخلاف في هذا الموضوع. أما المتشائمون من إيجاد حل لقضية الوجود السوري، فيرون في زيارة نبيه بري للبطريركية المارونية مبادرة باردة على نداء ساخن، لأنها كرست المشكلة وزادتها تعقيداً، فأشارت إلى قرب "البحث" في مراكز "التموضع" ولم تتطرق إلى مواعيد انسحاب الجيش السوري، بعدما استنفد وجوده أغراضه العسكرية وفقد مبرراته السياسية، وصار سبباً للخلاف على الساحة اللبنانية، فضلاً عن أن رئيس مجلس النواب ظهر في هذه المبادرة كمن يلعب دور الوسيط لسورية، التي ظهرت كأنها تخوض مفاوضات على وجودها مع فرقاء لبنانيين، وليس مع لبنان أو اللبنانيين. الأكيد أن السجال حول تواجد الجيش السوري على الأرض اللبنانية محتاج إلى توافق بين اللبنانيين قبل الحوار مع سورية، والأكيد أيضاً أن بعض اللبنانيين مستفيد من هذا الوجود الذي تحول من وسيلة موقتة لتثبيت اتفاق الطائف إلى أداة سياسية لإذكاء خلافات ما قبل الطائف وبعده، ولتثبيت أغراض ومصالح لا علاقة لها بالطائف، أو حتى بيروت.