إنجاز علمي جديد.. «محمية الملك عبدالعزيز الملكية» تنضم للقائمة الخضراء الدولية    «PIF» يرفع ملكيته في الشركات المدرجة إلى 1.73 تريليون ريال    مدير تعليم جدة: نتعامل بدقة مع البلاغات الطارئة    «الشورى» يناقش مقترح مشروع «نظام رعاية الموهوبين»    وزارة الداخلية في مؤتمر ومعرض الحج .. الأمن في خدمة ضيوف الرحمن    «إسرائيل» تطالب بترحيل الأسرى إلى الخارج    مرحلة التصويت تغلق.. وإعلان الفائزين في حفل ل"Joy Awards 2025" السبت المقبل    15 ممكناً للمنشآت الأعضاء في برنامج «المشغل الاقتصادي السعودي المعتمد»    الذهب ينخفض مع توترات أسعار «الفائدة».. والأسهم تتراجع    مترو الخرج    ترشيد الإنفاق الأسري    تعزيز الابتكار واستكشاف الفرص الواعدة في قطاع التعدين    أمير الجوف يشيد بدور "حقوق الإنسان"    الطائرة الإغاثية السعودية العاشرة في دمشق    «اجتماعات الرياض» تبحث إعادة بناء سوريا وتحقيق أمنها    ميزة لإدارة الرسوم المتحركة بمحادثات «واتساب»    700 ألف إسترليني لتحرير غوريلا مسجونة    ولي العهد يتلقى اتصالاً هاتفياً من رئيس جمهورية البرازيل الاتحادية    ولي العهد ورئيس وزراء اليونان يترأسان «مجلس الشراكة» ويبحثان المستجدات    الهلال يغري نونيز نجم ليفربول براتب ضخم    بعد انقضاء 16 جولة من دوري" يلو".. نيوم في الصدارة.. والعدالة يواصل المطاردة    " الضوضاء الإعلامية وحارس الفيحاء"    "عدنان حمد" يقود أول حصة تدريبية للعروبة .. والسومة يشارك في التدريبات    برعاية الأمير فيصل بن خالد.. إطلاق جائزة الملك خالد لعام 2025    "محمية الملك عبدالعزيز الملكية" تنضم إلى القائمة الخضراء الدولية    إقامة ملتقى إضاءة عسير للأشخاص ذوي الإعاقة    «الشورى» يناقش تعديل نظام رعاية الموهوبين    حسام بن سعود: المحاكم لها دور في إرساء مبادئ العدل والشفافية    مقترح للدراسة في رمضان    محمد بن عبدالرحمن يقدم التعازي للحميدان و بن حشر و بن نوح    تواصل ارتفاع إجمالي الطلب العالمي للشحن الجوي للشهر 16 على التوالي    قرية "إرث".. تجربة تراثية    تطلق وزارة الثقافة مسابقة "عدسة وحرفة" احتفاءً بعام الحرف اليدوية2025    تشوه المعرفة    بمشاركة عربية واسعة.. «إثراء» يطلق النسخة الرابعة من ماراثون «أقرأ»    لا ناقة لي ولا جمل    نزيف ما بعد سن انقطاع الطمث    تناول الحليب يومياً يقي من سرطان القولون    النوم في الظلام.. يقلل مخاطر الاكتئاب    أرقام «الإحصاء».. والدوسري.. وصناعة المُستقبل    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان أثناء استقبال محافظ الداير له " على عاتقنا مسؤولية الوقوف كدرع منيع لحماية هذا الوطن "    العراق وترمب.. لا منطقة رمادية    من إدلب إلى دمشق!    انطلاق دوري الفرسان التطويري بمشاركة 36 فريقاً    هل أطفالنا على المسار الصحيح ؟!    دول أوروبية تدعو لتخفيف العقوبات على سورية وإبقائها على الأسد    تحديث وإنجاز    اختبار أخير لجوميز الأهلي    "سعود الطبية" تُنقذ 600 مريض يعانون من النزف الهضمي في 2024    هيئة الهلال الاحمر السعودي بنجران تتلقى 12963 بلاغاً خلال عام 2024    فيصل بن مشعل يزور محافظة أبانات ويلتقي الأهالي    ختام مؤتمر مبادرة رابطة العالم الإسلامي لتعليم الفتيات في المجتمعات المسلمة    الأمير سعود بن نهار يلتقي مدير إدارة المساجد بالمحافظة    أمسية شعرية مع الشريك الأدبي يحيها وهج الحاتم وسلمان المطيري    مواد إغاثية سعودية للمتضررين في اللاذقية    المسجد النبوي يحتضن 5.5 ملايين مصل    هل نجاح المرأة مالياً يزعج الزوج ؟!    