تتشابه حياة الحكم المغربي الدولي سعيد محمد بلقولة على الصعيدين العملي والرياضي، اذ انه يعمل مفتشاً جمركياً خارج الملعب مهمته الوقوف في وجه الممنوعات ومنع التجاوزات، وهو يقوم بدور مشابه داخل المستطيل الاخضر ببحثه عن الاخطاء ومنعها. وقبل عام 1998، لم يكن الكثيرون من الرياضيين في انحاء المعمورة يسمعون باسم هذا الحكم المغربي. لكن الامر اختلف تماماً بعد ذلك التاريخ، وبات بلقولة علماً في رأسه نار... وأخذ الجميع يرددون اسم بلقولة في كل مكان. وعن هذا التحول اوضح بلقولة "نعم لم يكن العالم يعرفني، بدأت حكماً عام 1983 وادرت اول مباراة في الدوري المغربي الممتاز عام 1987، ثم تمت ترقيتي الى حكم درجة اولى بعد 3 سنوات، ونلت الشارة الدولية بعد 3 اخرى. كنت معروفاً في المغرب، ورسخت اسمي في البطولات العربية والافريقية وبات الجميع يعرفونني. ولذا عندما رُشحت للتحكيم في كأس العالم، لم اكن مجهولاً عربياً وافريقياً. حلم بلقولة طويلاً بادارة اهم مباراة في العالم المتمثلة طبعاً بنهائي المونديال "طالما انني دخلت هذا المجال، ولأنني احب عملي فمن حقي ان احلم بنيل هذا الشرف وتحقيق الحلم وهو ما حصل فعلاً". وعن السبب الذي دعاه الى التوجه نحو خوض تجربة التحكيم على رغم صعوبة مهمة اصحاب الزي الاسود الذي صار ملوناً الآن، قال بلقولة: "مارست التحكيم منذ الصغر، وبدأت في بطولات الاحياء لأنني احببت هذه المهنة. اخلصت لها كثيراً، فاعطتني المجد الذي أنعم به حالياً، كان هدفي هو الابداع واعطاء هذه المهنة صدقيتها ونزاهتها والحمد الله انني قد حققت ما اطمح اليه. وفي المناسبة انا احب الشهرة جداً، واسعد عندما اكون في اي مكان مع عائلتي مثلاً وتشير اليّ الجماهير بالبنان او تحاول الاقتراب مني والتحدث معي". وسيخلد بلقولة الى الراحة اعتباراً من العام المقبل كونه سيبلغ السن القانونية لاعتزال التحكيم "سن 45 هو اقصى ما هو مسموح به للتحكيم ولذا سأتوقف، لكنني لن ابتعد عن المجال الرياضي اذ سأعمل محاضراً دولياً في مجال التحكيم او الادارة الرياضية، ولا تستغرب ان تراني مدرباً". وعن مشاعره ليلة تكليفه بقيادة المباراة النهائية، قال بلقولة: "اخبرني الالماني روت وهو عضو لجنة الحكام الدولية بالخبر، وكنت اتوقع ذلك بعد العروض التي قدمتها. لا اخفيك سراً انني عشت نشوة الفرح لمدة عشر دقائق، ثم عادت الامور الى نصابها وعشت ليلة هادئة وقدت المباراة وحصلت على 9.1 من 10". وعن الطقوس التي يمارسها عندما تسند له مباراة مهمة، اوضح "ليس لي طقوس معينة، اذهب الى فراشي الساعة العاشرة مساءً حتى اكون في قمة لياقتي وحضوري الذهني يوم المباراة، لا اقلل من شأن اي مباراة، واعتبر كل المباريات صعبة". وعما اذا كان يقرأ الصحف يوم المباراة، قال بلقولة :"لا اقرأها قبل المباراة قط، لكنني احرص على متابعتها بعد المباراة لمعرفة رأي النقاد الرياضيين وارفض الاتهامات الشخصية البعيدة عن الرؤية الفنية" وعن الفارق بين اللاعب العربي ونظيره الاوروبي داخل الملعب، اكد بلقولة "اللاعب العربي يختلف عن اللاعب الاوروبي، فالعربي عاطفي بطبعه ويحتاج الى معاملة خاصة وتجده عصبياً داخل الملعب على عكس اللاعب الاوروبي الذي يتميز بالنضج والتعامل الاحترافي". وعن رأيه في تحكيم البطولة الحالية، اوضح انه "لم اشاهد مثل هذا المستوى التحكيمي الرائع، وهذه حقيقة لا بد من ذكرها. والسبب يكمن في تواجد حكام ممتازين، والدليل ان القرارات لم تؤثر في اي نتيجة او تسببت في هزيمة احد الفرق. ويمكنني ان امنح التحكيم 9 من 10، وهي درجة عالية يستحقها الحكام بكل تأكيد" . ويدهشك بلقولة بثقافته العالية ولغته العربية المميزة، وهو يرجع ذلك الى "حرصي على القراءة وبشتى المعارف وخصوصاً العلوم السياسة والاقتصادية وحتى العلمية. اجلس كثيراً الى المثقفين، وافضل مجالسهم واناقشهم في كل شيء، كما انني اجيد التحدث باللغتين الانكليزية والفرنسية وقليلاً من الاسبانية". وعن حياته الأسرية، اشار بلقولة الى انه "اب لثلاث بنات وولد اسمه محمد وعمره 15 عاماً، وهو شغوف بالبرامج الرياضية ويتابع المباريات ويسأل عن شؤون التحكيم وأنا اجيبه واشرح له كل شيء، ولن اقف في وجهه لو اراد ان يكون حكماً فهو حر في اختياراته". وعن رأيه في ما لو اسندت له قيادة المباراة النهائية في البطولة الحالية، خصوصاً لو جمعت الهلال بالنصر، أكدّ بلقولة "لا يهمني ذلك كثيراً، ومهمتي تقتصر داخل الملعب وطوال ال90 دقيقة فقط. لا يهمني جماهير الفريقين او التنافس بينهما ولن انظر لذلك ابداً".