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة الأميرة فهدة بنت فهد بن خالد آل سعود    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"عجائب الهند " للأوسي السيرافي وليس لبزرك بن شهريار
نشر في الحياة يوم 11 - 11 - 2000

حظي "كتاب عجائب الهند" منذ صدرت طبعته الاولى في ليدن 1883 - 1886م بتحقيق المستشرق الهولندي فان ديرليت، باهتمام الباحثين في شؤون الجغرافيا والتاريخ والفولكلور الخاص بالخليج العربي وجوار المحيط الهندي. يشكل الكتاب مصدراً مهماً للقصص البحرية الحافلة بالمبالغات والأساطير. قال عنه كراتشكوفسكي انه وضع في 342 هجري / 953م، وليس لدينا معلومات عن المؤلف سوى ما تقدمه لنا قصصه نفسها، فنجد إن المتحدثين فيها ينتمون خصوصاً الى فترة 288 - 342 هجري / 900 - 953م وبعض هذه القصص يرجع الى نهاية القرن العاشر وفقاً لرأي ميزان ص 162 من "تاريخ الأدب الجغرافي العربي". ويضيف كراتشكوفسكي الى ذلك ان قصصه "تمثل مصنفاً ادبياً لا يقل عن افضل مواضع "اسفار السندباد" بل يفوقها احياناً" ص 163.
ومنذ ذلك الحين ومع تعدد طبعات الكتاب دأب محققوه على طبع اسم مؤلفه على الغلاف "بزرك بن شهريار الناخداه الرام هرمزي". وهو مؤلف مجهول لا يوجد له ذكر في اي مصدر تاريخي او جغرافي وهو الاسم الموجود على غلاف مخطوطته.
واخيراً وبعد الخطوة المشكورة التي خطاها الاستاذ فؤاد سزكين بطبعه مجموعة من مخطوطات التراث العربي طبعة تصويرية اصدرها في فرانكفورت، كان بينها كتاب "مسالك الابصار" لابن فضل الله العمري، نكتشف فجأة اسم المؤلف الحقيقي لكتاب "عجائب الهند"، ونكتشف المخطوطة الاكمل والاوسع لهذا الكتاب. فبعد مقدمة طويلة تحدث فيها ابن فضل الله عن البحار واسمائها وما فيها وعن أنواع الرياح التي تحرك السفن التي تمخر عبابه، انتقل للحديث عن عجائبه قائلاً: "وأما ما ذكره ابو عمران موسى بن رباح الاوسي في كتاب صنعه لكافور الاخشيدي وسماه الصحيح من اخبار البحار وعجائبها وما يتعلق بذلك أن ملك الرا وهو اكبر ملوك الهند...". ونكتشف ان قصة "ملك الرا" هي القصة الاولى في كتاب "عجائب الهند" المنسوب لبزرك بن شهريار نفسه، وان القصص الاخرى الموجودة في هذه المخطوطة هي نفسها الموجودة في "عجائب الهند" المذكور، بل إن المخطوطة الجديدة تتضمن قصصاً اخرى لم تكن موجودة في النص المطبوع.
وقبل البحث في هوية موسى بن رباح الاوسي السيرافي، لا بد من الإشارة الى ان قارئ هذا الكتاب يلاحظ كثرة السيرافيين الذين يروي عنهم مؤلفه مما يدل على وشيجة بينه وبينهم في المواطنة او النسب حتى قبل ان تكتشف المخطوطة الجديدة الموجودة لدى ابن فضل الله. ولقد ظل السيرافيون لفترة طويلة هم والعمانيون اسياد الرحلات البحرية في المحيط الهندي حيث قال عنهم المسعودي في "مروج الذهب": "نواخذة هذا البحر، وهم ارباب المراكب من السيرافيين والعمانيين". ولقد بحثنا كثيراً عن هؤلاء السيرافيين والعمانيين المذكورين في "عجائب الهند" فلم نجد لهم خبراً.
أما مؤلف "عجائب الهند" فترجم له ابن النديم في "الفهرست" ضمن طبقات المعتزلة فقال: "أبو عمران موسى بن رباح، من متكلمي المعتزلة" ثم ذكر اساتذته ولم يذكر له كتاباً واحداً وترك مكان كتبه خالياً، ثم اضاف: "قيل إنه يحيا في زماننا هذا بمدينة مصر وقد جاوز الثمانين". ولما كنا نعلم ان ابن النديم الف كتابه "الفهرست" سنة 377 هجري، يكون مولده في حدود 297 هجري، فإذا اضفنا لذلك قول ابن حجر في "لسان الميراث" من أنه توفي حدود 400 هجري، يكون الرجل قد عمر طويلاً حوالي 103 سنوات، إذا صح ما ذكره ابن النديم وابن حجر.
وفضلاً عن شهرته بسبب آرائه الاعتزالية التي اثارت حولها ردود فعل عنيفة نالته بسببها "المحن العظام" - كما اجمع على ذلك مؤرخو حياته - فقد كان واحداً من "الأعلام" على حد تعبير الوزير ابن الفرات الفضل بن جعفر المعروف بابن حنزابة، حيث حضر الاوسي السيرافي هذا مع جمع من العلماء مجلساً للنقاش في بيت هذا الوزير عام 326 هجري كما ذكر التوحيدي في "الامتاع والمؤانسة". وصلته بابن الفرات هذه هي التي تفسر لنا علاقته اللاحقة بكافور الاخشيدي الذي اهداه كتابه "الصحيح من اخبار البحار" المطبوع باسم "عجائب الهند" والمنسوب لبزرك بن شهريار. ذلك ان ابن الفرات هذا له ولد يدعى جعفر بن الفضل عرف بابن حنزابة ايضاً استوزره بنو الاخشيد في مصر، وهم الذين ينسب اليهم كافور الاخشيدي الذي استقل بحكم مصر بين 355 و357 هجري.
ويبدو ان علاقة موسى بن رباح بآل الفرات في بغداد هي التي شجعته على الذهاب الى مصر والعيش فيها حتى فترة حكم كافور الذي اهداه كتابه هذا.
لقد لاحظنا خلال تحقيقنا للكتاب اعتماداً على المخطوطة التي نقلها ابن فضل الله في كتابه، ان هذه المخطوطة تضم حكايات كثيرة غير موجودة في النص الذي نشره فان ديرليت، وتوالت طبعاته على ايدي محققين آخرين، وعليه فإن ابن فضل الله اعتمد مخطوطة اكمل من المنشورة في ليدن والمنسوبة لبزرك بن شهريار، فضلاً عن ان المخطوطة التي بين ايدينا قد صححت الكثير من التصحيف الحاصل في المواضع واسماء الاعلام من النسخة المطبوعة، إضافة الى إكماله بعض الاسماء والفراغات التي ظلت خالية حتى الآن.
إن تقاطع الكثير من اخبار هذا الكتاب مع ما ورد في "اخبار الصين والهند" المنسوب لسليمان التاجر او تكملته المنسوبة لابي زيد الحسن السيرافي، أو الواردة في "مروج الذهب" وعشرات المصادر الاخرى تمنح هذا النص المكتشف اهمية إضافية وتجعله جديراً بطبعة تصحح ما وقع فيه من تصحيف وتحريف لاعتماد جميع طبعاته التي صدرت حتى الآن على نسخة فريدة ناقصة.
اخيراً نشير الى ان المخطوطة المكتشفة تحمل تواريخ جديدة في قصصها المضافة، فإحدى هذه القصص تحمل تاريخ 350 هجري وتحمل اخرى تاريخ 367 هجري مما يلغي آخر تاريخ مكتوب في النسخة المطبوعة سابقاً وهو عام 342 هجري.
* كاتب عراقي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.